انتعاش أسعار النفط في ظل «كوفيد-19»

18:03 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد*

في تقريرها لشهر يناير 2021، استندت وكالة الطاقة الدولية (IEA)، إلى أجواء الصقيع التي ميزت شتاء هذا العام في أوروبا وآسيا، وكذلك التزام مجموعة «أوبك بلس» بتخفيضاتها الإنتاجية، للتقرير بأن هذين العاملين، كانا حاسمين في تزخيم مفاعيل الأساسيات الاقتصادية في مفاصل الاقتصاد العالمي، وإنعاش الطلب على الطاقة، وضمنه الطلب على النفط، . كما رفعت الوكالة توقعاتها بشأن متوسط سعر برميل النفط من نوع برنت لعامي 2021 و2022.

وإذ تستند الوكالة إلى بيانات وتوقعات الشركة البريطانية Oxford Economics المتخصصة في التنبؤات والتوقعات الاقتصادية المستقبلية، فإنها تتوقع بأن ينمو إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة 5.4% هذا العام، وبنسبة 4.3% في عام 2022، بعد أن سجل تراجعاً بنسبة 3.9% في عام 2020. إنما نمو الاستهلاك العالمي في عام 2021، لا يشمل عودة حجم الاستهلاك العالمي للبترول ولأنواع الوقود السائل الأخرى إلى المستوى الذي كانت عليه في عام 2019.

ما يحدث في السوق اليوم بين كافة منتجي النفط، سواءً أولئك المنضوين ضمن تحالف «أوبك بلس»، أو ما يمكن أن نسميهم بالمنتجين المستقلين، يشبه إلى حد ما لعبة الكراسي الموسيقية..أي التسابق على شغل أي فراغ يشغر في حصص السوق الموزعة بين كافة المنتجين بطريقة غير منظمة. في خضم هذه اللعبة التي ظهر فيها الإنتاج النفطي الأمريكي، لاسيما النفط الصخري، خاسراً لجزء من حصته السوقية العالمية؛ وظهرت فيها المملكة العربية السعودية كلاعب حاسم يُنسب له الفضل ليس فقط في وقف تدهور سعر برميل النفط، وإنما في وضعه في المسار الصعودي، على الرغم من كل الأضرار الجسيمة التي ألحقها فيروس «كوفيد-19 «بالاقتصاد العالمي وبضمنه القطاع النفطي والذي من نتائجه، إعلان كبريات شركات النفط العالمية عن خسائر كبيرة. ففي الوقت الذي أعلنت فيه السعودية في اجتماع «أوبك بلس» الذي اختتم أعماله في 5 يناير الماضي، بأنها ستخفض من جانب واحد إنتاجها لشهري فبراير ومارس 2021، بواقع مليون برميل يومياً دعماً للأسعار، ما سيخفض إجمالي إنتاجها إلى 8.1 مليون برميل يومياً، فقد سُمح لروسيا التي أصرت على زيادة الإنتاج بحجة عدم منح منتجي النفط الصخري الأمريكيين الفرصة للاستحواذ على جزء من حصة تحالف «أوبك بلس» في السوق، بزيادة إنتاجها بمقدار 65,000 برميل يومياً في شهر فبراير، و65,000 برميل أخرى يومياً في مارس، ما سيرفع إجمالي إنتاجها إلى أكثر من 9.2 مليون برميل يومياً.

هنالك عامل آخر طارئ ساعد على دعم السياسة الإنتاجية المرنة لتحالف أوبك بلس، ويتمثل في اجتياز السوق لحالة من التوازن التي أنشأت نفسها بنفسها، إنما بعوامل خارجية. ويمكن تمثّلها بحالة «التنازل عن ميزة من أجل الحصول على أخرى» (Trade off). وهي حالة أسهمت فيها جائحة كورونا (الضغط الهائل الذي مارسته على الطلب) بقدر إسهام السياسة الإنتاجية المرنة لأوبك بلس. وقد تسببت الجائحة في اضطرار الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في «أوبك» لخفض إنتاجها في عام 2020 بواقع 2.3 مليون برميل يومياً (مقارنة بمتوسط إنتاجها في عام 2019)، كانت حصة الولايات المتحدة وكندا، الأكبر في هذا الخفض. ولكن هذا ظرف طارئ، يجب أن تتحسب له «أوبك» وشركاؤها في «أوبك بلس». فإنتاج الدول غير الأعضاء في «أوبك»، سوف يعاود الارتفاع هذا العام والعام المقبل تباعاً بواقع 1.2 مليون برميل يومياً و2.3 مليون برميل يومياً على التوالي.

على أي حال، تبدو سلعة النفط اليوم في سوق النفط العالمية، وكأنها في تحد وصراع مع «كوفيد-»19، فمقابل هجمة موجته المتحورة الجديدة، يرد النفط بقوة أكبر في الميدان بأداء اخترق به يوم الاثنين 8 فبراير 2021، حاجز أل 60 دولاراً للبرميل من خام برنت، بقفزة كبيرة مقدارها 1.28 دولار، وذلك لأول مرة منذ بداية هجومه أوائل العام الماضي. وتختلط الأوراق في هذا السباق/التحدي، بين سياسة تقييد الإنتاج من جانب أوبك بلس، وتواصل هجمة الفيروس الشرسة الجديدة التي أعادت الإغلاقات في مناطق العالم المختلفة بدرجات متفاوتة، وبين تواصل «هجمة» التلقيح المضادة الآخذة في الاتساع رغم مشاكل النقص في اللقاحات وطريقة توزيعها .

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"