عادي

في ولاية أمازوناس الفنزويلية.. الذهب يعطي الحياة ويأخذها

20:33 مساء
قراءة 3 دقائق
1

فنزويلا-أ.ف.ب

يزن خوسيه فالينزويلا كمية صغيرة من مسحوق الذهب على ميزان رقمي، ثم يضعها جانباً لدفع ثمن الوقود في ولاية أمازوناس الفنزويلية، حيث يعتبر هذا المعدن الثمين العملة المفضلة.
ويعمل فالينزويلا مساعداً لأولفر راميريز على متن القارب التجاري الذي يملكه الأخير، والذي يبحران فيه في نهر أورينوكو عبر حديقة ياباكانا الوطنية في ولاية أمازوناس على مسافة 750 كيلومتراً جنوب العاصمة كراكاس.
والمنطقة نائية جداً، لدرجة أن السكان الذين يعيشون فيها يشيرون إلى فنزويلا كدولة بعيدة. فهم أقرب إلى كولومبيا والبرازيل.
ويرسي الرجلان قاربهما الخشبي الضيق في كاريتشي، وهي إحدى مستوطنات السكان الأصليين على طول ضفة النهر، ويبيعان البضائع للزبائن قبل أن يأخذا قسطاً من الراحة. وعلى متن القارب الآلي، لوح من الورق المقوى عليه أسماء المنتجات المتوافرة للبيع، مع أسعارها المحددة بـ«خطوط» من مسحوق الذهب، في منطقة يُطعم فيها التعدين غير القانوني أفواه العديد من السكان.
ويعادل «الخط» الواحد عُشر غرام من الذهب الذي تتغير قيمته حسب سعر البيزو الكولومبي. وفي يوم وصول فالينزويلا وراميريز إلى كاريتشي، كان سعر الخط يبلغ حوالي 20 ألف بيزو كولومبي.
وهذا يعادل حوالي 6 دولارات، لكن العملة الخضراء ليست مستخدمة كثيراً في هذه المنطقة، على عكس سائر أنحاء فنزويلا. وعلى لوح الورق المقوى، أعلن توافر علبة تونة مقابل خط واحد من مسحوق الذهب، ولتر من الزيت مقابل خطين، وكيلو من الحليب البودرة مقابل ثلاثة أو أربعة خطوط.
ويكلف لتر البنزين خطاً واحداً، حوالي 10 مرات السعر المفروض في كولومبيا. وكراكاس هي المدينة الوحيدة في فنزويلا، حيث يمكن ملء خزان الوقود من دون الوقوف في طوابير لأيام.

البوليفار لا قيمة له

وإضافة إلى سعر الوقود، كما شرح التاجران، هما يدفعان رشى على طول الطريق لقوات الأمن وزعماء السكان الأصليين الذين يتقاضون رسوماً مقابل العبور عبر أراضيهم. أما العملة الفنزويلية، البوليفار، فهي غائبة تماماً. وقال فالينزويلا: «لا قيمة لها».
وأضاف راميريز أن الأوراق النقدية تستخدم أحياناً لتغليف الذهب، لكن ليس للدفع. وفي هذا اليوم التجاري، كان نهر أورينوكو هادئاً، فيما يستمتع الرجلان بإطلالة خلابة على جبل ياباكانا الذي سمّيت الحديقة الوطنية باسمه.
لكن وراء هذا الجمال، تكمن قصة حزينة عن الدمار والعنف. يقول ناشطون إن المنطقة تدمرها عمليات التنقيب غير القانونية عن الذهب بمساعدة عسكريين يغضون النظر في مقابل رشى.
ورغم موقعها في حديقة محمية تضم كنزاً دفيناً من التنوع البيولوجي، فإن تعدين الذهب ينمو بمقدار 242 هكتاراً، ما يقرب من 300 ملعب كرة قدم، سنوياً، وفقاً لمنظمة «إس أو إس أورينوكو» غير الحكومية. وفي تقريرها الأخير عام 2019، قالت المنظمة إن التعدين في الحديقة يغطي مساحة 2227 هكتاراً.

«القبطان» يحدد

من المدن المحلية، تنطلق القوارب إلى الحديقة الوطنية بشكل منتظم، مع معدات التعدين الثقيلة التي تصل بالطائرة على مدارج صغيرة، قبل أن تشق طريقها في مجرى نهر أورينوكو. وتفيد منظمات غير حكومية أن الضرر الذي يلحق بالنظام البيئي للمياه العذبة لا يمكن إصلاحه. لكن الأمور تعقدت بسبب إصرار السكان المحليين على أن الحرس الوطني ليس له أي سلطة على مياه النهر.
والقانون السائد هو القانون الأصلي، وفي المنجم، «القبطان» هو من يتخذ القرارات، وهو غالباً ما يكون فرداً في منظمة إجرامية أو مجموعة شبه عسكرية أو إحدى العصابات.
وقال ميساييل هيريرا وهو عامل منجم يبلغ من العمر 19 عاماً «هو (القبطان) من يحافظ على النظام». وأضاف: «أنت تدفع له مقابل ما تجده». والوصول إلى هذه المناطق أمر خطر، وتكثر فيها جرائم القتل، إذ تتقاتل مجموعات مختلفة من أجل السيادة والسيطرة.
ولفت هيريرا إلى أنه بدأ العمل في التعدين قبل خمس سنوات «بدافع الضرورة»، ويقول إنه اكتشف العديد من «شوكانو» وهي كتلات من الذهب يعادل حجمها نصف إبهام. ومع ذلك، فهو يكسب فقط ما يكفي لشراء الضروريات.
وقال راميريز الذي بدأ مشروعه قبل عام بعدما باع سيارته لشراء قارب «لم أرَ في حياتي عامل منجم ثرياً». وهو يكسب حوالي 100 دولار في الأسبوع ويرسلها لأسرته. وختم: «من أجل كسب 100 دولار في فنزويلا، عليك أن تفعل المعجزات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"