ملايين الفقراء على الطريق

00:37 صباحا
قراءة 3 دقائق

عدد الفقراء الجدد على مستوى العالم يتراوح بين 119 إلى 124 مليون شخص
أخيراً، صدر تقرير البنك الدولي حول مؤشرات الفقر الجديدة، المرتبطة أساساً بنتائج جائحة «كوفيد 19»، والتي ضربت الاقتصادات الناشئة، أو التي هي في طور النمو في العمق، حيث لم تكن الحكومات قادرة على التصدي للآثار الجانبية العميقة لانتشار الفيروس، وتعطل الإنتاج، الأمر الذي انعكس سلباً على وضعية مواطني تلك الدول الذين انحدروا تدريجياً بطبقاتهم الوسطى أو محدودة الدخل، إلى مستويات مرعبة من الفقر.
الدراسات الحديثة للبنك الدولي تشير إلى ولوج 124 مليون شخص جديد دائرة الفقر المدقع، (أقل من دولارين في اليوم)، ما يمثل تحديات جديدة أمام جميع دول العالم، لأنّ هؤلاء الملايين من الفقراء، سيرحلون بطرق قانونية، أو عبر مسالك تهريب البشر إلى ما يعتبرونه «الشمال الغني»، في محاولة منهم للبحث عن فرص عيش أفضل، وهذا ستنتج عنه تحديّات أمنية و استراتيجية غاية في الخطرة.
يقول تقرير البنك الدولي، إنّ إدارته قدرت أن ما بين 88 و115 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سيقعون في غياهب الفقر المدقع في عام 2020. وباستخدام التوقعات الواردة في هذا التقرير في يناير/ كانون الثاني 2021، فإننا نتوقع الآن أن يرتفع عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة «كورونا» إلى ما بين 119 و124 مليون. وهذه التقديرات تتماشى مع التقديرات الأخرى المستندة إلى توقعات النمو البديلة في الآونة الأخيرة. ويشير ذات التقرير إلى أنّه، للمرة الأولى منذ 20 عاماً، من المرجح أن يزداد معدل الفقر زيادة كبيرة. وباستخدام توقعات معدلات النمو من شهر إبريل/ نيسان 2020 في إطار خط الفقر البالغ 1.90 دولار في اليوم، تشير تقديرات البنك إلى أن 62 مليون شخص سيقعون في براثن الفقر المدقع على مستوى العالم في عام 2020، مع مساهمة منطقة جنوب آسيا ومنطقة إفريقيا جنوب الصحراء بنحو 40% من هذا العدد. وقام البنك بتنقيح التقديرات العالمية إلى ما بين 88 و115 مليون نسمة باستخدام توقعات معدلات النمو في يونيو/ حزيران 2020، مع وجود نحو 50% من الفقراء الجدد في منطقة جنوب آسيا. وباستخدام توقعات يناير/ كانون الثاني 2021، تشير تقديرات البنك، الآن، إلى أنّ عدد الفقراء الجدد على مستوى العالم سيكون ما بين 119 إلى 124 مليون شخص، منهم نحو 60% يعيشون في منطقة جنوب آسيا.
والثابت أنّ هذه التقديرات الجديدة لا تخصّ فئة من هم في خانة الفقر المدقع، أو من هم تحت خط الفقر، بل تمسّ أيضاً شريحة أخرى من الفقراء من فئة من يحصلون على أكثر من ثلاث دولارات في اليوم (3.20 دولار)، الذين تتسع شريحتهم هم أيضاً لتبتلع وافدين جدداً إلى غياهب الفقر المدقع، حيث يبيّن تقرير البنك أنّ هذه الفئة الثانية، تظهر زيادة في عدد الفقراء أيضاً عند خط الفقر الذي يبلغ 3.20 دولار. فعند خط الفقر هذا زاد عدد الفقراء الجدد على مستوى العالم بناء على سيناريوهات خط الأساس، حسبما ورد في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية من 175 مليون إلى 228 مليون شخص، (من يونيو/ حزيران 2020 إلى يناير/ كانون الثاني 2021)، ويرجع معدل الزيادة إلى منطقة جنوب آسيا. وعند خط الفقر البالغ 5.50 دولار، لا تزيد التغيرات السلبية على مستوى التقديرات العالمية، حيث إن التقديرات الجديدة تقع في الواقع ضمن النطاق الذي قدّره البنك، استناداً إلى تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو/ حزيران. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى آفاق أفضل من المتوقع بالنسبة لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، في مقابل الاتجاه التصاعدي لمنطقة جنوب آسيا.
إنّ جملة هذه الأرقام، تثبت أن العالم قد واجه أخطر أزمة صحيّة منذ عقود طويلة، ولكن الأخطر من ذلك هي النتائج الكارثية التي خلفتها الجائحة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. فالعودة التصاعدية لأعداد الفقراء، للمرّة الأولى منذ نحو 20 عاماً، هي تحدّ مزعج ومُقلق للسّلم والأمن الدولِيَيْن. فهؤلاء الفقراء سيكونون طعماً للجماعات الإرهابية، ولعصابات الاتجار بالبشر، بل إنّهم سيكونون بسبب فقرهم قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت ولحظة، وفي أي مكان في العالم.
والمشروع الذي قدّمته بريطانيا منذ أيّام لضمان عدالة في توزيع لقاحات «كوفيد 19» بين الدول الغنية والدول الفقيرة، هو مشروع مهمّ، لكن الأهم هو مشروع اجتماعي واقتصادي عالمي يحقق الحدّ الأدنى من العدالة الاجتماعية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"