عادي

النظام النقدي المزدوج

20:00 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

تقدر المجتمعات والأشخاص عمليات الابتكار والتنوع التقني، التي طالت معظم مفاصل الحياة بما فيها النقود. ربما في يوم واحد نجري عدة عمليات دفع إما عن طريق تمرير بطاقة البنك أو التلويح بالهاتف المتحرك أمام جهاز معين، أو حتى ضغطة واحدة بفأرة الكمبيوتر. وربما ندفع باستخدام الأوراق النقدية والعملات المعدنية، رغم تزايد العزوف عن هذا الأسلوب في كثير من البلدان.
يتسم عالمنا اليوم بنظام مالي مزدوج، ينطوي على نقود يصدرها القطاع الخاص عن طريق البنوك بجميع أنواعها أو شركات الاتصالات أو جهات تقديم خدمات الدفع المتخصصة، وعلى النقود التي يصدرها القطاع العام عن طريق البنوك المركزية. ورغم أن هذا النظام ليس بالنظام المثالي، إلا أنه يوفر مزايا كبيرة، من بينها الابتكار وتنوع المنتجات، وهما ما يوفره القطاع الخاص. والاستقرار والكفاءة، اللذان يضمنهما القطاع العام.
وهناك ارتباط بين هذه الأهداف، كالابتكار والتنوع من جهة، والاستقرار والكفاءة من جهة أخرى. فزيادة أحدها تعني في الغالب نقص الآخر. وهنا تنشأ المفاضلة التي يتعين على البلدان والبنوك المركزية استكشاف مضمونها. ما مقدار اعتمادها على منتجات القطاع الخاص، مقابل مقدار ما تقوم هي بابتكاره؟ ويعتمد جانب كبير من هذا الأمر على الأفضليات، والتكنولوجيا المتاحة، وكفاءة القواعد التنظيمية.
لذلك من الطبيعي عند ظهور أي تكنولوجيا جديدة أن نتساءل عن كيفية تطور النظام النقدي المزدوج في عالم اليوم. فإذا ظهر النقد الرقمي الذي يطلق عليه اسم عملة البنوك المركزية الرقمية، فهل سيحل محل النقود الصادرة عن القطاع الخاص، أم سيسمح لها بالازدهار؟ والإجابة الأولى هي الأرجح دائماً، عن طريق زيادة القواعد التنظيمية الصارمة. لكننا نرى أن الإجابة الثانية لا تزال محتملة أمام التوسع في المفهوم المنطقي للنظام النقدي المزدوج في الوقت الحالي.
وعلى نفس القدر من الأهمية، لا ينبغي أن تضطر البنوك المركزية إلى الاختيار بين طرح عملة البنوك المركزية الرقمية، أو تشجيع القطاع الخاص على طرح عملته الرقمية البديلة. فكلاهما يستطيع التواجد في نفس الوقت ويكملان بعضهما بعضاً، حيث تقوم البنوك المركزية، على سبيل المثال، باختيار تصميمات معينة وتحديث أطرها التنظيمية.
ماذا سيكون مصير هذا النظام في المستقبل ونحن نمضي بخطى ثابتة نحو العصر الرقمي؟ هل ستكون عملات البنوك المركزية الرقمية جذابة بالقدر الذي يهيئها لتنحية النقود الخاصة جانباً؟ أم أنها ستظل تفسح المجال أمام القطاع الخاص للابتكار؟ يتوقف جانب كبير من هذا الأمر على قدرة كل بنك مركزي ورغبته في الابتكار بصفة مستمرة وبدرجة ملحوظة. فمواكبة التطور التكنولوجي، واحتياجات المستخدمين سريعة التطور، وابتكارات القطاع الخاص ليست بالأمر الهين.
* صندوق النقد الدولي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"