فصل جديد من حكاية دبي بقلم بوراشد

00:14 صباحا
قراءة 3 دقائق

رائد برقاوي

قال الروائي الإيطالي إيتالو كالفينو يوماً في كتابه «مدن الخيال» على لسان الرحالة الأشهر ماركو بولو للإمبراطور الصيني قوبلاي خان: «أنت لا تستمتع بمدينة بسبب عجائبها السبع والسبعين وحسب، لكن بسبب الجواب الذي تحمله لك على سؤال من أسئلتك».

وعندما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أمس «خطة دبي الحضرية 2040»، استحضرت مقولة بولو، وشعرت أن دبي تمتلك أكثر من سبعة وسبعين إنجازاً، والأهم أنها تجيب عن أسئلة الجميع كافة، المواطن والمقيم والزائر والسائح والمراقب الخارجي؛ بل إن المدينة أصبحت بحق تنتمي بشوارعها وبناياتها، بطرقاتها وجسورها، بمعالمها وخدماتها، بأصالتها وعصريتها إلى «مدن الخيال»، أو مدن الحكايات التي كانت تدهشنا في الطفولة، مدن ألف ليلة وليلة العجائبية التي كنا نستمع إلى مفاجآتها وأسرارها ونحن نصغي براحة وسكينة وسعادة إلى «حواديت» جداتنا وأمهاتنا، ونغمض أعيننا ونحلم أننا نتجول في تلك الشوارع المسحورة. وعندما كبرنا وسافرنا إلى مدن العالم المتقدم، وقارناها بمدننا العربية اكتشفنا أن حكايات الطفولة كاذبة، لكنه الكذب الشعري العذب، وتمنينا أن نعود ولو لفترة قصيرة إلى صبانا لنستعيد قبساً من سعادة منحته لنا تلك المدن الوهمية.

 وبعد أن جئنا هنا.. إلى دبي، عشنا تلك الحكايات واقعاً يومياً. على المستوى الجمالي، لا يمكن وصف ملامح دبي إلا بمدينة الخيال، لكن هل تكتفي المدينة بذلك الجمال الذي يقتحم حواسنا؟ لا تتوقف دبي عند ذلك، لكنها كما قلت سابقاً لا تترك سؤالاً يجول في خاطرنا إلا وتقدم إجابة عنه.

 تختصر إجابات دبي التاريخ والحاضر والمستقبل، تذكرنا بقرطبة والقاهرة وبغداد ودمشق في أزهى مراحل نهضة العرب، ففي مفردات المكان الدبوي ظل من كل هذه المدن مجتمعة، ولأن للزمن هنا مذاقاً مختلفاً، فما يفعله الآخرون في قرون تنجزه دبي في سنوات، تقدم لنا المدينة نموذجاً يحق لنا أن نفخر به، فكل ما نراه بدأ مع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، والذي أطلق الخطة الحضرية الأولى لدبي عام 1960، ونحن اليوم على موعد مع الخطة السابعة، وخلال تلك الفترة احتلت دبي مكانة متقدمة في الكثير من المؤشرات العالمية، لكن الحكاية لم ولن تتوقف، فقلم محمد بن راشد لا ينضب مداده، هو لا يهدأ إلا عندما يكتب كل يوم فصلاً جديداً ومبهراً من هذه الحكاية.

 الفصل السابع من حكاية- ملحمة دبي- خاص بالمستقبل، وإذا ذكر المستقبل، ذكر معه بوراشد، نقرأ في مفاصل الخطة الجديدة التوجه نحو الاستثمار في أبعاد حيوية: الاقتصاد والتجارة، السياحة والثقافة والمعارض ومدن المعرفة والإعلام والإنترنت كونها حاضنة للابتكار والمعرفة.

 تجاوزت دبي طابعها الجمالي والسياحي والتنظيمي، بمراحل؛ حيث يدرك الشيخ محمد بن راشد أن مدن المستقبل، هي بحق مدن الخيال العلمي، ومن لا يعرف ذلك سيتجاوزه الزمن، ومن لا يعمل في هذا الدرب، سيسقط من ركب الحضارة، فالبناء لا بد أن يتواصل على قدم وساق، والإجابات يجب أن تكون ملموسة من الجميع، فمن يبحث عن مشروعه الخاص سيجده في دبي، ومن يسعى وراء الأصالة والعمران سيعثر على ضالته في دبي، ومن يحمل همّ العلم و التكنولوجيا ستحتضنه دبي.

 لا تقدم دبي إجابة عن كل أسئلتنا وحسب، وهنا لنستحضر ماركو بولو مرة أخرى، فالمدينة المكتملة هي تلك التي يطوف النظر في شوارعها كأنها صفحات مكتوبة؛ إذ تقول المدينة كل ما عليك أن تفكر فيه وتجعلك تكرر ما تقوله هي. ودبي تهمس لنا بذلك ببساطة عز نظيرها.

 هدف محمد بن راشد، أن تكون دبي المدينة الأفضل للحياة في العالم.. مساحات الأنشطة الاقتصادية والترفيهية ستتضاعف مرة ونصف وستزيد أطوال شواطئنا 400% خلال العشرين عاماً القادمة.. و60% من مساحة دبي ستكون محميات طبيعية.

 مع محمد بن راشد لابد أن يكون الهدف الحياة، والسباق هذه المرة في مضمار المدن، وثمار الفوز التي سنقطفها عصية الآن على التصور: مضاعفة الشواطئ أربع مرات، وأكثر من نصف المساحة محميات، لكن بوراشد فعلها كثيراً، وهنا لا يمكن إلا أن تستعد بصيرتنا لترى المقبل، ونفتح عيوننا لمشاهدة الأجمل، ونجهز مخيلتنا لكي نستمع لفصل خلاب من حكاية دبي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"