عادي

يوسف شعبان.. فنان «جوكر» هزمه «كورونا»

18:33 مساء
قراءة 5 دقائق
يوسف شعبان

القاهرة:«الخليج»
بعد معاناة كبيرة مع المرض، رحل الفنان المصري الكبير يوسف شعبان، عن عمر ناهز 90 عاماً، الأحد، إثر مضاعفات إصابته بفيروس "كورونا"، الذي أصيب به مطلع الأسبوع الماضي، عقب عودته من رحلة إلى لبنان، وأشارت ابنته زينب، إلى أنه تقرر تشييع جنازته بعد صلاة ظهر، الاثنين، من مستشفى العجوزة بالقاهرة، إلى مقابر العائلة بطريق الواحات بمدينة السادس من أكتوبر.
شعبان «جوكر» صلح لأداء كل الأدوار الفنية ببراعة، ولد في حي شبرا، أحد أعرق أحياء القاهرة ومصر بشكل عام في 16 يوليو/ تموز 1930، وكان الابن الأكبر لأسرته، ولم يكن هناك في الأسرة أو العائلة له ميول فنية، ليقرر والده قبل وصوله إلى سن المدرسة، أن يلحقه بإحدى مدارس الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم، ليحفظ أجزاءً منه ساعدته على إتقان اللغة العربية وسلامة مخارج الألفاظ، ومنحته مع صوته المميز قوة في التعبير والإلقاء، ما ظهر واضحاً عليه عندما التحق بالمدرسة الإسماعيلية في شبرا، ليقف أمام الميكروفون لأول مرة قبل أن يكمل عامه العاشر في مدرسته الإسماعيلية الابتدائية، حين اختاره مدرس اللغة العربية بعد أن لاحظ قوة شخصيته وصوته وسلامة لغته ليلقى كلمة في الإذاعة بمناسبة المولد النبوي الشريف. 
اتجه شعبان إلى دراسة الأدب ونمّى قدراته في التمثيل والإلقاء، لتكون البداية الحقيقية، عندما التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية في شبرا، ليلفت نظره عبارة كتبت على لوحة الإعلانات في المدرسة: «على من يرغب في الانضمام لفريق التمثيل التواجد في مدرج الطبيعة بعد انتهاء الحصص».
ومن مدرج الطبيعة كانت البداية، حيث التقي بأصدقاء الدراسة، الذين انضموا إلى فريق التمثيل، من بينهم حمدي أحمد، وبليغ حمدي، فيما يشرف على فريق التمثيل الفنان الشاب صلاح سرحان، الشقيق الأكبر للفنان شكري سرحان، الذي كان يعد رواية لتقديمها على مسرح الأزبكية، غير أن جسده الضئيل وقتها، جعل سرحان يرجئ مشاركته مع فريق التمثيل للعام التالي، وهو ما حدث بالفعل وأسند إليه في العام التالي دوراً في مسرحية «سالومي»، ليحصل على الجائزة الأولى.
ورغم هذه البداية المبشرة، إلا أن يوسف لم يفكر في دراسة أو احتراف التمثيل، بل اتجه إلى ممارسة هوايته في الرياضية، وحصل على بطولة المدارس في المبارزة والسلاح، والتحق بكلية الحقوق جامعة عين شمس، ليلتقي في فريق التمثيل بالكلية بكل من سعد أردش، كرم مطاوع، نجيب سرور، وإسلام فارس، صلاح السقا، سعيد عبد الغني، وإبراهيم نافع الذي أصبح فيما بعد كاتباً صحفياً ورئيساً لتحرير جريدة الأهرام، فيما كان الفنان حمدي غيث يقوم بإخراج مسرحية «هاملت»، والبطل كرم مطاوع، وشارك فيها نجيب سرور، لتكون المسرحية أول مشاركة له مع فريق التمثيل بالكلية، لينصحه حمدي غيث بالالتحاق بمعهد التمثيل، ليتوجه إليه بالفعل، وكان رئيس لجنة الاختبار الفنان الكبير حسين رياض، وما إن نجح في الاختبارات، حتى قرر أن يترك كلية الحقوق ويتفرغ لمعهد التمثيل.
انطلاقة سينمائية
