أرمينيا.. أزمة تتفاقم

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم تكد أرمينيا تخرج من حربها مع أذربيجان حول إقليم ناجورني كاراباخ، حتى تفجرت أزمة سياسية عميقة بين كل من رئيس الوزراء نيكول باشينيان من جهة، والرئيس أرمين سركيسيان والجيش من جهة ثانية، تدفع هذا البلد الفقير الواقع في قلب القوقاز إلى شفير الفوضى.

 الأزمة هي في الواقع من تداعيات الحرب مع أذربيجان، وهزيمة أرمينيا فيها، واتهام المعارضة لباشينيان ب«الخيانة» لتوقيعه اتفاقية سلام «مذلة» مع باكو،ومطالبته بالرحيل،ثم انضمام هيئة أركان الجيش إلى المطالبة باستقالته.

 حشدت المعارضة صفوفها ونزلت إلى الشارع مطالبة باشينيان بالرحيل،ورد هو باتهام المعارضة بالسعي للقيام بانقلاب عسكري وأمر بإقالة قائد الجيش، وقرر الرد بالمثل طالباً من أنصاره النزول إلى الشارع لإثبات «استعداد الشعب لدعم النظام الديمقراطي والدستوري».

 وتفاقمت الأزمة مع رفض الرئيس سركيسيان الخصم السياسي لباشينيان طلب إقالة قائد الجيش باعتبار «أن الأزمة لا يمكن حلها من خلال التغييرات المتكررة للمسؤولين، وأن النضال السياسي يجب ألا يخرج عن الإطار القانوني، وألا يؤدي إلى صدامات وعدم استقرار».

 يذكر أن باشينيان كان أحد قادة المعارضة البارزين، وسجن لمدة عامين بعد تظاهرات 2008 احتجاجاً على الإنتخابات الرئاسية آنذاك، وانتقم عام 2018 بعد وصوله إلى السلطة من خلال ثورة سلمية أطاحت بالرئيس السابق سيرج سركيسيان، واعتبر يومها «بطلاً»، وكان يحظى بشعبية واسعة، ووعد بتخليص البلاد من الفساد، لكنه فقد جزءاً من شعبيته بعد هزيمة أرمينيا في حربها مع أذربيجان وتوقيعه اتفاق سلام فاوض عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما أفضى إلى خسارة أرمينيا مساحات واسعه من كاراباخ، وهي الحرب التي جرت خلال الخريف الماضي واستمرت لأسبوعين، وأوقعت حوالي ستة الآف قتيل.

 الأزمة تتصاعد، والمواقف الدولية تقتصر على الدعوة لضبط النفس وحل الخلافات السياسية من خلال الإلتزام بمبادئ الديمقراطية والوسائل السلمية، وعلى ضرورة محافظة القوات المسلحة على حيادها في الأمور السياسية، ومع أن التظاهرات والتظاهرات المضادة تأخذ طابع «عرض العضلات» بين باشينيان ومعارضيه من دون مواجهات، إلا أن الأمور قد لا تبقى كذلك، في حال قرر أحد الأطراف التصعيد وزيادة الضغط على الطرف الآخر.

 لذا يبدو أن الرهان على موسكو مجدداً هو الاحتمال الأكبر، بأن تتدخل لحل الخلاف من منطلق أن السماح بالفوضى في مجالها الحيوي وعلى تخومها الجنوبية يؤدي إلى نتائج سلبية على أمنها الوطني، خصوصاً في هذه المرحلة التي تواجه فيها روسيا «هجمة» أوروبية - أمريكية على خلفية المعارض نافالني وضم شبه جزيرة القرم والأزمة الأوكرانية، والخوف من احتمال استغلال الأزمة السياسية الأرمنية لإشغال روسيا بها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"