أطفال الاغتراب

01:00 صباحا
قراءة دقيقتين

لماذا يختلف أطفال الغربة كثيراً عن الأطفال الذين يتربون ويعيشون في بلاد آبائهم وأجدادهم؟
نقطة في غاية الأهمية والحساسية يطرحها الأهالي بين الحين والآخر، خاصة مع اقتراب موسم الإجازات السنوية، فتجد بعضهم يفرح لأن أطفاله سيذهبون في إجازة طويلة، ليختلطوا بالأجداد وأبناء العمومة والأصدقاء فيشتد عودهم، وبعضهم يعاني الأمرّين لإقناع أولاده بالإجازة؛ لأنهم لا يحبون الذهاب إلى هناك (وهناك تعني وطن الأهل)، ولأنهم اعتادوا على حياة الإمارات أو في أي بلد اغتراب، وتنظيمها وترتيبها.
مسألة الأطفال والغربة تحتاج إلى بحوث ودراسات طويلة ومعمّقة، لفهم هذه المسألة البالغة الحساسية، وتقديم الحلول والإرشادات للأهالي ليُخرجوا أولادهم أسوياء، بالقدر المقبول، خاصة أن الأهالي دائماً ما يدخلون بين نفق «حب هناك» أو البقاء تحت السيطرة والمراقبة كما «هنا».
الحديث في هذه المسألة ذو شجون، وإن كان أوله اختلاف الطقس والطبيعة، فهذا أمر آخر ليس محل النقاش، إلا أن أول ما يصطدم به الطفل عندما يصل إلى بلده الأصلي كثرة العلاقات والناس والأهل، وبعض الفوضى في الحياة التي يبحثون عنها، بعيداً عن سلطوية الأم، خاصة عندما يبدأ الأهل يتدخلون مطالبين الأم «بترك طفلها على راحته».
من الأمور الملاحظة في هذا الجانب، أن الأطفال لا يعرفون الكثير من الألفاظ والمصطلحات الدارجة في بلادنا، ناهيك بالجرأة في بعض الكلام الذي قد يجده أطفال الاغتراب كلاماً «إباحياً» لم يعتادوا سماعه.
بعض الأطفال عندما يذهبون إلى بلادهم، يستغربون من الشارع نفسه، وتجدهم عندما يمشون عليه كأنهم يمشون على زجاج؛ لأنهم لم يعتادوا على ذلك، وبعضهم يستغرب «الدرج»، وقد تنتهي إجازته وهو يتعلم صعوده ونزوله.
بعض الأطفال تصل درجة استغرابهم، عندما تطأ أقدامهم بلاد أجدادهم لكل شيء، إلى درجة أن الصورة الأولية التي قد ترتسم عنهم أنهم «مختلون» يخجلون من الكلام والسلام والتعامل مع الآخرين، وإذا سلّم أبناء المغترب على أهله وناسه بالطريقة المعتادة، فليحمد الله؛ لأن لديه عباقرة.
بعض الأطفال ممّن لديهم أصدقاء في بلاد الاغتراب، وخاصة الفتيات قد لا يحبون بلاد الأجداد، وتجدهم يحبون «هنا» أكثر بكثير، من حيث الرفاهية وشكل الحدائق ومراكز التسوق، وشكل الحياة بأكملها، إلا أن من لديه طفل يميل إلى العبث والتخريب والفوضى، فبالتأكيد سيحب «هناك» أكثر.
المسألة برمّتها رهن المختصين والتربويين الذين قد يوظفون وسائل التواصل، ويقدمون ما لديهم من آراء لإفادة الأهالي، في مسألة المواءمة بين تربية «هنا» و«هناك»، وإنقاذ الأطفال من حجم التناقض الكبير الذي يعيشونه كل عام؛ لأنهم بالتالي الضحية الكبرى، ثم والدتهم التي قد تصبح «بسبب تربيتها» مادة دسمة لأحاديث «النميمة» الليلية.
أما إذا ما تحدثت مع أولادها بكلمتين «إنجليزية محكية» فحدث ولا حرج.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"