سوريا.. الطبخة لم تنضج بعد

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

المبعوث الدولي إلى سوريا جير بيدرسون، وصل قبل يومين إلى دمشق قادماً من مدينة سوتشي الروسية، حيث شارك في اجتماع الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانا (روسيا، وإيران وتركيا)، يومي 16 و17 الشهر الحالي، كما التقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. محادثات بيدرسون في العاصمة السورية، خصوصاً اجتماعه مع وزير الخارجية فيصل المقداد، ركزت على تنفيذ مضمون القرار 2254، وأسباب فشل اجتماع اللجنة الدستورية للمرة الخامسة في التوصل إلى صيغة مقبولة لإعادة كتابة الدستور السوري، أو تعديله، إضافة إلى الوضع الاقتصادي والإنساني، والوجود الأجنبي على الأراضي السورية.

 يذكر أن اللجنة الدستورية التي تضم ثلاثة وفود، تمثل الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، كانت اختتمت اجتماعها الخامس في جنيف يوم 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، من دون تحقيق أي تقدم يذكر، وهو الاجتماع الذي ترأسه بيدرسون ووصفه بأنه «فرصة ضائعة»، و«مخيّب للآمال».

 لعل بيدرسون بات مقتنعاً بأن مهمته كلها باتت «فرصة ضائعة»، وليس مجرد اجتماع اللجنة الدستورية، لأن الأزمة باتت في الواقع أكبر منه، وأكثر تعقيداً وتشابكاً من قدرته على «فكفكتها»، أو فتح ثغرة في مسار تسويتها. كما أن لا مسار أستانا، ولا اجتماعات سوتشي وجنيف يمكن أن تطلق إشارة التسوية السياسية حتى الآن، لذا فإن محادثات بيدرسون في دمشق لن تكون أكثر من إشارة دولية إلى أن الأمم المتحدة تواصل جهودها بحثاً عن تسوية لأزمة طال أمدها، وتلقي بظلالها المأساوية على الشعب السوري.

 لقد استهلكت الأزمة السورية عدداً من المبعوثين الدوليين الذين فشلوا في مهمتهم، بدءاً من الأخضر الإبراهيمي، وصولاً إلى بيدرسون، ليس لأنهم يفتقدون الكفاءة والقدرات الدبلوماسية، بل لأن الأزمة كانت أكبر منهم، وتعقيداتها كانت ثقيلة ومتشابكة وعصيّة على الحل، فآثروا الانسحاب بهدوء تاركين لغيرهم مهمة المحاولة.

 ولعلنا نذكر أنه في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2015، صوّت وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالإجماع، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة يومها بان كي مون، والمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، على قرار حمَل الرقم 2254 تضمّن خطة سلام وآلية تنفيذية حول الانتخابات والدستور ووقف الأعمال القتالية وإعادة النازحين والإعمار، لكن شيئاً من ذلك لم ينفّذ رغم مضي خمس سنوات على صدور القرار.

 الطبخة لم تنضج بعد، وتحتاج إلى المزيد من الوقت، لأن العناصر التي تحتاج إليها غير متوافرة، ولأن عدد الطبّاخين أكثر من اللزوم، ولأن أذواقهم مختلفة ومتباينة، ولأن وقود النار اللازم للنضوج غير متوفر.

 أعان الله سوريا وشعبها.. لقد وقع هذا البلد العربي فريسة أطماع خبيثة، بعيدة وقريبة.. والمأساة الكبرى أن العرب، وجامعتهم، عنها لاهون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"