عادي

«يحيـى حقـي» بحـر إبداعـي بـلا شـواطئ

23:54 مساء
قراءة 3 دقائق
1

القاهرة «الخليج»:

«فوق ما يزيد على 65 عاماً استمر يحيى حقي (17 يناير 1905 – 19 ديسمبر 1992) مخلصاً للكتابة في كل شيء تقريبا، وذلك بحكم اتساع ثقافته وتنوعها وتعدد مصادرها» هكذا يبدأ سامي فريد – أحد تلاميذ يحيى حقي – كتابه الصادر بعنوان «على شواطئ يحيى حقي» ويرصد من خلاله مواقف عديدة، كشفت جوهر شخصية الكاتب الكبير، فقد ظل سامي فريد قريبا من حقي، لسنوات طويلة، منذ أن بدأ العمل معه سكرتيرا لتحرير مجلة «المجلة» إلى أن أغلقت عشر مجلات مصرية في أعقاب نكسة 67 وتم تقليص عدد صفحات ما لم تطله يد الإغلاق.

كان يحيى حقي كاتب القصة القصيرة والرواية والمسرح والسينمائي والموسيقي، والناقد الذي تابع إبداعات مجايليه، وبشر بكتابات الشباب، ورعاهم على كل الأصعدة، وكان يكتب في الفن التشكيلي، وفي مقالاته كان يعالج المشكلات الاجتماعية، بأسلوب رشيق يميل إلى السخرية لكنه لا يتخلى عن الرصانة أبدا، ولذا كانت كلمته تسلك طريقها من قلبه مباشرة إلى قلوب الآخرين من القراء.

بدأ يحيى حقي الكتابة في مجلة «الفجر» ثم توالت كتاباته في صحف ومجلات مثل «المساء – الهلال – التعاون» ومنذ هذا التاريخ وهو لا يقف إلا في صف «الغلابة» يدافع عنهم وينتصر لهم، لأنه قريب منهم، يحس بهم، وهذا ما دفعه لرفض عرض يوسف السباعي عليه، أن يكتب مقالا أسبوعيا في صحيفة الأهرام، مع تحديد المقابل المادي الذي يريده، كان عرضا سخيا رفضه حقي بكل أريحية، ودون ندم.

يرى سامي فريد أن حكايات يحيى حقي كثيرة، نقرأ منها جانبا في هذا الكتاب، ورغم ذلك لم يستطع إنسان أن يصل إلى «شواطئ تلك القارة الفكرية والثقافية والأدبية والدبلوماسية الشمولية التي أسميها أنا قارة يحيى حقي» كثيرة هي الكتابات عن يحيى حقي لكن مردودها أو محصولها أو قدرتها على الإحاطة بكل ما غمض، ولم نعرفه، بل لم نفكر أن نغامر بأن نتعرف إليه وعليه، قليل، فيصبح يحيى حقي حتى الآن لم يكتشف بشكل كامل، ونصبح نحن في حاجة شديدة إلى جهد جديد وجاد وعلمي وبحثي، لنعيد اكتشافه مرة أخرى، لنرى العجب.

يكتب سامي فريد عن حقي الإنسان، العالم المتواضع، هامس الصوت، وكان يرى القامات الكبيرة من كتّاب مصر ومفكريها وعلمائها، كل في ميدانه يجلسون أمامه في مقر «المجلة» في مقاعد التلاميذ لا يرتفع لهم صوت فوق صوته، أضف إلى هذا دفاعه الذي لم يتوقف عن أجيال الشباب من الأدباء والمثقفين والعلماء والشعراء، لأنهم كما رآهم كانوا هم المستقبل.

يعرض سامي فريد ليحيى حقي الإنسان الذي زامله وعاش بجواره 29 عاما منذ أن التقى به بشكل رسمي في ديسمبر 1963 حتى أغلقت «المجلة» خلال حرب الاستنزاف التزاما بضغط النفقات وتقليل عدد الصفحات، وانتقال رئاسة تحريرها إلى عبد القادر القط، ولم تنقطع هذه العلاقة بينهما، واستمرت حتى يوم واحد قبل دخول يحيى حقي المستشفى ثم وفاته.

كان يحيى حقي يعاني في صمت، في آخر أيامه لم تكن لديه رغبة في الأكل، يقول سامي فريد: «ثم انصرفت وقد استولى علي شعور غامض أنني لن أراه مرة ثانية، وإن كان لا يزال معي إلى هذه اللحظة، أتطلع إلى صورته أمام كتبي، ولا أكتب حرفا إلا بعد استئذانه، فأعرف منه إن كان يوافق عليه أو يرفضه، أو يرى تعديله».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"