عادي

أبناء العمومة

00:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
محكمة
محكمة

كتبت: آية الديب:
تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
حب من طرف واحد ولَّد معاناة عاطفية للمحب الذي ظل لفترات طويلة ربما تصل لسنوات رافضاً البوح للطرف الآخر بمشاعره خوفاً من رفضها له، وفي الوقت ذاته يرفض قلبه وعقله فكرة البعد والنسيان، وظل يدور في دوائر مفرغة من المشاعر الواهية المختَلَقة حتى انتهت به الحال إلى الوقوف هو ومحبوبته أمام القضاء خصمين.
أحب «أحمد ابنة» عمه منذ طفولته وكان على يقين بأن حبه لها لا يعدوه حب ولا يضاهيه شيء، فكان يكن في صدره لها مشاعر تفيض لتكفي بنات مدينته بالكامل، إلا أنه احتفظ بمشاعره نحوها سنوات، وكبرت أمام عينه وتحولت من طفلة بريئة إلى فتاة جذابة على قدر عال من الجمال.
أما «مريم» ابنة عم «أحمد» فكانت تكن له المودّة منذ صغرها فهو ابن عمها ويسكن بجوار منزل والدها وكثيراً ما لعبا ومزحا معاً في الصغر، وبعد أن كبرت صارت تلجأ له في حال تعرضها لأي موقف يصعب التصرف فيه.
و عندما تقدم عريس مناسب لخطبنها أسرعت «مريم» لتأخذ رأي «أحمد» فيه وهل ترد على والدها بالموافقة أم تؤجلها لحين التعرف إلى العريس أكثر؟ حينها جن جنون «أحمد» ففتاته تشاوره في الارتباط بآخر، ولكن لمَ لا فهو لم يبح لها بأي شيء من مشاعره، واهتمامه بها وبشؤونها في نظرها يأتي في إطار القرابة الواصلة بينهما.
أدعى «أحمد» أنه يعرف الشاب المتقدم للخطبة جيداً وأن سلوكه غير سوي، وأنه يخشى عليها الارتباط بمثل هذا الشاب ونجح في إقناعها بالرفض، وقرر بعدها أنه لا مجال للانتظار أكثر من ذلك فقد كبرت ويتقدم آخرون للارتباط بها، وأصبح البوح لها بمشاعره تجاهها ضرورياً.
استمر«أحمد» شهراً يفكر في الطريقة المناسبة التي يبلغها بها بمشاعره تجاهها، وفي كل مرة يقابلها تحتبس كلماته، إلى أن تحدث إليه أحد أصدقائه برغبته في خطبتها وطلب منه مساعدته باعتباره قريبها وسيكون له تأثير إيجابي على والدها وأخيها بإعطاء انطباع جيد عنه.
بعدها اتصل «أحمد» بقريبته «مريم» هاتفياً وأبلغها أن هناك أمراً ضرورياً يريد إبلاغها به، وما وأن وصلت لمقابلته أبلغها بمشاعره تجاههان إلا أن ردها عليه كان صادماً، حيث لم تتمالك نفسها وصارت تضحك مما قاله، وحينما لمست غضبه، أكدت له بهدوء أنه في منزلة شقيقها الذي نشأ معها ورافقها طفولتها ولا تستطيع تقبل علاقته بها بما يتخطى ذلك، ثم غيرت محور الكلام إلى موضوع آخر.
وعلى الرغم من قسوة رد مريم على أحمد لم ييأس وفاتحها في ارتباطه بها أكثر من مرة، حتى سئمت الأمر وصار مصدر إزعاج بالنسبة لها، وفي آخر مرة طلب الارتباط بها من شقيقها - ابن عمه- إلا أن «مريم» كانت قصت لشقيقها بالفعل ما صار بينها وبين «أحمد» وأنها قابلته بالرفض لأكثر من مرة، وهنا لم يكن أمام شقيقها سوى التأكيد لأحمد أنه ليس في إمكانه إجبار شقيقته على الزواج بأي شخص مهما كان هذا الشخص قريباً منه، وقررت «مريم» وشقيقها الابتعاد عن «أحمد» لفترة حتى يتأكد من أن رفض «مريم» الزواج منه أمر نهائي، وظل «أحمد» يحاول التواصل معهما لكن من دون إجابة، وزاد هذا الابتعاد «أحمد» غضبا فوق شجنه وحزنه ودفعه إلى تصرفات غير مسؤولة.
ظل «أحمد» يتابع «مريم» وشقيقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحينما رأى منشوراً لشقيقها على موقع «فيس بوك» علق تعليقاً يحمل في طياته تلميحات للمشكلات الواقعة بينهم، وحينما قرأت «مريم» هذا التعليق تواصلت مع “أحمد” عبر موقع «واتس أب» وطالبته بالكف عما يصدر منه مؤكدة أن أفعاله تزيدها رفضاً له حتى كقريب ، وازداد الحوار بينها وبين “أحمد” في محادثة « واتس أب» حدة إلى أن انتهى بأن سبَّ “أحمد” ابنة عمه “مريم” فرفعت عليه دعوى قضائية اتهمته فيها بسبها، وبعد نظر محكمة أول درجة للدعوى قضت بإدانة “أحمد” وتغريمه 250 ألف درهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"