«منتدى الصداقة» وصوت الاعتدال

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

 يعكس منتدى الصداقة، الذي التأم في العاصمة اليونانية أثينا بمشاركة سبع دول عربية وأوروبية بينها الإمارات، مقاربات جديدة بدأت تتشكل في الإقليم وترمي إلى توحيد الجهود لدعم الأمن والاستقرار، والعمل الجماعي لمواجهة جميع التحديات وأهمها التنسيق لتحقيق التعافي من آثار جائحة كورونا، ومكافحة الإرهاب، مع التشديد على الالتزام بالقوانين والأعراف المرعية في العلاقات بين الدول، وأساسها رفض التدخل في شؤون الغير.

الإمارات، صوت الاعتدال والحكمة في كل المحافل الدولية، جددت على لسان ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي تمسكها الدؤوب بنشر ثقافة التسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب وتغليب لغة الحوار والعقل في معالجة الأزمات القائمة. وبالنظر إلى ما هو راهن في الإقليم، فإن هذه القاعدة الدبلوماسية كفيلة بإحداث التغيير وصناعة السلام. ومن خلال ما صدر عن اجتماع أثينا، فإن مصر والسعودية والبحرين وفرنسا واليونان وقبرص إضافة إلى الإمارات، تدعو إلى سياسة عقلانية تأخذ في الاعتبار كل المستجدات والتحولات، وتستعد برؤى جديدة إلى مرحلة ما بعد الجائحة وما تطرحه من تحديات سياسية واقتصادية وصحية. وقد أجمع وزراء الدول السبع على أن اجتماعهم المنعقد في أثينا ليس موجهاً لأي طرف، وإنما يدشن مسعى نبيلاً لخفض التوتر والتصعيد وحل النزاعات بالحوار والسبل السلمية. لكن من دون التغاضي عن سياسة أي طرف إقليمي لا يحترم سيادة الدول ولا يلتزم بمقتضيات ميثاق الأمم المتحدة، في إشارة ضمنية إلى الدور التركي الذي مازال يستفز بسياساته استقرار شرق المتوسط، سواء عبر خطط التنقيب عن الغاز، أو بالتصريحات العدائية، التي تصدر بين حين وآخر من المسؤولين الأتراك، إزاء قبرص واليونان.

في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها العالم ومنطقتا شرق المتوسط والشرق الأوسط، تتطلب العقلانية والتمسك بالمعاهدات والمواثيق لاستدامة الاستقرار الإقليمي، فتجربة التدخلات في شؤون الدول الأخرى لم تثمر أمناً ولا سلاماً، بل ساعدت على انتشار التطرف والإرهاب وعطلت مشاريع التنمية وعصفت بمستقبل الشعوب. وربما يبعث التطور الإيجابي في الأزمة الليبية برسالة متفائلة إلى الجميع مفادها أن الجنوح إلى الحوار يمكن أن يحدث اختراقاً جوهرياً ويمنح الأمل بحل الأزمات الأخرى، خصوصاً في سوريا واليمن والصومال، فأمن المنطقة لا يتجزأ، ونزع فتيل هنا يضعف دعاة الفتنة هناك، وهو منطق سليم بالنظر إلى تشابك العلاقات والمصالح وحتى المؤامرات.

ما توصل إليه المجتمعون في أثينا يبشر بعصر جديد في المنطقة يقوم على التعاون بين الدول والشعوب، وقد يواجه هذا المسعى، في بدايته، عراقيل وعقبات، ولكن بالتصميم عليه يمكن أن يحقق التغيير. فشعوب هذه المنطقة ملت من الصراعات والحروب والمعارك السياسية والإعلامية، وتريد أن تخطو إلى المستقبل بروح جديدة وإرادة حرة تصنع المعجزات، وتؤمن بأن التعايش المشترك هو الحقيقة الثابتة وما سواها عرض زائل لا يدوم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"