ترامب «البريء»!

01:12 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

أكدت تبرئة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مجلس الشيوخ من تهمة «التحريض على التمرد والعصيان» جراء حادثة غزو مبنى الكابيتول يوم السادس من يناير /كانون الثاني الماضي، ومقتل خمسة أشخاص بينهم شرطي، أن الديمقراطية الأمريكية ليست بخير، وأن الشعبوية والتطرف ما يزالان حاضرين بقوة في السياسة والمجتمع، وأن الولايات المتحدة في حاجة إلى عملية تعقيم سياسية شاملة لإخراج البلاد من حالة استقطاب لا مثيل لها، حيث يعمل اليمين المتطرف والجماعات العنصرية على تكريس تواجدها وتعزيزه .
 كانت جهود الديمقراطيين لإدانة ترامب تحتاج إلى ثلثي مجلس الشيوخ البالغ عدده 100 عضو، لكن التصويت انتهى بتأييد 57 عضواً مقابل 43، إذ أن سبعة جمهوريين فقط انضموا إلى الديمقراطيين الذين بالغوا على ما يبدو في رهانهم على أن الجمهوريين سوف يتخلون عن ترامب، الأمر الذي دفع الرئيس المنتخب جو بايدن إلى إطلاق تحذير بأن «الديمقراطية هشة ويجب الدفاع عنها دائماً،وعلينا أن نكون يقظين.»
 أما نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب فقد وصفت رفض الجمهوريين تحميل ترامب مسؤولية ما جرى يوم السادس من يناير/كانون الثاني بأنه «واحد من أحلك الأيام، وأكثر الأعمال مخزية في تاريخ أمتنا».
 الصدمة التي أصابت الديمقراطيين كانت لها رد فعل عكسي لدى ترامب، الذي قال في بيان له إن «حركتنا التاريخية والوطنية والجميلة لجعل الولايات المتحدة عظيمة مجدداً بدأت لتوها»، وهذا يعني أنه لا يزال يصرّ على أن يلعب دوراً مستقبلياً في الحياة السياسية الأمريكية،  وهذا يعني أيضاً أن «الترامبية» لن تنتهي، بل ستجد مساحة واسعة من التأييد في صفوف الجمهوريين الذين لم يتخلوا عنه ، وفي الأوساط الشعبية التي منحته  تأييدها، والتي ستجد فيه قائداً يعرف ماذا تريد، وتعتبره خير ممثل لخياراتها القومية المتطرفة، لذلك كان واضحاً وصريحاً في مخاطبتهم بقوله «في الأشهر المقبلة، لديّ الكثير لأتشاركه معكم، وأنا أتطلع إلى مواصلة رحلتنا الرائعة معاً لتحقيق العظمة الأمريكية لشعبنا بأجمعه».
 صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، ورغم وصفها التصويت في مجلس الشيوخ بأنه تتويج «لفترة مظلمة في التاريخ السياسيالأمريكي»، أشارت إلى أن التصويت أظهر أن ترامب لا يزال يملك القبضة القوية على الحزب الجمهوري، ويحتفظ بولاء النواب الجمهوريين. 
 لكن رغم ذلك لا أحد يعرف الخطوة التالية لترامب، هل سيمسك بزمام الحزب الجمهوري مجدداً ويحّوله إلى حزب يأخذ بأفكاره المتطرفة، أم يسعى إلى تشكيل حزب جديد يضم الجمهوريين المشابهين له ويمثل كل الذين خاطبهم وعاهدهم على «مواصلة الرحلة معهم».؟
الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة وما تخللها من مواقف وأحداث، شكلت علامة فاصلة في تاريخ السياسة الأمريكية سوف تكون منطلقاً لمرحلة جديدة ستغيّر وجه أمريكا الذي نعرفه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"