عادي

(فيديو) ارتفاع كُلفة العيادات النفسية يحـرم المرضى من العلاج

00:48 صباحا
قراءة 6 دقائق
Video Url
1

تحقيق: محمد الماحي

يكافح الكثير من المرضى النفسيين؛ للتمكن من إيجاد علاج نفسي؛ بحيث يمكنهم تحمل تكاليفه، وتغطية الأسعار التي تكون فوق قدرة التحمل في أغلب الحالات، بعد أن بالغت العيادات المتخصصة في الطب النفسي وتعديل السلوك، في أسعارها، من دون ضوابط؛ إذ تتفاوت الأسعار لتراوح بين 1000و1200 درهم للجلسة الواحدة، في وقت لا تغطي معظم بطاقات التأمين هذا الاختصاص، ما يعني أن الكُلفة تعدّ واحدة من أكبر العوائق التي تحول بين المرضى وبين صحتهم العقلية، لاسيّما بين أفراد الطبقة المتوسطة والطبقات الأقل منها.
في المقابل يسجل إقبال متزايد على عيادات الطب والعلاج النفسي، على الرغم من المشاكل العديدة التي يعانيها هذا القطاع، والتي في مقدمتها الكُلفة المرتفعة للعلاج، وغياب المعايير الضابطة، وتوقع مختصون في الصحة النفسية ارتفاع أعداد زوّار عيادات ومراكز الصحة النفسية خلال الأشهر المقبلة بنسبة 50% على الأقل؛ بسبب تداعيات أزمة «كوفيد-19».
يمكن أنْ نختصر أسباب ارتفاع تكاليف العلاج النفسي في عدد من العوامل الرئيسية؛ أهمها أن التأمين الصحيّ، لا يغطي كلفة العلاج النفسيّ مع دوائه والكثير من المعالِجين النفسيين يحبّذون عدم تغطية شركات التأمين لجلساتهم وخدماتهم؛ نظراً لصعوبة الإجراءات التي تستمر لوقتٍ طويلٍ تبعاً لطول مدّة العلاج. في المقابل أيضاً، تنظر شركات التأمين للعلاج النفسي بشكلٍ عام على أنه استثمار خاسر، فهو يستغرق وقتاً طويلاً، كما أنّ نتائجه قد يكون من الصعب بمكان أنْ تظهر خلال فترةٍ قصيرة وحسب، عوضاً عن فكرة أنّ الشخص قد يحتاج إلى العلاج النفسي لا لسببٍ طبّيّ أو مرضيّ، وإنما لأسباب وجودية أو عاطفية أو ما يشابهها.
أطراف العملية
هذه القضية ليست جديدة، ولكنها تطفو على السطح بين وقت وآخر، وعقب تلقي «الخليج» عدداً من شكاوى المرضى بهذا الخصوص، تسلط «الخليج» الضوء مجدداً على هذه القضية؛ من خلال إتاحة الفرصة لأطراف العملية التبادلية من مرضى ومراجعين، ومراكز خاصة ومختصين؛ لإبداء وجهة نظرهم وتبريرها بهذا الخصوص.
ويقول الدكتور نواف يوسف سلطان النعيمي اختصاصي الطب النفسي، عدم الاستعانة بأخصائي نفسي قد لا يكون خياراً عند البعض ولا مرتبطاً بعقيدة أو برفض لمبدأ عيادة الطبيب النفسي، وإنما عجز مادي عن دفع كلفة جلسات العيادة النفسية؛ لذلك أطالب الجهات الصحية الرسمية بضرورة إدخال علاج وخدمات الطب النفسي والعصبي ضمن الخدمات الصحية التي تغطى بالكامل في وثائق التأمين الصحي، باعتباره مرضاً يجب علاجه واجتثاث أسبابه وليس تجميلاً، مؤكداً ضرورة قيام المؤسسات المختصة بإعداد دراسة واضحة لأعداد المرضى النفسيين، وخاصة في شق الاكتئاب وبحث أسبابه وسبل علاجها.
وأضاف: إن الأمراض النفسية والاكتئاب بشكل عام وبمختلف درجاتها، تتفاوت فترات علاجها بين المدد القصيرة والطويلة التي قد تصل لعامين، وانطلاقاً من ذلك فإن الجلسات العلاجية التي يتلقاها المرضى تكون مكلفة في حال طالت هذه المدة، لافتاً إلى أن هذه المعايير هي التي تحدد مدى كلفة العلاج.
وذكر أن معظم شركات التأمين لا تغطي كلفة هذا العلاج وخاصة الجلسات العلاجية المتكررة، أما فيما يخص الأدوية فهذا أمره بسيط؛ حيث إنها لا تشكل عائقاً أو مشكلة في أسعارها؛ إذ إنها مناسبة للجميع، وإنه من خلال الاحتكاك المستمر مع العديد من المرضى وشركات التأمين، تبين أن العلاجات الدوائية هي التي يسمح بتغطيتها، أما العلاجات التي تعتمد على الجلسات السلوكية والمعرفية فلا تشملها التغطية التأمينية.
الربح والخسارة
أما الدكتور مهدي عبد الله صاحب عيادة خاصة، فيرى أن كلفة العلاج عادية وغير مرتفعة، وخاصة فيما يتعلق بالحصول على الأدوية الكيميائية، وأن زيادة عدد الجلسات ومرات الاستشارة هي التي تتسبب بكلفة أعلى، منوهاً إلى أن شركات التأمين برفضها تغطية هذه الحالات المرضية، تساهم كثيراً في زيادة الكلفة على المريض.
وأفاد بأن شركات التأمين العالمية تقبل تغطية نفقات العلاج تبعاً لدرجة وتطور الحالة، غير أن الإشكالية هي في شركات التأمين في عالمنا العربي، التي ترفض ذلك، مرجعاً ذلك لأسباب اقتصادية لها علاقة بالربح والخسارة، لأن الأمراض النفسية لها طبيعتها الخاصة في العلاج؛ حيث تراوح فترات علاجها أكثر من عامين في بعض الحالات، وحالات أخرى مزمنة تحتاج علاجاً مستمراً.
