الاعتدال لعيش سليم

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين
صباح الخير

ما إن يدلف أي منّا إلى مركز تسوّق، أو جمعية استهلاكية، أو متجر من المتاجر، بخاصة في أيام العطلات والإجازات، حتى يرى المشهد العجيب نفسه؛ المتسوقين (القادرين) من كل الفئات يجرّ كل منهم عربة وربّما اثنتين، تكتظان بكل ما استطاع وضعه فيهما، من مواد غذائية وأدوات وأشياء، منها الضروري، وكثير منها غير ضروري للاستهلاك اليومي أو حتى الأسبوعي.
الإمارات بلد الخير، بلا شك، ويعرف ذلك ويعيشه كل من يعيش على أرضها المعطاء، وبين أهلها الطيّبين، وفي ظل قادتها الكرماء، وحكومتها الرشيدة، ولا يطلب أي منّا شيئاً من أي صنف غذائي أو معاشي، أو صحّي، أو أدوات المنزل، إلا وجده، وكثير من الخضار أو الفواكه تجدها في غير موسم إثمارها، وتغصّ بها البقالات والمراكز والمتاجر، فلمَ لا يأخذ الشخص ما يلزمه للاستهلاك ليوم أو يومين، بدلاً من تكديس ثلاجته، وبعد بضعة أيام، يجد أن كثيراً مما اشتراه مآله حاويات القمامة، أو غمر خزانته، بما هو ضروري وغير ضروري، وبعد مدة، يخبو لونها، وتؤول كذلك إلى المهملات؟
متى نربي أنفسنا على ثقافة الترشيد والادّخار، والتسوّق العقلاني؟ 
وهذا الأمر لا يخصّ التسوّق والمواد الغذائية، وحسب؛ بل يندرج في كل مناحي الحياة، فالترشيد مطلوب في استهلاك الماء والكهرباء والمكيّف، والسيارة والسهر والطعام، فليس أفضل من الاعتدال والتوازن، لعيش سليم وكريم وصحي.
الأمر سهل، فجلوس الزوجين معاً، ووضع ورقة يكتبان عليها الحاجات الضرورية للاستهلاك ليومين أو ثلاثة حداً أقصى، وتفقد المنزل، ومعاينة أغراضهما وأغراض الأبناء، فما يكون صالحاً يبقى، وما هو غير صالح حجماً أو لوناً.. فأبواب الخير والتكافل مشرعة، وثمة كثير من الأسر أو الأشخاص يحتاجون إلى ما يستر أجسادهم، ويقيهم حرّ الصيف وقرّ الشتاء، وفي كثير من البلدان، وهي معروفة للجميع.
وكذلك الطعام الذي يفيض، ويزيد على حاجة الأسرة، يمكن التبرّع به كذلك، لأسر تعاني شظف العيش، وقلة القوت، لأسباب كثيرة، منها عجز العائل، أو مرضه.
من الضروري مواجهة زيادة الإسراف في المشتريات بنشر ثقافة الادخار في المجتمع، وتعزيز الوعي الأسري بالتخطيط المالي والثقافة المالية، والانتقال من مفهوم الاستهلاك إلى الادخار.
ليس عيباً أن يحمل كل منّا بطاقة في جيبه، تذكره بما هو ضروري، وغير ضروري، فالاعتدال والتوازن أساس الحياة السليمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"