عادي

زواج مواقع التواصل إعجاب وحب ثم نهايـة مـؤلمـة

00:11 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: سومية سعد

شهدت مواقع الزواج الإلكتروني انتشاراً واسعاً، وأصبح كل شيء مباحاً عن طريق الأخطاء التي يقع فيها الشباب نتيجة الفراغ الذي يعيشون فيه، والهروب إلى العالم الافتراضي. وهذه المواقع يلجأ إليها يائسون فشلوا في التعرّف إلى شركاء حياتهم في الحياة الواقعية، أو أشخاص يريدون الاحتيال. وتشهد مراكز الشرطة الكثير من الشكاوى الأسرية التي تمت عبر تطبيقات الزواج، وتبدأ بإعجاب، وتنتهي في مراكز الشرطة.
«الخليج» التقت عدداً ممن تقدموا بشكوى في مراكز الشرطة، بعد زواجهم عبر مواقع التواصل. يقول علي جاد إنه تقدم بشكوى إلى مركز الشرطة بعد تعرضه لخداع بسبب تعارف على مواقع التواصل مع إحدى الفتيات من جنسيته.. وظل التعارف إلى أن وصل إلى الزواج، وذهب إلى أهلها، وفي كل مرة كانت تقابله والمساحيق تكسو وجهها. وبعد الزفاف اختلف شكلها تماماً بعد غسل وجهها.
تقول مي عبد الخالق: بين ليلة وضحاها أصبحت من عشاق مواقع التواصل، وبدأت التعارف مع عدد من الأصدقاء، إلى أن تعرفت إلى شاب جذبني بكلامه، وأصبحت لا أستطيع التوقف عن محادثته. وبعد مدة وعدني بالزواج، وبالفعل تقدم لعائلتي، وعقدنا القران. وقبل الزفاف سافر بحجة حصوله على منحة خارج الدولة، من دون أن يخبرني ولم أره منذ ذلك الحين، ومرت أربع سنوات وتركني معلقة لا أعرف إن كنت متزوجة، أم لا.
تطبيقات الزواج
يقول حسن راسم: تعرفت إليها عبر أحد تطبيقات الزواج وأعجبت بهذا الاهتمام الذي تلقيته من إحدى البنات الموجودات على الموقع، وأسرتني بأسلوبها. وبعد أشهر من التواصل والحديث عن كل شيء، أعجبت بشخصيتها وتبادلنا الأرقام، ثم تواعدنا والتقينا في مكان عام، وبعد أن تعارفنا وتحدثنا اتفقنا على الزواج وتقدمت لأسرتها، وطالبني أبوها بمؤخر كبير. وبعد مدة أفاجأ بأنها مريضة بمرض خطر، وأنا الآن قدمت محضراً للشرطة حتى يتم الطلاق من دون دفع المؤخر.
تبادل المشاعر
تقول سليمة حامد تعرفت إلى شاب على موقع «فيسبوك» بعد إلحاح منه، وكان كلامه رقيقاً. ومع مرور الوقت تعودت عليه، وأصبحت لا أستطيع أن يمر يوم من دون أن أحادثه، ونتبادل المشاعر، وكانت النتيجة أنه وعدني بالزواج. وفجأة انقطعت كل أخباره، ولم يعد يظهر، وتعلقت به، واستمر انقطاعه إلى أن وصلتني رسالة منه يقول إنه لا يرغب في الزواج، وإنه يتمنى لي السعادة مع شخص آخر، ما أصابني بصدمة عصبية.كلامه المزيف
تقول فريدة كامل: تعرفت إليه عن طريق موقع زواج، وظل يجذبني بحديثه وكلامه المزيف، وبعد مدة فاجأني بإعلانه عن هيامه الشديد بي؛ وكان هذه اليوم أسعد أيام حياتي، وكادت تتوقف فيه دقات قلبي، من فرحتي الشديدة. وتقدم لخطبتي وعن طريق المصادفة عرفت أنه متزوج ولديه أطفال، لكنني لم أترك مشاعره تثير مشاعري، وأعلنت مقاطعته. ولكنه ما زال يتصل بي، ما دفعني إلى عمل محضر في قسم الشرطة للإزعاج.
