«رابـــونزل»..تناول الشعر يؤدي إلى الوفاة

يعد من أحلام أي فتاة أن يكون لها شعر طويل لامع، وهو ما يدفع الكثيرات للاعتناء بشعورهن من خلال أنواع الزيوت المختلفة والصبغات ونحو ذلك.
أنتجت شركة والت ديزني منذ فترة أحد أفلامها الكارتونية لشخصية تدعى رابونزل ذات شعر طويل، وله قوة سحرية، إلا أن الأمر في عالم الواقع وليس الخيال تحول لحالة مرضية.
يصاب البعض باضطراب يعرف بأكل الشعر، أو متلازمة رابونزل نسبة للشخصية الكارتونية، وربما امتد أثر هذا الاضطراب من أكل شعر الرأس ليشمل شعر الجسد كله.
يندرج شد الشعر تحت سلوكيات الشخص التكرارية التي تركز على الجسم، كقضم الأظافر وشد الشفتين، ولذلك فإنه يمكن تصنيف هذا الاضطراب كمرض مدمن وتكراري.
يحذر الأطباء من خطورة مضاعفات اضطراب أكل الشعر، والتي من الممكن أن تتسبب في وفاة المصاب، حيث إن استمرار أكل الشعر، والذي تعجز المعدة عن هضمه، يؤدي إلى تكون كرة منه، والتي تسد مسارات الأعضاء الحيوية، كما تؤدي للإصابة بتقرحات وانسداد في الأمعاء.
غير مدرك
يفقد المصاب بمتلازمة رابونزل إدراكه أنه يأكل شعره، كما أنه في الغالب يشعر بالخجل من هذا الأمر، وهو ما يترتب عليه عدم اكتشاف الإصابة إلا بعد فترة طويلة، وغالباً ما تكون الحالة تدهورت.
يبدأ المصاب بنتف الشعر ومن ثم يأكله، وهو الأمر الذي يشعره بالراحة والهدوء، حتى إنه يستطيع النوم بصورة أحسن.
تعرف هذه المتلازمة أيضاً بداء المشعرات، وبحسب الأبحاث والإحصائيات فإن الفتيات فوق 12 عاماً هن الأكثر تأثراً بها.
يرى كثير من الباحثين والأطباء النفسيين أن أسباب الإصابة بهذا الاضطراب لا تزال مجهولة، وإن كان يمكن إرجاعها إلى القلق والخوف والتوتر والاكتئاب.
الشعور بالهدوء
يؤكد الأطباء النفسيون أن اضطراب أكل الشعر يوجد في الدليل التشخيصي للاضطرابات العقلية والوساوس القهرية، وهو سلسلة من السلوكيات التي تتكرر وتركز على الجسم، كعض الشفاة وقضم الأظافر.
يشعر المصاب بهذه المتلازمة بالهدوء الذاتي عندما يقوم بشد الشعر، حتى إن هذا الأمر يساعده على النوم بصورة أحسن.
ترجع الإصابة بهذا الاضطراب إلى وجود إعاقة ذهنية أو بعض الاضطرابات النفسية، والتي قسمها الأطباء والخبراء إلى نوعين، الأول هوس نتف الشعر والثاني بيكا.
يذكر من يعاني من داء المشعرات أنه يكون مجبراً على نتف شعره، حتى إن الأمر يصل به إلى تساقط الشعر، ويعد من الشائع أن يلعب بعدها بخصلات الشعر المنتزعة، ومن ثم من الممكن أن يقضم جذور الشعر أو يضعه على الفم حتى يسترخي.
سلوك يومي
ذكرت دراسة تعرضت لمتلازمة رابونزل أن 19% ممن يعانون من هوس نتف الشعر يقومون به يوميا، وأيضا يقومون بقضم شعرهم، وفي دراسة أخرى اكتشف القائمون عليها أن 25% ممن يقضمون شعرهم توجد لديهم كرة من الشعر في المعدة.
تعني كلمة بيكا العقعق - وهي كلمة لاتينية - ويقصد بها عادات الأكل غير العادية للطائر، ويكون لدى المصاب بهذا الاضطراب رغبة شديدة في أكل مواد غذائية وغير غذائية، كالصابون والقماش والورق والشعر والحصى.
ترصد الإحصائيات أن اضطراب شد الشعر يبدأ في العادة لدى الأطفال بين عمر 9 إلى 11 عاماً، وتعاني الإناث من هذا الاضطراب أكثر من الذكور، وبخاصة المراهقات، 90% من المصابين به من البالغين نساء، وذلك لأن خيوط الشعر لديهن عادة تكون أطول.
خجل وإخفاء
يشمل هذا الاضطراب شد الشعر من أي منطقة في الجسم، في حين أن هذا الوصف لا يندرج تحته من يسحبون الشعر الرمادي من رؤوسهم.
يعجز المصاب باضطراب شد الشعر عن التوقف عن هذه العادة، بالرغم من المحاولات العديدة التي يقوم بها، وربما أثر هذا الاضطراب في نشاطاته اليومية.
يشعر المصابون بهذا الاضطراب بالخجل، لأنهم لا يستطيعون التوقف عن هذه العادة، كما أنهم يحتاجون إلى تغطية المناطق التي أصيبت بالصلع.
يعاني المصاب بمتلازمة ربانزل عدداً من الأعراض، والتي يشكو منها منذ مرحلة الطفولة، كوجود شعر في الفضلات وشحوب الوجه والاكتئاب.
