ليبيا.. فسحة من الأمل

00:43 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

خطا الليبيون خطوة عملاقة باتجاه ترسيخ السلام، بعد أن منح البرلمان، الأربعاء الماضي، في مدينة سرت، الثقة لحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، والتي تشكلت بعد توافقات سياسية بين كافة الأطراف المشاركة في الحوارات التي رعتها ودعمتها الأمم المتحدة لوضع حد للفوضى والعنف التي سادت البلاد، خاصة بعد مقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي مع نهاية عام 2011.

من الواضح أن الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف الليبية مختلفة المشارب، أصبح الملاذ الوحيد لإعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، خاصة بعد أن تداخلت العديد من العوامل لتوسيع رقعة الصراعات، من بينها دخول قوات أجنبية بأجندات سياسية، في معمعة المعارك التي استنفدت كثيراً من إمكانيات ليبيا، خاصة ثروتها النفطية، بعد أن تعطلت المنشآت النفطية بفعل الاشتباكات وغياب قوة مركزية تكون لديها القدرة على إدارة الدولة، وتسخير هذه الموارد لإعادة استقرار البلد ومنح أهله الأمل في العودة إلى حياتهم الطبيعية التي فقدوها منذ إطاحة نظام العقيد معمر القذافي.

صحيح أن منح الثقة لحكومة الدبيبة استغرق وقتاً، وهذا أمر متوقع نظراً للتقاطعات السياسية الكبيرة في بلد مزّقته الحرب، لكن الملاحظ أن البرلمان تغلب على هذه العقدة ليتجاوز الليبيون بذلك أهم مرحلة من مراحل إعادة الاستقرار لبلد اكتوى بنار الحرب ودفع أثماناً باهظة، من أرواح الناس وممتلكات البلاد وإمكانياتها، وهو ما انعكس في نتيجة التصويت؛ إذ حصلت الحكومة على أصوات 121 نائباً من بين 132 كانوا حاضرين لجلسة البرلمان.

مع ذلك، فإن حصول الحكومة على الثقة لا يعني أن التحديات انتهت؛ بل هناك كثير من المهام يجب أن تُنجزها، وأبرزها بالطبع إعادة الأمن والأمان لكافة أرجاء البلاد، وإنهاء حالة الانقسام السياسي، وإعادة تشغيل العجلة الاقتصادية، بما يساعد في إعادة البنية التحتية التي دمرتها الحرب، والتحضير لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة المقرر أن تشهدها البلاد في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك يعني أن يشمّر الجميع عن السواعد لمساعدة الحكومة في إنجاز مهامها، والتي لا تقل أهمية عن مرحلة الاتفاق السياسي نفسه.

لا شك في أن كثيراً من القوى السياسية خسرت من الاتفاقية التي أفضت إلى وقف الحرب، لكن ليبيا هي التي كسبت في نهاية المطاف. وسواء حصل الجميع على كل ما يريدون أم لا، فإن المرحلة المقبلة هي المحك والاختبار الحقيقي لإثبات أحقية هذا الطرف أو ذاك في تسجيل الحضور في المشهد السياسي.

ليبيا هي الباقية وعلى الجميع أن يحتكم إلى القانون في إطار مشاريعهم السياسية، بهدف الوصول إلى السلطة، لكن يجب أن يكون هذا الوصول محكوماً بمعايير يجب عدم تجاوزها بأي حال من الأحوال.

وعلى الجميع أن يتذكر أن الحرب لم تصنع سوى المآسي؛ لأن استمرارها كان يعني القضاء على وحدة التراب الليبي، والتوافق وحده هو الذي يحفظ دماء الناس، ويؤسس لدولة قوية يحكمها القانون، لا العصابات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"