عادي

التاجر وعامل النظافة

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق
محكمة
المحكمة

كتب: محمد ياسين 
تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
لم يستطع مستثمر خليجي تحمل الخسارة المستمرة في أرباح شركته المتخصصة في صيانة ونظافة المباني، فمنذ تأسيسها قبل عقد من الزمان وأرباحها تتزايد عاماً بعد عام وينمو معها عملاؤها ، فبين عشية وضحاها بدأت الشركة تحسر ليس فقط من أرباحها، بل إنها بدأت تخسر رأس مالها ولم يعرف المستثمر غير المقيم في دبي سبب هذا الانهيار المستمر.
وبعد عامين من الخسائر المستمرة وغير المبررة ، قرر المستثمر بسبب عدم تفرغه للشركة أن يبحث عن شريك ووقع اختياره على شريكة آسيوية لها خبرة في مجال إدارة الشركات المشابهة في الدولة فأوكل لها الإدارة لتنقذه من تلك الخسائر وتبحث عن سبب انهيار كيان مؤسسته، وعلى الفور باشرت الشريكة الآسيوية عملها وطلبت الاجتماع بالعمال والمسؤول عنهم في مقر الشركة، وفي اليوم المحدد حضر جميع العاملين ليتعرفوا إلى الشريكة التي طلبت منهم التعاون معها حتى تتمكن من تحسين أوضاع عملهم وترقية من يستحق والتعرف إلى مشكلاتهم في العمل ، وطلبت من المسؤول عن العمل تسليمها ملفات المؤسسة لكونها شريكة وليست فقط مديرة فماطل وحاول تضليلها.
وبعد أيام من تسلم إدارة المؤسسة بدأت الشريكة الجديدة في المؤسسة تصطدم بالمسؤول عن الإدارة في ظل غياب المستثمر غير المقيم، ومن دون سبب تعرفه الشريكة أخفى عقود عمل جميع العاملين في المؤسسة فضلاً عن الملفات الأخرى من عقود صيانة ونظافة لمباني فما منها إلا أن تتحرى من وزارة الموارد البشرية والتوطين عن وضع المؤسسة وعدد عمالها والمخالفات المسجلة عليها.
وفي يوم الاجتماع مع مسؤول في الوزارة اكتشفت أن رواتب العاملين في المؤسسة ليست كما أخبروها وأن هناك تفاوتاً كبيراً لكشوفات الوزارة وكشوفات المؤسسة خاصة المسؤول عن الإدارة من حيث تغير راتبه ووظيفته من عامل نظافة إلى مدير عام للشركة، حيث سجل أول راتب تقاضاه لدى المستثمر 1500 درهم وأصبح خلال عامين فقط 20 ألف درهم إضافة إلى عدد من المخالفات التي ترتبت على الشركة بسبب سوء إدارته.
وبعد حصول الشريكة على المعلومات الموثقة طلبت من المستثمر الاجتماع بشكل عاجل لفتح الملفات كافة والتعرف إلى حقيقة الأمر وكيفية التصرف، فكانت المفاجأة الكبرى أن مشرف العمال من جنسية أقريقية وهو في الأصل عامل نظافة استأمنه المستثمر على أمواله فعين قريباً له بعد أن أصبح هو المسؤول عن الإدارة في ظل غياب المستثمر وأسس شركة وتخصص في سرقة أموال الشركة مع قريبه.
وبعد تقدم المستثمر ببلاغ وفي تحقيقات النيابة تبين أن عامل النظافة أصبح مديرا مسؤول عن كافة أموال المستثمر بعد اتفاقه مع موظف في مكتب للطباعة حيث استغل الأخير صلاحيته في تعديل العقود وتمريرها عبر النظام وتمكن من تزوير 17 عقد عمل ومن ضمنها عقد عمل عامل النظافة مستغلاً التوقيع الإلكتروني وصلاحيات المستثمر الممنوحة للعامل على سبيل الأمانة.
وبينت التحقيقات أن عامل النظافة (المدير المختلس) تمكن من تسخير العمال والفنيين الموجودين على كفالة شركة المستثمر للعمل بمشاريع شركته ويكون هو المستفيد الوحيد من تلك العقود، فخلال عامين أصبح عامل النظافة مليونير وتمكن من اختلاس 750 ألف درهم من أموال المستثمر وعوائد العقود المبرمة لمؤسسة الأخير إضافة إلى أجهزة إلكترونية وهواتف فيها جميع معلومات عملاء المؤسسة التي بدأ فيها عامل نظافة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"