 الجانب الاجتماعي
تقول الدكتورة ليليان عزت، الاختصاصية الاجتماعية، إن التعارف عبر مواقع الزواج معظمه مشبوه، ونصب يتعرض له ضحايا من الشباب، والفتيات، ولذلك فإن هذا التعارف يكون ناقصاً من ناحية المواصفات والطباع، وتكون المواقع بأسماء غير حقيقية وكثير من الأشياء المخالفة للواقع، ما يؤدي إلى نهاية حزينة.
وطالبت بعدم الدخول إلى هذه المواقع، لأن مجتمعنا له ضوابطه وتقاليده في التعارف بين الجنسين، وبالتأكيد ليس بينها التعارف والزواج عبر الإنترنت، لأن العادات والتقاليد العربية الشرقية تختلف كلياً عن الوضع في الدول الغربية.الجانب الأسري 
يقول الدكتور شافع النيادي، مستشار العلاقات الأسرية، إذا أردنا أن يتم الزواج، يجب أن يكون الاختيار صحيحاً.. لذلك من أكبر المساوئ والمخاطر التي يواجهها بناتنا وأولادنا وينقلها لهم الإنترنت، هي تلك الأفكار الدخيلة علينا، وغير السوية، التي للأسف تلاقي قبولاً واسعاً لدى شبابنا، مثل مواقع التعارف للزواج. ولكن إذا اضطررنا إلى الزواج عبر مواقع التواصل، فيجب أن تكون بمعرفة الوالدين، لأن أي علاقة صحيحة لا بدّ أن تكون بمباركة الأسرة.
الجانب الديني
يقول الشيخ علي محسن، إن اللجوء إلى الزواج عن طريق مواقع المواعدة نابع من ضعف الوازع الديني، وقلة الوعي بالمفهوم الحقيقي للزواج، وبناء الأسرة، بالتقرب إلى الله، واتباع أوامره، وليس كما ينظر إليه بعضهم، بأنه تأدية واجب، أو التزام فرضته العادات والتقاليد والموروثات المجتمعية، وهناك جهل لدى الكثير من الأزواج بالحقوق والواجبات المتبادلة، وتراخٍ في الالتزامات المترتبة على كل طرف تجاه الآخر.
الجانب النفسي
وتقول الاختصاصية النفسية علياء الشحي: لا بدّ للجهات المختصة من دراسة العالم الإلكتروني جيداً لحماية الشباب، وأن تكون مواقع الزواج بتراخيص منها، لأن الزواج بهذه التطبيقات يكون سلبياً، لأنها قد تصبح شبكات لأهداف أخرى وتأتي بزواج غير كفء.وكذلك حماية الشباب من خطر العلاقات التي تنشأ عبر مواقع التواصل، وخاصة الفراغ النفسي والاجتماعي الذي يلاحق الشباب، خصوصاً في حالة وجود علاقة قوية بين الشباب وأسرهم، حتى تتم حمايتهم من العلاقات المشوّهة والتلاعب بمشاعرهم.ونصحت بضرورة توعية الأبناء، وتحذيرهم من تلك المواقع، وأن أغلب تلك العلاقات تنتهي بالفشل.
 الجانب التربوي
تقول الدكتورة ياسمين الخالدي، المستشارة الأسرية والتربوية: يبدأ التعارف بالإنترنت، عبر مواقع التواصل، وتغلب عليه المشاعر والعواطف والرغبات الجسدية، للنقص الموجود داخل الشخص، ولكن في حالات الرغبة الحقيقية في الزواج، فإنه يحتاج للتعرف إلى الطرف الآخر بشكل كبير ودقيق، وعن قرب، ودراسته لمدة من الوقت، لذلك فإن التواصل عبر تلك المواقع لن يعبر عن الحقيقة المتوارية خلف الشاشات، فمعظم العلاقات يطغى عليها الكذب والمجاملات والكلام المعسول، الخالي من الصدق والواقع، إذ يحسّن كل منهما صورته أمام الآخر بطريقة مبالغ فيها، وبعيدة عن الحقيقة، ومن ثم فكل ما يبنى على تلك العلاقات، عند وجود الحقيقة، يكون صدمة.
إن بعض هذه العلاقات التي تتوّج بالزواج، نسبة نجاحها تكون متفاوتة بحسب طبيعة الشخص والأسرة والتنشئة الاجتماعية، وما إذا كانت العلاقة مبنية على الصراحة منذ البداية أم لا.
