عادي

عذب الكلام

23:17 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسرٌ لا عُسْرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئَ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكرِ المفتوحةِ على فضاءاتٍ مُرصّعةٍ بِدُرَرِ المَعْرفَةِ. وإيماناً من «الخليج» بدورِ اللغةِ العربيةِ الرئيسِ، في بناءِ ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاويةً أسبوعيةً تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

 التشبيهُ الضّمنيّ، تشبيهٌ لا يُوضعُ فيهِ الْمُشَبَّهُ والمشبَّهُ بهِ في صورةٍ من صُورِ التشبيهِ المعروفةِ، بَلْ يُلْمَحان فِي التّرْكيبِ، وفيه ابتكارٌ وإبداعٌ، لأنَّ فيهِ خُروجاً عن المألوفِ.

ومنهُ قولُ التُّهاميّ:

علا فَما يَستَقِرُّ المَالُ في يَدهِ 

وكيفَ تُمسِكُ مَاءً قُنَّةُ الجَبلِ

وقولُ أبي الطّيّب:

وأصْبَحَ شِعْري منهُما في مكانِهِ

وفي عُنُقِ الحَسْناءِ يُستَحسنُ العِقْدُ 

وقولُ البُحتريّ يصفُ أخلاقَ مَمْدوحِهِ:

وَقَدْ زَادَهَا إفْرَاطَ حُسْنٍ جِوارُهَا

خَلاَئقَ أصْفَارٍ مِنَ المَجْدِ، خُيَّبِ

وحُسْنُ دَرَارِيِّ الكَوَاكِبِ أنْ تُرَى

طَوَالِعَ في دَاجٍ مِنَ اللَّيلِ، غَيْهَبِ

أوضحَ محاسنَ أخلاق ممدوحه، مجاورتها أخلاقاً وضيعةً لأقوامٍ لَا فضلَ فيهِم، كما تزدادُ الكواكبُ تألّقاً في ظُلمةِ الليلِ.

درر النظم والنّثر

لهوى النفوس 

لأبي الطيّب (بحر الكامل)

لِهَوى النُّفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ

عَرَضاً نَظَرْتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ

يا أُخْتَ مُعتَنِقِ الفَوارِسِ في الوَغى

لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنْكِ وَأَرحَمُ

راعَتكِ رائِعَةُ البَياضِ بِعارِضي

ولَوَ أَنَّها الأولى لَراعَ الأَسْحَمُ

لَوْ كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِّبا

فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ

ولَقَدْ رَأَيْتُ الحادِثاتِ فَلا أَرى

يَقَقاً يُميتُ وَلا سَواداً يَعصِمُ

والهَمُّ يَخْتَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً

وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ

ذو العَقلِ يَشْقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ

وأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ

والنّاسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ

يَنْسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ

لا يَخدَعَنَّكَ مِنْ عَدُوٍّ دَمعُهُ

وارْحَمْ شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ

لا يَسْلَمُ الشَّرَفُ الرَّفيعُ مِنَ الأَذى

حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ

والظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِنْ تَجِدْ

ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ

وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ

ومِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ

 من أسرار العربية

 أوائل وأواخر: الصَّدْرُ: أوّلُ كلِّ شيءٍ. الفاتِحَةُ: أوّلُ الكِتاب. الشَّرْخُ والرَّيْعَانُ: أوّلُ الشّباب. الرَّيِّقُ: أوّلُ المطَرِ. الحِدْثانُ: أوّلُ الأمْرِ. القَرْنُ: أوّلُ الشَّمْسِ. الغُزَالَةُ: أوّلُ الرِّيحِ. الغَزَالَةُ: أوّلُ الضُّحَى. التَبَاشِيرُ: أوّلُ الصُّبْح. الغَلَسُ والْغَبَشُ: آخِرُ ظُلْمَةِ اللَّيلِ. البرَاءُ: آخِرُ لَيْلَةٍ منَ الشَّهرِ. الخاتِمَةُ: آخِرُ الأمْرِ.

في الصّغار: الحَصَى: صِغَارُ الحِجارَةِ. الفَسِيل: صِغَارُ الشَّجرِ. الأشَاءُ: صِغَارُ النَخْلِ. البَهْمُ: صِغَارُ أوْلادِ الضَّأنِ والمَعِزَ. الحَشَراتُ: صِغَار دَوابِّ الأرْضِ. الزَّغَبُ: صِغَارُ رِيشِ الطَّيْرِ. اللَّمَمُ: صِغَارُ الذُّنُوبِ. الخَصَاصُ: الثُّقْبُ الصَّغِيرُ. النُّبْلةُ: اللُّقْمَةُ الصَّغيرَةُ. القَارِبُ: السَّفِينَةُ الصغيرَةُ. القَرْنُ: الجَبَلُ الصَّغيرُ.

 هفوة وتصويب

يَستخدمُ شعراءُ وكتّابٌ، مُصطلح «لَعَمْري»، فما أصله؟ هذه الّلامَ، موطِّئةٌ لِقَسَمٍ وليستْ قسماً؛ لأنّها ليستْ مَقرونةً بحرفٍ منْ حُروف القَسم التي هي: الواوُ والباءُ والتّاء؛ وما دامَ الكلامُ خالياً منْ حُروف القَسَمِ، فإنّه لا يُسمّى قَسَماً ولا يميناً. والعَمْرُ والعُمْرُ بمعنىً واحدٍ، وهو حياةُ الإنسانِ. ومن الأسماءِ «عَمْروٌ»، ويُطلقُ على صاحبهِ، تفاؤلاً بالبقاء. وعندَ القَسَمِ نَفْتحُ العين (عَمْر) ولا نَضَمُّها، فنقول: لَعَمرُكَ ولَعَمري ولَعَمْر أبيك...إلخ. وإعرابها: لَعَمْرُكَ: اللّام حرفٌ للابتداءِ مَبْنيٌّ على الفَتح.

عَمْرُ: مبتدأ مرفوعٌ، وعلامةُ رفْعهِ الضَّمةُ، والكافُ ضميرٌ مضافٌ إليه في محلّ جرّ. وخبرُ المبتدأ محذوفٌ وجوباً تقديرُهُ «قَسمي» أو«ما أحْلِفُ به». سببُ الحذفُ يعود إلى الخشيةِ مِنْ أنْ يَظُنَّ ظانٌّ أنّ جُملة «ما أحلف به» مثلاً، هي جوابٌ للقسم.

 من أمثال العرب 

لِكُلِّ شَيْءٍ إذا ما تَمَّ نُقْصانُ 

فلا يُغَرَّ بطيبِ العَيْشِ إنْسانُ

هيَ الأُمورُ كما شاهَدْتُها دُولٌ 

مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ ساءتْهُ أزْمانُ

البَيْتان لأبي البَقاءِ الرُّنْدِيّ، يدعو فيهما إلى التحلّي بالحِكْمةِ في مُعالجة الأمورِ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"