يشكو المصاب كذلك من آلام في البطن والغثيان والقيء، كما أن بعض مناطق الرأس تصاب بالصلع، مما يدفعه، وبخاصة الفتيات، إلى ارتداء شعر مستعار لإخفاء الرأس، أو قبعة أو وشاح.
غير قابل للهضم
يجب الانتباه إلى خطورة اضطراب أكل الشعر، وبداية فإنه يتكون من ألياف لا تقبل الهضم، وعندما يقوم المصاب بمتلازمة رابونزل بنتف الشعر وأكله، فإن بعضه ينزل في الفضلات، والجزء الباقي يظل في الأمعاء.
يزداد تراكم الشعر مع استمرار المصاب بمتلازمة رابونزل في أكله، وتتحول هذه الأجزاء إلى كرة تسبب انسداداً في الأمعاء، ولذلك فأعراض هذا الاضطراب تحتاج إلى فترة زمنية حتى تظهر.
يزيد خجل المصاب مما يعاني منه الأمر سوءا، فهو يخفي عن كل المحيطين به هذا الشعور حتى عن والديه، وفي الغالب فإن اكتشاف هذه الحالة يكون مصادفة أو لو زادت الحالة سوءا.
يحذر الأطباء من مضاعفات أكل الشعر، والتي من الممكن أن تؤدي للوفاة، وهو ما حدث في بعض الحالات، وذلك لأن الشعر صعب أن يتحلل أو يهضم داخل المعدة، وبالتالي فإنه يتراكم بكميات كبيرة، ومن الممكن أن يسبب قرحة في المعدة، أو أنسداداً معوياً وعرقلة القناة الهضمية، وفي بعض الحالات تصل إلى الإصابة بأورام التهابية.
ملاحظة الآباء
يكون في الغالب تشخيص متلازمة رابونزل صعباً، لأن هذه الحالة تعد غير مرئية، وكذلك بسبب ما يشعر به المصاب من خجل، إلا أن الأعراض التي يشكو منها، وبخاصة مسألة ارتداء الفتيات للشعر المستعار أو تغطيته بغطاء رأس، يمكن أن تشير إلى وجود هذا الاضطراب.
يلاحظ الأبوان في الغالب أن ابنتهما لديها شيء غير سليم، ويجب ألا يخافا من هذا الأمر، وفي بعض الأحيان يكون الأمر أصعب عليهما من المصاب، لكن يجب أن يعلموا أن هذه العادة يقوم بها الفتى أو الفتاة بهدف إراحة جهازه العصبي.
يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوص والتحاليل، ومن أبرزها صورة دم كاملة، ومنظار للمعدة، وأشعة مقطعية وتصوير بالموجات فوق الصوتية.
تظهر الفحوص وجود انتفاخ في القولون، وكتلة غير متجانسة تحتوي على فقاعات مملوءة بالهواء في تجويف الأمعاء، كما يوجد في الاثني عشر تكتل مماثل في الكثافة.
إزالة التكتلات
يحتاج بعض المصابين باضطراب أكل الشعر إلى تدخل جراحي في بداية علاج هذا الاضطراب، والهدف منه إزالة تكتلات الشعر بالمعدة.
يقوم الجراح بإجراء شق جراحي من منتصف المعدة العلوي لإزالة أي تكتلات للشعر، ويمكن أن يحتاج بعض المصابين إلى استئصال جزء من الأمعاء لو كان أصيبت بالأورام.
تشير العديد من الدراسات إلى أن متلازمة رابونزل ممكن السيطرة عليها من خلال العلاج السلوكي المعرفي، وهو ما يحتاج إلى بعض الإجراءات.
تبدأ هذه الإجراءات بتقبل الأبوين لإصابة طفلهما، مع ضرورة السيطرة على مشاعر القلق والخوف عليه أمامه، ولابد من مراقبة المصاب عند سحب الشعر.
يجب كذلك البحث عن وسائل تهدئ الجهاز العصبي للمصاب، مع التدريب على الاستجابة التنافسية للجسم، كأن يضغط على كرة بدلاً من سحب الشعر.
لست وحدك
يعتقد كثير من المصابين باضطراب أكل الشعر أنهم الوحيدون الذي يعانون من هذا الاضطراب على وجه الأرض، ولذلك فإنهم لا يخبرون أي شخص بهذا الأمر، إلا أن السجلات الطبية لها رأي آخر.
سجلت الإحصائيات الطبية 100 حالة أصيبت باضطراب أكل الشعر، وذلك منذ تم تسجيل المرض في أواخر ستينات القرن الماضي، بالإضافة إلى الحالات التي توفيت بسبب مضاعفات هذا الاضطراب.
كانت فتاة بريطانية تبلغ من العمر 16 عاماً ماتت بعد أن ظلت أعواماً تأكل شعرها، وفي الهند نجح الأطباء في إزالة كرة من الشعر من معدة فتاة عمرها 15 عاما، وبلغ وزن الكرة 16 رطلا، وكان سبب اكتشاف هذه الحالة شكوى الفتاة من آلام في المعدة، حيث نقلت للمستشفى وخضعت للجراحة.
يشير الباحثون إلى أنه ينبغي إبعاد المصاب باضطراب أكل الشعر عن أي محفزات لهذا الاضطراب، ومن ذلك ألا يترك وحده لساعات طويلة يشاهد التلفاز.