عادي

مشاركون في ندوة «مركز الخليج» يوصون بمدخلات تعزّز القيم

20:03 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1

هاني عوكل: الشارقة
أوصى مشاركون في ندوة «التنمّر الإلكتروني» التي عقدها مركز الخليج للدراسات في «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر»، بالتعاون مع إدارة مراكز التنمية الأسرية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، صباح السبت، عبر تقنية «زوم»، بضرورة وجود مدخلات تربوية تعزز القيم المجتمعية، وتوعي بخطورة التنمّر الإلكتروني على مختلف الشرائح العمرية وبالأخص الأطفال.
واتفق المشاركون في الندوة التي أدارها الدكتور خليفة الشعالي، مدير الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية، على أن التنمّر الإلكتروني مرتبط بتزايد استخدام «الإنترنت» ووسائل التواصل، وتحديداً في مرحلة تفشي «كورونا» التي دفعت المؤسسات التعليمية إلى التعلم عن بُعد، وكذلك الحال بالنسبة للدوائر الحكومية والخاصة التي أخذت بسياسة العمل عن بعد.
وفي بداية الندوة ناقش المشاركون رؤية التنمّر الإلكتروني سلوكاً غير رشيد، إذ عدّه بعضهم، ظاهرة اجتماعية مقلقة مرتبطة بسلوك عدواني، بينما رآه آخرون مشكلة تتعلق بخلل تربوي أساسه غياب الأسرة والرقابة الأبوية، والبعد عن الدين والنصيحة.
الدكتور الشعالي، تطرق إلى البعد القانوني والتشريعي في مسألة ضبط التنمّر الإلكتروني، ودعا إلى وجود مراكز دراسات وبحوث رصينة، وقاعدة بيانات متميزة، والتركيز على تدريس مادة التربية الأخلاقية في المدارس، كونها خط الدفاع الأهم في تحصين الطلاب تربوياً وأخلاقياً وحمايتهم من التنمّر بمختلف أشكاله.
فيما قال الدكتور محمد مراد عبدالله، مستشار نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي لاستشراف المستقبل، والأمين العام لجمعية توعية ورعاية الأحداث، إن 7 من 10 يستخدمون «الإنترنت» تعرضوا لإساءة في مراحل معينة، ما يستدعي تضافر الجهود والتنسيق للتصدي للتنمّر الإلكتروني.
ودعا إلى أهمية بناء قواعد بيانات متعلقة بالتنمّر عموماً والإلكتروني بخاصة، لتكون متاحة للمتخصصين والباحثين، والعمل على إعداد أدلة إرشادية للأطفال وأولياء الأمور، لحمايتهم من مخاطره، ونشر الوعي وتعريف الأبناء وأولياء الأمور بخطورته، وتكثيف الدور الرقابي الرسمي على المواقع المشبوهة.
ورأى عدنان الحمادي، رئيس لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، أنه سلوك عدواني يؤدي إلى عنف، وأحاله للتنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية. وذكر أنه غير مرتبط بزمان ومكان، وهو أكثر انتشاراً لارتفاع معدلات استخدام «الإنترنت»، ووسائل التواصل، داعياً إلى تعزيز القيم الدينية والأخلاقية.
أما الدكتورة أمل بالهول، مستشارة الشؤون المجتمعية بمؤسسة «وطني الإمارات»، فدعت إلى أهمية رسم سياسات دولية تفرض عقوبات صارمة على مرتكبي جرائم «الإنترنت»، والاعتماد على أساليب وتقنيات متطوّرة للتمكن من الكشف عن هوية مرتكب الجريمة والاستدلال عليه بأقل وقت ممكن، والتوعية والنصح بماهية الجرائم الإلكترونية وكل ما يترتب عليها من مخاطر.
واستعرضت إحصائية لعام 2018، عن نسبة التنمّر بين الطلاب في الإمارات التي وصلت إلى 31%، وأكدت أن هذه النسبة ستزيد إلى الضعف مع التحول نحو التعليم عن بُعد، وفي ظل عدم الرقابة الأسرية تحديداً، ودخول الطلبة في الفراغ والملل.
المحامي جاسم النقبي، عضو المجلس الوطني السابق، قال إن المجتمع يحتاج إلى تشريع متطور ودائم، لأن في واقع الأجهزة الذكية والمجتمع الافتراضي، كل شخص إما متنمّر أو متنمّر عليه. وتطرق إلى التنمّر غير المباشر، كأن يتجاهل مدير الجلسة خلال اجتماع أو ندوة أو ورشة، شخصاً آخر يرغب في الحديث.
