قوة الأمل

00:49 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

هذه العبارة «قوة الأمل» ليست من بنات أفكاري، إنها مأخوذة من عبارة «قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء»، التي رافقت تواقيع أسماء أصحاب السمو حكام الإمارات وأولياء العهود، حفظهم الله، على القطعة الأخيرة من مسبار الأمل، وذلك في يناير 2020. وقوة هذا الأمل كانت قد تجسدت في همّة وطموح المغفور له بإذن الله، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ففي الوقت الذي كان يحلم بتجسيد الأمل على أرض الإمارات، ببناء دولة حديثة توفّر للمواطن والمقيم الحياة الكريمة، كان يراوده حلمٌ آخر أبعد من الأرض بملايين الأميال.

 قال، رحمه الله، في العام 1974 «إنّ رحلات الفضاء يفخر بها كلُّ إنسان على وجه الأرض لأنها تُجسّد الإيمان بالله وقدرته، ونحن نشعر كعربٍ بأن لنا دوراً عظيماً في هذا المشروع وفي هذه الأبحاث، ونحن فخورون بالتقدم الهائل في علوم الفضاء بفضل القواعد التي أرساها العلماءُ العرب منذ مئات السنين، ونأمل أن يعمّ السلامُ ويدرك البشر الأخطار التي تُهدّدهم بسبب التأخر..»، وكلمة «نشع» لا تعود فقط إلى جهود العلماء العرب والمسلمين الأقدمين في مجال الفضاء، وإنما تدل على استعداد للمساهمة في الجهد البحثي العلمي ذي الصلة بعلوم الفضاء، وقد التقط هذا المعنى الدكتور فاروق الباز، رئيس مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأمريكية وعضو اللجنة الاستشارية لوكالة الإمارات للفضاء، وتجسّد في الرسالة التي أرسلها لرائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري وجاء فيها: «أعلم علم اليقين أن هذه الرحلة تمثل أملاً لمؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكان يسأل بشغف عن الفضاء والعلوم ويرغب في التعرف أكثر إلى رحلات الفضاء، لذا فرحلتك هذه هي تحقيق لآمال مؤسس دولة الإمارات وكل أبنائها..».

تعمّدت ذكر هذه المراجعة التاريخية للرد على من يروّجون لأفكار سلبية بأن الإمارات أطلقت فجأة قمراً صناعياً، وفجأة أطلقت مسبار الأمل ليبدأ عمله في مدار كوكب المريخ، متناسين أن الإمارات منذ إنشائها وهي تهيئ الكوادر المواطنة للمشاركة في صناعة المستقبل، وأنها تهيأت للانطلاق نحو الفضاء بإرساء مؤسسات الدولة الحديثة والحصول على مراكز متقدمة في مؤشرات التنمية المادية والاعتبارية، لكن تلك الشريحة، مثلما تنظر إلى مصطلح «دولة السعادة» بوصفه يعبّر عن الراحة والرفاهية، وليس بوصفه جامعاً لمعايير الحوكمة والعدالة الاجتماعية ومكانة المرأة وتطبيق القانون وعلاقة الحاكم بالرعية وتطوّر البنية التحتية، حين نلحظ هذا الفهم السطحي، ندرك أن هؤلاء لم يتابعوا الاستراتيجيات والبرامج بعيدة المدى التي وضعها أصحاب القرار، والأهم من ذلك، لم يتابعوا تنفيذها باحتراف وأمانة ووطنية.

 «مسبار الأمل» ترجمة لعبارة قوة الأمل، وتجسيد لمصطلح «نشعر بدورنا العظيم»، هذه العبارات هي التي تصل الماضي بالحاضر لتدفعه على جناح المسبار نحو المستقبل، ولولا مخافة سوء التأويل لقلنا ما بعد المستقبل، وهو مصطلح أبعد ما يكون عن التنظير والرفاهية، فالمستقبل هو ما تحقّق بالفعل، وما بعد المستقبل يكمن في المعلومات التي سيوفرها البحث العلمي الفضائي، وما سيُبنى على الاستراتيجيات المستقبلية الناجزة للمستقبل.

 لقد دخلت الإمارات عصر الفضاء قبل إطلاقها الأقمار الصناعية ومسبار الأمل، دخلته حين احتلت المركز الأول إقليمياً في توظيف تكنولوجيا المعلومات، وحين شيّدت مدينة مصدر التي تُدار بالطاقة النظيفة، وقبل كل هذا وذاك، دخلت عصر الفضاء حين يُسأل الطالب في الإمارات عن طموحه ويقول (النجوم)، هنا تكمن قوة الأمل.

 الإمارات دولة منهمكة بالبناء، المادي والمعنوي، منشغلة بالمستقبل لمواجهة الأخطار التي تحدث عنها الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، ومنهمكة في وضع استراتيجيات لإدارة الأزمات، وكل الأحداث تشير إلى نجاحها. نبارك للإمارات، قيادة وشعباً، قوة الأمل، والعمل نحو ما بعد المستقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"