التزامات مالية
ويقول «م. ع. ر.» الذي يعاني أمراضاً نفسية ويتعالج في مركز خاص للعلاج النفسي إن كلفة الجلسة العلاجية الواحدة 1000 درهم، وكانت في بداية الأمر 1200 درهم وبعدها خفضت كلفة الجلسة 1000 درهم، لافتاً إلى أنه لم يستطع المواصلة؛ بسبب ارتفاع الكلفة فلجأت العائلة إلى مواقع الإنترنت للبحث عن علاجات مجانية.
وتابع: إنه توقف عن العلاج، بعد مرور نحو عام على شروعه فيه؛ بسبب عدم قدرته على توفير كلفته، نتيجة ارتباطه بالتزامات مالية أخرى.
وأضاف: إن ارتفاع كلفة العلاج ونظرة المجتمع السلبية التي تصاحب المرض النفسي في هذا المجتمع المحافظ، دفعت الكثير من المرضى للجوء إلى المواقع الإلكترونية للتعبير عن معاناتهم والبحث عن الدعم النفسي
ففي السنوات الأخيرة، ظهرت عشرات المواقع، التي تسعى لتوفير المساندة وإسداء النصح لمرضى الاكتئاب عبر العالم.
مزيد من الرقابة الصارمة
ويتفق عامر علي مقيم يعاني أمراضاً نفسية، مع ماسبق ويضيف: إن عيادات ومراكز الطب النفسي الخاصة بحاجة إلى مزيد من الرقابة الصارمة للحيلولة دون استغلال المرضى، مشيراً إلى أن هناك استغلالاً في كلف الجلسات من خلال تجربته الخاصة، ومراجعته للعديد من العيادات، لا سيما فيما يتعلق بالفحوصات وغيرها من الإجراءات التي يضطر المريض إلى إجرائها بناء على توصيات الطبيب.
وأضاف: إن الأسعار متفاوتة بين مركز وآخر وعيادة وأخرى، متسائلاً عن إمكانية وضع سقوف سعرية للأسعار ووضع قوائم في تلك المراكز والعيادات أمام مرأى المراجعين؛ ليكونوا على علم مسبق بالأسعار بدلاً من أن يتفاجأوا بها لدى الوصول إلى قسم المحاسبة، منوهاً إلى أن من بين الكلف الباهظة والمبالغ فيها على وجه التحديد كلف الجلسات التي تصل إلى حد الاستغلال في أغلب الأحيان.
ودعا الجهات المختصة إلى إجراء دراسات لتحديد أسعار كافة الخدمات التي تقدمها هذه المراكز والعيادات ووضع هوامش ربحية معتدلة ومنطقية.
مضاعفات شهرية
وقالت اختصاصية الطب النفسي، الدكتورة جميلة الحساني: إن الزيارة الأولى للطبيب النفسي تختلف من عيادة إلى أخرى، إلا أن كلفتها تبدأ من 700 درهم وتصل إلى 1200 درهم، أما الأدوية فتصل كلفتها إلى 700 درهم شهرياً، وفي بعض الحالات تستدعي أن يصف الطبيب للمريض أكثر من نوع من الأدوية في وقت واحد، ما يكلفه مبالغ مضاعفة شهرياً، مشيرة إلى أن الأدوية المخصصة لعلاج الأمراض النفسية تصنّف بأنها أعلى سعراً من أدوية علاج الأمراض الأخرى.
وتابعت: يضاف إلى كلفة المراجعات والأدوية النفسية الفحوص الأساسية التي تطلبها العيادات النفسية من المريض، وتتضمن فحصاً شاملاً للدم، وفحص وظائف الكبد والكلى، وغيرها، وتكون كل عام تقريباً، إلا في حال استجد ما يتطلب إخضاع المريض لفحص استثنائي، فالطبيب يُخضع بعض المرضى النفسيين الذين يتناولون أدوية محددة لفحص عام على فترات متقاربة، وهذه القيمة تضاف إلى الكلفة الإجمالية للعلاج النفسي.
وذكرت أن بعض المرضى النفسيين، نظراً إلى عدم إدراج الأمراض النفسية في وثائق التأمين الصحي، التي تصدرها شركات التأمين الخاصة بهم، فإنهم لا يراجعون العيادات النفسية الخاصة إلا حين تصل حالاتهم إلى مراحل حرجة، وبعد تلقّي العلاج والوصول إلى مرحلة الاستقرار يتوقفون عن العلاج لعدم قدرتهم على سداد تكاليفه، ما يؤدي إلى انتكاس حالاتهم، ووصولها إلى مراحل أكثر حدة من السابق.
جائحة كوفيد-19
ويقول الدكتور خالد حمد المتجه إلى عيادة أو مركز لعلاج المرضى النفسيين، يجب عليه أن يضع في الاعتبار أنه سوف يواجه أرقاماً جديدة وأسعاراً مغايرة عن الأعوام السابقة وربما الأشهر والأيام القليلة الماضية، خاصة بعد الزيادة التي شهدتها أسعار عيادات الطب النفسي الخاصة
وأضاف: إن القفزة في الأسعار تعود أسبابها إلى أن جائحة كوفيد-19 تسببت في عدة أمراض نفسية لجميع الفئات العمرية في كلا الجنسين، يتعلق الشق الأول منها بزيادة القلق النفسي والخوف من المجهول، لأن المرض جديد ولم يتم التوصل إلى لقاح له، وأوقع آلاف الوفيات وملايين المصابين، وبالتالي قلق الناس بشأن المجهول الذي ينتظرهم، وما إذا كانوا مستقبلاً ضمن المصابين أم لا.

