قوة عربية متضامنة

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

خرج اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، قبل يومين، بفوائد عديدة أهمها تأكيد التمسك بالثوابت وخلق نهج جديد بتجاوز الانقسامات والخلافات ويحشد جهود الجميع في قوة عربية متضامنة تستطيع التفاعل مع المستجدات الإقليمية والدولية، وتقدر على رسم حدود واضحة للتدخلات الأجنبية، مهما كان مأتاها، في شؤون أي دولة.

استعادة التماسك العربي، يسمح ببلورة رؤية مشتركة ومواقف متسقة حيال كل القضايا المطروحة. وقد شددت الإمارات على هذا الأمر، بتأكيدها أن تزايد حجم التحديات يتطلب عملاً جماعياً وزيادة في التعاون والتنسيق والتعامل مع هذه التحديات بعقلانية وحكمة وتغليب الجهود الدبلوماسية في حل أزمات المنطقة، والغاية من ذلك تعزيز مناخ السلم والاستقرار لتحقيق تطلعات الشعوب العربية في التنمية والازدهار وتجاوز المحن، ومنها جائحة كورونا التي يأمل الجميع الخروج من تداعياتها بأخف الأضرار وأقل الضحايا.

استعرض اجتماع وزراء الخارجية العرب قضايا عدة، وللمرة الأولى، منذ سنوات، يتضح الإجماع بهذه الصورة، دون مناكفات أو مزايدات، وهو ما جعل من تلك الجلسة تاريخية، وما صدر عنها جاء متزناً متسلحاً بالحكمة والتعقل. وشدد على مركزية القضية الفلسطينية، التي أكدت كلمة الإمارات بشأنها أنها تدعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للدفع قدماً بعملية السلام في الشرق الأوسط وتقف مع الإجماع العربي ضد كل الممارسات غير القانونية التي لا تزال تشكل عقبة أمام حل الدولتين.

الاعتصام العربي بالتضامن والتآزر، يعزز الموقف القومي في مواجهة التدخلات الإقليمية، ويضع لها حداً بالحوار والإقناع والدفاع عن نواميس مبدأ حسن الجوار، ويتعلق الأمر بالتجاوزات الإيرانية والتركية غير المقبولة في عدد من الدول العربية، ولا سيما في اليمن، حيث يوفر الدعم الإيراني لميليشيات الحوثي الغطاء لاستمرار الاعتداءات المستنكرة على السعودية، وهو ما يجب أن يتوقف حتماً لأنه يقوض الأمن والاستقرار في الإقليم كله، فضلاً عن تهديده لسلامة الملاحة البحرية خصوصاً في البحر الأحمر وخليج عدن. كما على إيران إنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، والكف عن فرض الأمر الواقع بالقوة، والتوقف عن إقامة أي منشآت فيها، والالتزام بالدعوات الصادقة لحل القضية عبر المفاوضات المباشرة أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية. والموقف من طهران، ينطبق أيضاً على تركيا التي يجب أن تكف عن تدخلها في شؤون العراق وسوريا وليبيا، وتعود إلى قواعد الأخوّة والجوار التي جمعت لقرون طويلة الأمتين العربية والتركية.

ما يجعل من اجتماع القاهرة فاتحة لمرحلة جديدة، أن الأزمات، التي أنهكت الأمة في سوريا وليبيا واليمن، قد بدأت تأخذ طريقها إلى الحل السياسي، وإن بتفاوت. والحفاظ على هذا الزخم يتطلب نزاهة كبيرة في العمل العربي المشترك من أجل مستقبل أجيال الغد وكرامة هذا الجيل الذي عايش واحدة من أقسى مراحل التاريخ العربي المعاصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"