لا بدّ من الحوار

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تأخذ العلاقات بين السودان وإثيوبيا منحى تصعيدياً ينذر بمواجهات عسكرية واسعة تتعدى المناوشات الحدودية الحالية التي ما زالت محصورة في نطاق ضيق، والتي قد تخرج عن السيطرة في حال لم يتم تدارك الوضع في أسرع وقت ممكن.

  البلدان يتهمان بعضهما بارتكاب تجاوزات حدودية وشن هجمات عسكرية واحتلال أراض، ويحشدان القوات ويتوعدان، ويهددان ب«انعكاسات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة»، ويحمّلان بعضهما تبعات ما قد يحدث.

 إثيوبيا تتهم السودان ببسط سيطرته على معظم منطقة الفشقة الحدودية، والسودان ينفي، ويؤكد أن المنطقة أرض سودانية كان يسيطر عليها مزارعون إثيوبيون، وقد تمت استعادتها.

 يشار إلى أنه في العام 1902 تم إبرام اتفاق لترسيم الحدود بين بريطانيا، القوة الاستعمارية في السودان آنذاك، وإثيوبيا التي وقّع عنها الإمبراطور منلك الثاني، لكن التقسيم بقي يفتقر إلى خطوط واضحة.

 البعض يرجحون أن تكون المناوشات العسكرية المتواصلة محاولة من الجانبين للدخول في مفاوضات حدودية جديدة، والتوصل إلى اتفاقات بديلة عن تلك التي تم توقيعها في مطلع القرن الماضي. وهناك من يرى أن المواجهات مرتبطة بالخلاف حول سد النهضة، وفشل كل المفاوضات بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأنه، أي ممارسة ضغط عسكري للتوصل إلى اتفاق سياسي.

 وكان الرئيس السوداني السابق عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هيلي ماريام ديسالين قد توصلا العام 2017 إلى اتفاق حول ترسيم الحدود، ولم يتبق سوى وضع العلامات، وهو لم يحصل حتى الآن، وأدى إلى ما أدى إليه.

 يدرك البلدان أن أية مواجهة عسكرية قد لا تنحصر في المنطقة الحدودية، بل قد تتعداها إلى حرب إقليمية، وهي بالتالي ليست في مصلحتهما، خصوصاً أنهما اكتويا بنار الحروب ويدركان مخاطرها الإنسانية والبشرية والاقتصادية، وما تشكله من استنزاف لقدراتهما وإمكاناتهما، فإثيوبيا خاضت حرباً مريرة وطويلة مع إريتريا، والسودان خاض سلسلة حروب مدمرة في دارفور وجنوب السودان وكردفان والنيل الأزرق، وهما الآن يدخلان مرحلة مصالحة وتنمية داخلية تبشر بنتائج إيجابية، وليس من مصلحتهما خوض معركة جانبية، وهما أحوج ما يكونان إلى إغلاق كل أبواب الخلافات والصراعات الداخلية والخارجية، وتوجيه كل الجهد نحو المصالحة والتنمية.

 لا بد في نهاية المطاف من التخلي عن المواقف التصعيدية، والعودة إلى المنطق والحوار والعقل، وهذا أمر مطلوب من قادة البلدين الجارين اللذين تربطهما علاقات تاريخية، إضافة إلى نهر النيل، وهو الوريد الذي يمد البلدين والشعبين بالحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"