ليبيا وشياطين التفاصيل

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

في الموعد المحدد، وقبيل انقضاء ال21 يوماً التي منحها ملتقى الحوار الوطني الليبي لعبد الحميد الدبيبة لتشكيل الحكومة المؤقتة التي ستشرف على الانتخابات المقررة يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أنجز الدبيبة تشكيل الحكومة وسلمها إلى البرلمان للموافقة عليها، ومنحها الثقة. لكن يبدو أن هناك عقبات تعترض انعقاد البرلمان بسبب خلافات حول مكان انعقاده، ومن يترأس الجلسة، إذ إن نواب المنطقة الغربية يعترضون على أن تكون مدينة سرت هي المكان الذي يحتضن الاجتماع، كما أنهم يرفضون أن يترأس عقيلة صالح الجلسة، كذلك برزت خلافات حول توزيع المناصب السيادية بين الأقاليم الليبية.

 وكان الدبيبة قد أعلن الخميس الماضي تقديم تشكيلة حكومته إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح، مؤكداً أن هذه الخطوة جاءت «احتراماً للمدة الزمنية الممنوحة لنا في خارطة الطريق»، موضحاً أنه وضع في اعتباره الأبعاد التي عاشتها البلاد في الفترة الأخيرة، وخروجها من حالة نزاع حاد وشعور الكثير من أبناء الشعب الليبي بالتهميش وغياب التمثيل، وكذلك إشكالية الشرعية السياسية والقانونية وانقسام المؤسسات. وأشار إلى أنه اعتمد في تشكيل الحكومة على التشاور والحوار، وبعد أن أجرى مشاورات مكثفة مع ممثلي الدوائر الانتخابية في مجلس النواب، ومع ممثلين عن لجنة الحوار، بالإضافة إلى بعض مكونات المجتمع المختلفة.

 وفي إطار الانقسام الذي برز بشأن مكان اجتماع البرلمان، بدأ نواب في طرابلس جمع توقيعات من أجل عقد جلسة عامة ورسمية لمنح الثقة إلى الحكومة تستثني عقيلة صالح، وتسند رئاستها إلى نائبيه فوزي النويري وأحميد حومة، وفي مدينة أخرى غير سرت.

 وأمام هذه الإشكالية الخاصة بمكان انعقاد جلسة الثقة التي من المقرر أن تحصل خلال 21 يوماً، حذر الدبيبة من أنه في حال فشل البرلمان واستمرار الانقسام فإنه سوف يلجأ إلى الخيار الآخر، أي طلب الثقة من ملتقى الحوار السياسي.

 عقيلة صالح من جهته بدا متفائلاً بعد زيارته إلى المغرب يوم أمس الأول، واجتماعه إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة، إذ أكد أن النصاب سوف يتوفر في جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة، وأشار إلى أنه في حال تعذر الاجتماع في سرت فسيكون في طبرق.

 لكن تفاؤل عقيلة صالح يصطدم بواقع الانقسام الذي يفرض نفسه، حيث أن جهود الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لتجسير العلاقات بين الأقاليم الليبية الثلاثة، وخصوصاً بين طرابلس وبنغازي تواجه بعض العراقيل، وتحتاج إلى مزيد من الجهود لحلحلتها، من أجل تعبيد الطريق أمام اجتماع البرلمان ومنح الثقة للحكومة من دون اعتراض على مكوناتها.

 يقال، تكمن الشياطين في التفاصيل. لقد تم قطع الأميال الأولى على طريق التسوية السياسية الليبية، وبقيت بقية الأميال، بانتظار هزيمة الشياطين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"