الإرهاب مجدداً

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يشكل اغتيال السفير الإيطالي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لوكا أتانازيو، خلال هجوم على قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، أمس الاثنين، تحدياً إرهابياً جديداً للعالم؛ لأنه استهدف منظمة إنسانية من جهة؛ ومسؤولاً دبلوماسياً، يعمل في إطار مهمة توطيد العلاقات بين الدول والشعوب من جهة أخرى، خصوصاً أن السفير المغدور كان يرافق قافلة مساعدات إغاثية، لدولة تغرق بأعمال الإرهاب الذي يستهدف المدنيين.

 وإذا كانت عملية الاغتيال هذه تشكل امتداداً لعمليات إرهاب مماثلة، تعانيها الكونغو على يد تنظيمات إرهابية، وكان آخرها مصرع 11 شخصاً قبل أيام في هجوم إرهابي استهدف لوبومباشي، ثانية أكبر مدن الكونغو الديمقراطية، فإن ذلك هو نموذج لحال دول إفريقية عدة، وخصوصاً دول الساحل التي تعاني  منذ سنوات  إرهاباً متعدد الأوجه؛ قوض الأمن والسلام فيها، وشرّد الملايين الذين باتوا يعتمدون في حياتهم على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة عبر وكالاتها المتعددة؛ ومن بينها برنامج الأغذية العالمي الذي تعرض العديد من العاملين فيه إلى القتل والاختطاف في أكثر من مكان على يد عصابات مسلحة، ومنظمات إرهابية.

 إن دولة الإمارات عندما تستنكر مثل هذا العمل الإجرامي، وترفض جميع أشكال العنف التي تزعزع الأمن والاستقرار، فلأن هذه الأفعال تتنافى مع القيم والمبادئ الدينية والإنسانية، كما أكد ذلك بيان وزارة الخارجية والتعاون الدولي.

 إن هذا الحادث يدل على أن المواجهة مع الإرهاب سوف تطول؛ لأن الإجراءات التي تُتخذ ضده غير كافية، وتبدو قاصرة عن كبحه واجتثاثه، أو أنها غير جدية في مواجهته، أو أنها تستخف بقوته؛ لذلك فإن خطره سوف يشتد، وقد يأخذ أشكالاً جديدة غير مألوفة، ما لم تتشكل جبهة عالمية حقيقية، تتعامل مع الإرهاب بجدية، وتضع استراتيجية واحدة؛ لمواجهته، وهذا يستدعي تغييراً جذرياً في أساليب المواجهة. 

 ومن أول شروط نجاح المواجهة، أن تتوقف الدول عن استخدام المنظمات الإرهابية، أدوات غير معلنة في الصراع على المصالح والنفوذ، ثم تجفيف منابع الإرهاب مالياً وتسليحياً بشكل فعلي؛ لأن هناك قنوات سرية لا تزال تعمل لمصلحة المنظمات الإرهابية، وأيضاً إطلاق حرب عالمية على الإرهاب، تماماً مثل الحرب على جائحة «كورونا»، وهذا يستلزم وقف كل الصراعات الحالية بين مختلف دول العالم بشتى أشكالها، والتركيز على مواجهة هذين الوباءين.

 إن خسارة الحرب على الإرهاب، وعلى وباء «كورونا»، سوف تشكل كارثة حقيقية للبشرية لن تسلم من تداعياتها وأخطارها؛ لذلك فإن أي تأخير في المواجهة المشتركة يعني إطالة أمد الخطر وتعاظمه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"