وقالت موزة الشومي، نائبة رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل إن التنمّر ظاهرة موجودة في المدارس. واللفظي من أعلى معدلات التنمّر، ثم الجسدي، وفق دراسة أجريت عام 2016، في حين أن الإلكتروني، بدأ يأخذ أبعاداً وتتزايد معدلاته في ضوء الاستخدام المتواصل للأجهزة الإلكترونية، وفي غياب الأسرة عن توعية أبنائها ومراقبتهم.
الدكتور عبدالعزيز الحمادي، مدير إدارة التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع، دعا إلى توحيد المفاهيم والتعريفات لضبط معنى التنمّر الإلكتروني، وأوصى ببناء قاعدة بيانات موحدة بعد الاتفاق على المفاهيم والتعريفات، لرصد الظاهرة، مع أولوية توزيع الأدوار والاختصاصات كل في مجاله، لحصر المشكلة ومعالجتها بالطرق الصحيحة.
وقالت إحسان السويدي، مستشارة في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: هناك جهود تبذلها مؤسسات كثيرة في الدولة لمحاربة التنمّر، موصيةً بأهمية التدخل والمشاركة في المسؤولية بين مؤسستي التعليم والأسرة، لرفع الوعي تجاه مخاطره، والتدخل المدرسي بالاهتمام بالأنشطة الموازية داخل المدارس، وتكثيف الرقابة والإشراف على الطلاب، وأن يجيد المعلّم ضبط الصف خلال التعليم عن بُعد.
ولفت صلاح الحوسني، اختصاصي إرشاد في وزارة التربية والتعليم، إن إدراج الوزارة منهج التربية الأخلاقية الذي يعدّ مساقاً تدريسياً مهماً في المدارس الخاصة والعامة، وأكد أن التربية والتعليم شأن مجتمعي والأسرة والمدرسة شريكان أساسيان في تنشئة الأبناء، غير أن الأسرة هي المحرك الرئيس، والمسؤول الأول في قضية التربية الأخلاقية.
الدكتور أحمد العموش، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة، دعا إلى التركيز على دور الأسرة لمحاربة التنمّر وقال إنه مرتبط بمشكلات سلوكية، فضلاً عن غياب الإدارة والمتابعة الأبوية التي تشكل صمام أمان يحمي الأبناء، ويوعيهم بعدم ارتكاب سلوكات شاذة تمسّ المجتمع.
فيما ذكرت حصة الطنيجي، أمينة سر جمعيات النفع العام، أن الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية الذكية، تهدد الأبناء مع غياب الدور الأسري، وأوصت بإعداد خطة لتعزيز دور الأسرة بين جميع الجهات الحكومية والمحلية في التعرف إلى سيكولوجية ومهارات الطفل الرقمية واحتياجاته، وتوظيف تقنيات دعم السياسة الوطنية، لدعم جودة الحياة الرقمية، وإطلاق مبادرة سفراء الأسرة الرقمية الآمنة، لضمان جودة الاستخدام الإيجابي والصحي «للإنترنت».
كذلك أوصت أمينة بن حماد، مديرة البرامج والتثقيف المجتمعي بالإنابة في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بإيجاد تعريف شامل عن التنمّر الإلكتروني، كونه يتغير وينتشر بسرعة ارتباطاً بالسياق الاجتماعي والثقافي والقانوني والاقتصادي. ودعت إلى إنشاء منصة رقمية لربط البيانات والمعلومات المتعلقة به، والتكاتف المجتمعي على كل المستويات للإبلاغ والتثقيف والتوعية.
الدكتور أسامة عبدالباري، عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر، قال إنه ظاهرة اجتماعية، وهو مفهوم حديث، إلا أنه فعل قديم، ومعالجته لا ترتبط بكونه فعلاً مُجرّماً فقط، وإنما هو فعل ثقافي، ولا يمكن وضع حل قانوني يلزم به الأفراد، إذا لم يسبقه في البداية علاج اجتماعي وثقافي، لأن مواجهته الحاسمة، عبر البعد القانوني وفي الإطار المجتمعي، لا بدّ أن ترتبط بترسيخ ثقافة المجتمع المبنية على قيم التسامح والعدالة الاجتماعية.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"