شارك يوسف شعبان في عدد كبير من عروض المعهد، غير أن أول عمل على مستوى الاحتراف له، جاءه في السنة الثالثة بالمعهد، عندما شاهده حسن إبراهيم، مساعد المخرج الكبير هنري بركات، في مقر نقابة الممثلين، فرشحه للمخرج بركات، ليكون أحد أصدقاء «إبراهيم حمدي» الذي جسده عمر الشريف في فيلم «في بيتنا رجل» في عام 1961، ليلفت الأنظار من خلال هذا الدور القصير، لدرجة أنه في العام التالي 1962 شارك في ستة أفلام دفعة واحدة، وبأدوار متنوعة هي: «يوم بلا غد، للنساء فقط، أيام بلا حب، أنا الهارب، الحقيبة السوداء»، وفي الفيلم السادس اكتشفه المخرج الكبير حسن الإمام، حيث قدمه في دور البطولة الرابعة، بعد فاتن حمامة وشادية وعمر الترجمان، في فيلم «المعجزة» ليبرع في دور البلطجي «عباس الدعكي»، ليزداد اقتناع حسن الإمام به، ويسند إليه دور البطولة في العام التالي 1963، أمام الفنانة شادية من خلال رائعة الكاتب نجيب محفوظ «زقاق المدق»، ليحقق خلاله يوسف شعبان نجاحاً كبيراً، ويؤكد بصمته القوية في أدوار الشر، بصيغة جديدة للشرير الوسيم، غير أن حسن الإمام لم يدع الفرصة للمخرجين لحصاره في نوعية أدوار الشر، ويقدمه في العام نفسه 1963، في دور البطولة أمام الفنانة ماجدة في فيلم «بياعة الجرايد» من خلال الشاب الفقير بائع الجرائد المثقف المعتد بنفسه، ليشهد العام نفسه تقاسمه البطولة أمام سميرة أحمد وتحية كاريوكا وعماد حمدي في فيلم «أم العروسة»، ليختاره في العام نفسه أيضاً المخرج العالمي «وولف ويلا» ليشارك النجمة فاتن حمامة والنجم العالمي جورج ساندرز، وريتشارد جونسون، ومجموعة من النجوم المصريين في الفيلم المصري البريطاني «القاهرة».
بعدها أصبح يوسف شعبان واحداً من نجوم الصف الأول، بل كان سبباً مباشراً في أن يخفض بعض كبار نجوم السينما أجورهم، بعد أن أصبح له حضور واضح، وأصبح مطلوباً من شركات الإنتاج، التي رأت أنه يمكن أن يكون بديلاً لكبار النجوم، خاصة أنه أصغر سناً، وأقل أجراً من النجوم الكبار، ويحمل مواصفات «الجان»، ويصلح لتقديم كل الأدوار، ما بين الشر والرومانسية والتراجيديا والكوميديا أيضا، فانهالت عليه العروض بغزارة، ليشارك في العديد من روائع السينما المصرية التي أصبحت من أهم كلاسيكياتها، مع كبار نجمات السينما مثل، شادية، فاتن حمامة، ماجدة، هند رستم، سميرة أحمد، نادية لطفي، سعاد حسنى، زبيدة ثروت، ماجدة الخطيب، وغيرهن في عدد كبير من الأفلام، من بينها: «لو كنت رجلاً، للرجال فقط، حكاية نص الليل، ألف ليلة وليلة، أيام ضائعة، العلمين، مراتي مدير عام، مبكى العشاق، معبودة الجماهير، العريس الثاني، المساجين الثلاثة، ميرامار، هروب، نهاية الشياطين، حادثة شرف، المدينة الهائلة، زائر الفجر، حمام الملاطيلي، الرصاصة لا تزال فى جيبي، صابرين، المذنبون، دائرة الانتقام، أذكريني، قهوة المواردي، للفقيد الرحمة، الدباح، فقراء لا يدخلون الجنة، وصمة عار، هدى ومعالي الوزير، كشف المستور، قضية سميحة بدران، ليلة القبض على بكيزة وزغلول»، وغيرها عشرات الأدوار المتنوعة.
مشوار الدراما
استطاعت الدراما التلفزيونية أن تعيد تقديم يوسف شعبان بشكل جديد ومختلف ومتنوع، من خلال تعبيرات وجهه وقوة شخصيته، مثلما ظهر في شخصية «الأسطى سيد» في «عيلة الدوغري»، و«سيد» في «ليلة القبض على فاطمة»، و«رزق الهلالي» في «السيرة الهلالية»، و«الأستاذ إلهامي» في «امرأة من زمن الحب»، و«وهبي السوالمة» في «الضوء الشارد»، وذكاء وحكمة «الحاج درويش» في مسلسل «الوتد»، ورزانة وقوة وذكاء «اللواء محسن ممتاز» في «رأفت الهجان»، ودهاء «حافظ رضوان» في «الشهد والدموع»، والحاج «سلامة فراويلة» في «المال والبنون»، و«أمجد هاشم» في «ضمير أبلة حكمت»، والمعلم «سيد أبو ليلة» في الجزء الرابع من «ليالي الحلمية»، و«الأستاذ يوسف» في «الحقيقة والسراب»، وأحمد باشا حسنين في «أسمهان»، وغيرها عشرات الأدوار والشخصيات التي كانت وستظل راسخة في ذاكرة الفن والجمهور العربي.

1
1
1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"