عادي

هربت من القتل لتترأس إحدى أعرق جامعات العالم في اسكتلندا

19:34 مساء
قراءة 3 دقائق
1

أدنبرة - أ ف ب
مرّ أكثر من 16 عاماً على فرار ديبورا كاييمبي من منزلها في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بعدما أدركت أن ميليشيات مسلحة ساعدت في كشف أمرها، أرادت قتلها، وهي تستعد اليوم لأن تصبح رئيسة جامعة أدنبرة العريقة التي سيرأسها شخص من أصول إفريقية للمرة الأولى.
ومنذ ذلك الحين، طلبت كاييمبي اللجوء في بريطانيا، وأنشأت أسرة واستقرت في أدنبرة، حيث عملت محامية في مجال حقوق الإنسان وناشطة سياسية.
ورغم حياتها المملوءة بالمشقات والإنجازات، إلا أنها قالت إنها لم تكن مستعدة للرسالة التي تلقتها بعد ظهر الأول من فبراير/ شباط.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، سئلت عما إذا كانت تقبل ترشيحها لمنصب رئيس جامعة أدنبرة التي تأسست في القرن السادس عشر، فقبلت العرض ظناً منها أن حظوظها ليست كبيرة.
وعندما وصلتها الرسالة التي تخبرها بتعيينها لتصبح أول رئيس من أصحاب البشرة السمراء للجامعة، بعد 162 عاماً من تعيين وليام جلادستون أول رئيس للجامعة، كانت كاييمبي (45 عاماً) عاجزة عن الكلام.
وقالت في تصريح صحفي: «إنه أمر لم أتخيّل أبداً أنه سيحصل في حياتي»، مضيفة: «لم أسع لهذه الفرصة أبداً. لقد قُدّمت لي على طبق، لذلك، في الأول من فبراير/ شباط عند الساعة 12,30 ظهراً عندما تم إخطاري رسمياً بأنني المرشحة الوحيدة المناسبة لهذا المنصب، قلت في نفسي: يا إلهي. لقد تحقق الأمر».

عنصرية
قبل أشهر من ترشيحها، وجدت كاييمبي نفسها في قلب صراع أرادت تجنبه منذ البداية، فقد كانت ضحية للعنصرية في اسكتلندا، لكن الهجمات وصلت إلى ذروتها في يونيو/ حزيران الماضي مع اندلاع احتجاجات مناهضة للعنصرية في كل أنحاء العالم بعد وفاة المواطن الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد خلال توقيفه من قبل الشرطة.
فقد كانت كاييمبي متوجهة إلى اجتماع عندما فقدت السيطرة على سيارتها وانحرفت عن الطريق، وبعدما تفحصت السيارة، وجدت أن إطاراتها الأربعة مملوءة بالمسامير.
وقالت: «في المرات السابقة، لزمت الصمت. ففي بعض الأحيان، يجب أن تتحلى بقلب واسع للسماح للأمور بالمرور من أجل المصلحة المشتركة، لكن ما حدث لي في ذلك اليوم كان غير مقبول».
ونشرت كاييمبي ما حدث لها على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بدل المواجهة، اختارت تبني رسالة التسامح والحوار مع مرتكبي الانتهاكات، وتابعت: «قلتُ اسمعوا، هذه الأشياء أصبحت من الماضي. لقد تجاوزناها. إذا كنتم لا تزالون لا تفهمون ذلك، فأنا في حاجة إلى التحاور معكم. كانت هذه رسالتي».
وبعد فترة وجيزة من الحادث، عادت ابنة كاييمبي إلى المنزل من المدرسة وهي تبكي لأن أحد المدرّسين طلب منها تأدية رقصة للعبيد أمام رفاقها في الصف.
وبعد مواجهة المدرسة، قدمت كاييمبي التماساً للبرلمان الاسكتلندي من أجل التصدي بشكل عاجل للعنصرية المنتشرة في مدارس البلاد وجامعاتها.
ووافق البرلمان على طلبها ومن المقرر أن يناقش الأمر خلال الأشهر المقبلة.
وكانت رسالة كاييمبي الداعية إلى الحوار والتسامح هي التي لفتت انتباه جامعة أدنبرة التي تضم بين متخرجيها رؤساء ووزراء وحائزي جوائز نوبل وأبطالاً أولمبيين.
وقالت كاييمبي: «قالوا لي: بصفتك رئيسة الجامعة، ستصل رسالتك إلى العالم كله، وهذا هو سبب رغبتنا في حصولك على هذا المنصب».

فخر وطني
وقالت كاييمبي التي ولدت في كينشاسا، وترعرعت لدى عمها وهو طبيب، إن عائلتها في جمهورية الكونغو الديمقراطية تأثرت جداً عند تلقيها تلك الأنباء.
وأوضحت: «هناك شعور بفخر وطني وهم ينتظرون حفلة التنصيب المقررة في الصيف ليأتوا إلى اسكتلندا ويروا ذلك بأعينهم».
وستكون أولويتها بعد تنصيبها في الأول من مارس/ آذار التأكد من أن الجامعة تجذب «ألمع العقول في اسكتلندا» لمساعدتها على التعافي بعد جائحة «كوفيد-19».
وكان للوباء أثر جانبي إيجابي من خلال فتح إمكانات التعلم عن بعد، وهو أمر تراه كاييمبي فرصة لإفريقيا.
ولم تعد كاييمبي، وهي عضو في نقابة المحامين الكونغوليين منذ عام 2000، إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ هروبها. فحياتها ما زالت مهددة.
لكنها تأمل في استخدام منصبها كرئيسة للجامعة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، للترويج لأفضل تعليم للقارة السمراء.
وقالت: «إفريقيا بحاجة إلى التعليم، أفضل تعليم. سيكون دوري التأكد من أن ذلك، هو على رأس الأولويات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"