5672 استشارة وجلسة عن بُعد

عملت وزارة الصحة ووقاية المجتمع على تطوير خدمة التطبيب النفسي عن بُعد من خلال التطبيق الذكي للعيادة الافتراضية وربطه مع نظام المعلومات الصحي «وريد»، لتمكين المراجعين من حجز موعد لمقابلة الفريق المعالج عبر وسائل التواصل المرئي والسمعي عن بُعد.
وبلغ عدد الاستشارات النفسية عبر خدمة التطبيب النفسي عن بُعد نحو 5672 استشارة وجلسة علاجية منذ بدء الخدمة في شهر إبريل/نيسان من العام الجاري وحتى بداية شهر أكتوبر.
وذكرت هيئة الصحة في دبي أن عدد زوار عيادات الصحة النفسية من يناير حتى نهاية سبتمبر بلغ 18 ألفاً و114 مراجعاً.
وقدمت الهيئة 180 زيارة علاجية منزلية، ضمن برامج الهيئة المجتمعية، كما خضع نحو 2000 مريض للعلاج الدوائي باستخدام حقن طويلة المدى.
وأكدت الهيئة أن عدد المستفيدين من خدمة المعالج النفسي بلغ 681 مريضاً، فيما بلغ عدد المستفيدين من خدمة التواصل النفسي 7500 مراجع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"