ولجوء الشباب إلى إنشاء هذه العلاقات يرجع بالأساس إلى الفراغ النفسي، وعدم توافر أنشطة مفيدة لهم تدفعهم إلى الحب والارتباط بهذه الطريقة، إضافة إلى وجود مشاكل داخل الأسرة وعدم الاهتمام النفسي وغياب لغة الحوار في المنزل، وانشغال الأب والأم الدائم، ووجود فجوة في العلاقة بين الزوجين يؤثر مباشرة في الأبناء، فيلجأ الشباب إلى العالم الرقمي، ليستمعوا إلى شخص يحدثهم عما يدور في أذهانهم، وتتطور العلاقة إلى أن تأخذ شكل الحب، ويمكن أن يعاني الشخص مشكلات نفسية واجتماعية، فيلجأ لبناء علاقات عن طريق الإنترنت، ليفرغ طاقته ويعالج مشكلاته النفسية.
 الجانب القانوني
ويقول المحامي علي مصبح: طبيعة الحال أن الحياة لا تخلو من المشاكل بين الزوجين، ويجري التتكتم عليها في البيوت أحياناً، وتظهر وتتفاقم في بعضها الآخر، فبعض الخلافات قد تكون تافهة جداً إلى درجة انه يمكن حلها بالطرق الودية، ويجب ألا تتفاقم. ونجد أن الزوجين يعتادان على الذهاب إلى مراكز الشرطة لأتفه الأسباب ويشغلان الجهات الأمنية في خلافات أسرية قد لا تكون من اختصاصاتها في كثير من الأحيان، وعلى ذلك تحاول هذه الجهات حلها بالطرق الودية. ولكن كلا الطرفين، أو أحدهما لا يكون راضياً بهذه الحلول، فيرجع بخلافات اكبر ويعتاد الذهاب إلى الشرطة. 
ولكن ليس كل خلاف بالبسيط، أو الهيّن، فتكرار الاعتداء على الزوجة مثلاً بالضرب أو بالسب يجب أن يخضع لمحاسبة أو عقوبة، وإلى دليل، حتى يكون حجة للزوجة في حالة طلبت الزوجة الطلاق للضرر، لأسباب الاعتداء، وبعد إحضار تقرير طبي وتقييد الواقعة تحال للنيابة، ومن ثم المحكمة لإصدار حكمها. وبعد الحكم يثبت ذلك في محكمة الأحوال لأثبات عنصر الضرر.
فالقانون أجاز اللجوء إلى الجهات الأمنية، في حالة الشعور أو الوقوع في الخطر لإسباغ عنصر الحماية على أي طرف، ولكن يجب عدم إشغال جهات الشرطة كل يوم بخلافات ومشاكل تافهة لا تصل حتى إلى تسميتها بالمشكلة.
 الجانب الأمني 
يقول العميد عبدالحليم الهاشمي، مدير مركز القصيص، إن المركز يتلقى عدداً من القضايا الأسرية من منطقة الاختصاص ويتم في بعض الأحيان حلّها ودياً من الراغبين في ذلك، من دون اللجوء إلى المحاكم الأسرية.  ويقول العميد الدكتور طارق محمد تهلك، مدير مركز شرطة نايف: إن المركز يستقبل المشكلات الأسرية التي ترد إلى مكتب الضابط المناوب، ومن ثم تحويلها إلى المحاكم الأسرية للبث فيها.
الأخصائيون المؤهلون
قال الرائد الدكتور علي المطروشي، مدير إدارة حماية الطفل والمرأة في الإدارة العامة لحقوق الإنسان: توفر الإدارة، الأخصائيين الاجتماعيين المؤهلين والمستشارين الأسريين، للنظر في كل حالة متعلقة بالنساء، وفي حال تجاوز الأمر الخلاف العادي إلى اعتداء جسدي، أو ارتكاب فعل يجرمه القانون، تتخذ الإجراءات اللازمة، بفتح بلاغ بحق الطرف المسؤول، وإذا لم يتجاوز مرحلة الخلاف المقبول، يعمل على حل المشكلة ودياً حفاظاً على الروابط الأسرية.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"