إعداد: أحمد البشير
تعتبر عملية إدارة شركة ناشئة عملاً شاقاً جداً، حيث أن هناك العديد من المخاطر والتحديات التي ستواجهها الشركة خلال سنواتها الأولى، كما أن هناك وقت قصير لاتخاذ القرارات الصائبة وتحقيق النجاح قبل نفاد رأس المال، ولهذا السبب تفشل معظم الشركات الناشئة. وفي يومنا هذا، هناك نسبة قليلة من الشركات الناشئة التي تحقق النجاح المتواصل وتحظى باهتمام وسائل الإعلام، ولعل من أهم وأعظم قصص النجاح في العالم قصة جيف بيزوس الذي يعود له الفضل في تأسيس شركة «أمازون» قبل نحو 27 عاماً، إذ تعتبر حالياً من أنجح الشركات في العالم، حيث تبلغ قيمتها السوقية 1.5 تريليون دولار، وإيراداتها 386 مليار دولار.
وفي عام 1994 لم تكن شبكة الإنترنت قد ارتبطت بعد بالنشاط التجاري، لكن بيزوس لاحظ أن معدل الاهتمام بالإنترنت يتزايد كل عام. وبحسه التجاري عرف أنه يستطيع المساهمة في صنع التاريخ باستغلال هذا الإقبال الشعبي. وفي نوفمبر من العام ذاته، بدأ مشروعه من كراج صغير في منزله، مستخدماً جهاز حاسوب ومنضدة، ولا تسانده سوى زوجته ومجموعة صغيرة من أصدقائه.
وعمل بيزوس معهم على تصميم موقعه الإلكتروني وربطه بقواعد بيانات موزعي الكتب، ثم أطلق عليه اسم «أمازون» تيمناً باسم أكبر أنهار العالم. وفي عام 1995، افتتح موقع «أمازون» الذي غيّر وجه التجارة في العالم وحوّل شكل عملية التسوق التقليدي إلى تجارة إلكترونية واسعة النطاق.
وحقق بيزوس نجاحاً باهراً منذ اليوم الأول لمشروعه، ووصلت إليه خلال أسابيع قليلة طلبات شراء تتعدى 20 ألف دولار.
وفي عام 1996، بلغت أرباح «أمازون» من المبيعات 15.7 مليون دولار، وفي عام 1997 دخلت الشركة في سوق الأوراق المالية. وبنهاية عام 1999، أصبح الموقع «أمازون دوت كوم» شركة يتعدى رأسمالها المليارات وتبيع أكثر من 3 ملايين كتاب، وقد توسعت أعمال الموقع عاماً بعد عام لتشمل الملابس والإكسسوارات وألعاب الفيديو والإسطوانات الموسيقية والأفلام وغيرها من المستلزمات المنزلية.
وخلال مسيرته في الشركة، طوّر بيزوس مبادئ قيادية لتوجيه الشركة كل يوم في مجالات تتراوح من مقابلات العمل إلى أفكار المشاريع الجديدة. وبعد أن تنحى بيزوس عن منصبه، من المرجح أن يلتزم الرئيس التنفيذي الجديد آندي جاسي بهذه المبادئ. وفي مذكرة أرسلها إلى موظفي «أمازون» ناقش جاسي ما تعلمه من بيزوس على مدار 24 عاماً قضاها في الشركة، ومعظم هذه الأمور تعكس المبادئ القيادية في «أمازون». وأوضح جاسي أن هذه الأمور تشمل التركيز على اهتمامات العملاء والتركيز على الابتكار والفضول وأعلى معايير الجودة.
وقد يشعر جاسي بالضغوط لإضافة مبادئ جديدة إلى هذا المزيج الفريد، ففي العام الماضي، قدمت مجموعة من الموظفين التماساً لإضافة «الدمج» إلى المبادئ القيادية الرسمية للشركة بعد أن قالوا إنهم تعرضوا للتمييز العنصري والتمييز على أساس الجنس في مكان العمل.
إليكم في هذا السياق المبادئ القيادية الأربعة عشر المتبعة في شركة «أمازون»:
1 - التركيز على اهتمامات العميل:
يبدأ القادة بالتركيز على اهتمامات العملاء ومن ثم تأتي الأمور الأخرى، حيث إنهم يعملون بجهد لكسب ثقة العملاء والحفاظ عليهم، و رغم اهتمام القادة بالمنافسين، فإنهم يولون عملاءهم اهتماماً أكبر.
2 - المسؤولية:
القادة هم أصحاب العمل، لذا يفكرون بالنتائج على المدى الطويل ولا يضحون بالقيمة طويل الأجل لتحقيق نتائج قصيرة الأجل. وهم يتصرفون ويتخذون قراراتهم نيابة عن الشركة بأكملها ويتحملون المسؤولية كاملة عن كل شيء يحدث في مؤسساتهم.
3 - ابتكر وبسّط:
يتوقع القادة الابتكار و الإبداع من فرقهم ويطلبون هذا الأمر منهم دائماً، كما يجدون طرقاً لتبسيط المهام والأعمال. إضافة إلى أن القادة يتمتعون بأفق واسع، ويبحثون عن أفكار جديدة من كل مكان.
4- القادة على حق:
القادة على حق على الأغلب، إذ لديهم بصيرة قوية وحدس جيد، كما أنهم يسعون للحصول على وجهات نظر متنوعة ويعملون على تحدي أفكارهم.
5- تعلم وكن فضولياً:
عملية التعلم لا تنتهي بالنسبة للقادة، ويسعون دائماً إلى صقل مهاراتهم ومدركاتهم. إنهم فضوليون للتعرف إلى الفرص الجديدة واستكشافها.
6- فكّر على نطاق واسع:
إن التفكير على نطاق محدود نبوءة تحقق ذاتها، وعوضاً عن ذلك، يخطّ القادة مسارات جديدة جريئة تحفّز نتائج ملهمة،إضافة إلى أنهم يفكرون بشكل مختلف وينظرون حولهم بحثاً عن طرق لخدمة عملائهم.
7- التحيّز للعمل:
إن السرعة مهمة في العمل، فالقرارات والإجراءات قابلة للعكس ولا تحتاج إلى دراسة مكثفة، وفي «أمازون» نحن نقدر المخاطرة المحسوبة.
8- حسن التدبير:
حقق المزيد بأقل الموارد، حيث إن القيود تولّد حسن التدبير والاكتفاء الذاتي والابتكار. ولا توجد فوائد إضافية من زيادة عدد الموظفين أو حجم الميزانية أو المصروفات الثابتة.
9- اكسب الثقة:
يستمع القادة باهتمام ويتحدثون بصراحة ويعاملون الآخرين باحترام، وعادة ما يكونون صريحين وينتقدون أنفسهم ويذعنون بأخطائهم حتى عندما يكون القيام بذلك أمراً محرجاً، كما أنهم يقيسون أداءهم بأداء من هم أفضل.
10- توظيف الأفضل:
يرفع القادة سقف الأداء بعد كل تعيين جديد وترقية، وهم يكتشفون الأشخاص ذوي المواهب الاستثنائية ويصقلون مهاراتهم و يمنحونهم المناصب التي يستحقونها، ويساهم القادة في تنشئة قادة مثلهم، وهم جادون بشأن مهمتهم في تدريب الآخرين، وتعمل «أمازون» نيابة عن موظفيها لابتكار آليات للتنمية مثل منح الموظف فرصة اختيار تخصصه المهني.
11- التشديد على أعلى المعايير:
لدى القادة معايير عالية لا يتنازلون عنها، وقد يعتقد الكثير من الناس أن هذه المعايير مبالغ فيها بشكل كبير. ويرفع القادة باستمرار معاييرهم ويحفزون فرقهم على توفير منتجات وخدمات عالية الجودة، كما يحرصون على حل جميع المشكلات وإصلاح جميع العيوب لكي لا تظهر مرة أخرى.
12- التركيز في كل شيء:
يعمل القادة على جميع المستويات، ويبقون مطلعين على أدق تفاصيل العمل، ويقومون بالتدقيق بكل شيء بشكل متكرر.
14- كن صريحاً:
يطعن القادة في احترام القرارات عندما لا تتفق مع آرائهم، حتى عندما يكون القيام بذلك غير مريح أو مرهقاً.
14- تحقيق النتائج المرجوة:
يركّز القادة على المدخلات الرئيسية لأعمالهم ويحققون النتائج بالجودة المرجوة وفي الوقت المناسب.
