عادي
رغم أن قانون العمل يكفل لهن كل الحقوق

مدارس خاصة..تكافئ المعلمات «الحوامل» بإنهاء خدماتهن

00:07 صباحا
قراءة 6 دقائق
1
  • تحقيق: محمد إبراهيم

المعلم أو المعلمة في المجتمع التربوي، هما محور العملية التعليمية وركيزتها، ودورهما جوهري في مسيرة بناء الأجيال وإعدادها للمستقبل، ولا يجوز المساس بحقوقهما، أو الانتقاص من أهمية رسالتهما، هكذا اجتمعت آراء الميدان التربوي بمختلف فئاته لتؤكد أنهما العمود الفقري لمنظومة العلم، وبين ثناياهما تكمن أسرار نهضة الأوطان.
ولكن بعيداً عن الظروف الراهنة لفيروس كورونا وتداعياته وآثاره، تسللت إلى مجتمع التعليم الخاص خلال السنوات الأخيرة ظاهرة تزعج الموظفات في هذا القطاع؛ إذ خرجت بعض المدارس الخاصة لتكافئ المعلمات والإداريات «الحوامل» بإنهاء الخدمات.
عدد من المعلمات والإداريات أكدن لـ«الخليج» أن قرارات إنهاء الخدمات في هذه الحالة حاسمة وقاطعة، وكأن المعلمة عند حملها ارتكبت جريمة وينبغي أن تعاقب عليها، موضحات أن بعض الإدارات تُلزم موظفاتها بعدم الحمل خلال فترة التعاقد، وبعضها يفرض عليهن توقيع تعهدات داخلية بذلك، وشريحة أخرى تشكل لجاناً متخصصة للتحقيق مع هذه الفئة، مطالبات بتدخل الجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة وحفظ حقوقهن.

علاقات العمل والقانون 

وفي المقابل أرجعت مدارس خاصة، تسلل ظاهرة إنهاء خدمات الحوامل من المعلمات والإداريات للميدان، إلى عدة أسباب، منها أن حمل المعلمة خلال العام الدراسي يعوق العملية التعليمية ويؤثر بشكل مباشر في الطلبة ومستقبلهم، فضلاً عن صعوبة توفير البديل وفق المهارات والكفاءة المطلوبة، فيما نفت إدارات مدرسية أخرى وجود مثل هذه الإجراءات مع معلماتها وإدارياتها، مؤكدة أنها تتنافى مع أحكام القانون ولا تحاكي الجانب الإنساني والمهني.
الجهات المعنية ترى أن علاقات العمل في المدارس الخاصة، يحكمها القانون، ووزارة الموارد البشرية والتوطين هي الجهة المخولة بنظر مثل هذه النوعية من الإشكاليات، ولكن أكدت أن تلك القرارات غير قانونية ولا يجوز وجودها في مجتمع التعليم.
القانون منع إنهاء خدمات المعلمات أو الإداريات أو أي كوادر أخرى بسبب الحمل؛ بل منح لهن حق الإجازة والبدلات، وكفل لهن جميع الحقوق أثناء الحمل وبعد الولادة.
«الخليج» تناقش أسباب وجود الظاهرة في المجتمع المدرسي «الخاص»، مع البحث عن أفضل السبل للقضاء عليها، لتحقيق الاستقرار الأسري والوظيفي للمعلمات والإداريات الحوامل في المدارس الخاصة كافة.

من الميدان

البداية كانت مع قصة واقعية من الميدان، سردتها ل«الخليج» إيمان عبدالله التي تعمل في إحدى مدارس دبي؛ إذ أكدت أنها حامل في الشهر الثامن، و«منذ اليوم الأول للحمل لم أخبر إدارة المدرسة خوفاً من إنهاء خدماتي، أو من أن تمنحي المدرسة إجازة بدون راتب، كما هو متعارف عليه داخل المدرسة».
في أحد الأيام (نهاية الشهر السابع من الحمل) استدعتني إدارة المدرسة، وسألتني عما إذا كنت حاملاً، فأكدت لهم المعلومة، ومن ثم وضعتني أمام عدد من الخيارات الصعبة، بدعوى أنني متعبة واحتاج إلى الراحة، بسبب الحمل. واشتملت الخيارات على أخذ إجازة بدون راتب أو تقديم استقالتي، أو منحي إنذار شهر ومن ثم إنهاء خدماتي».

خيارات مرفوضة

وأضافت: «رفضت كل الخيارات لأنها غير عادلة، وتعد تصرف غير إنساني من قبل إدارة المدرسة، وكأنني ارتكبت جُرماً وجب عليه العقاب، وعليه رفعت شكايتين إحداها لوزارة الموارد البشرية والتوطين، وأخرى لهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، ما زالتا قيد التحقيق.
وطالبت الجهات المعنية بوضع حد لمثل هذه الممارسات في المدارس التي تُنهي خدمات المعلمات الحوامل، في الوقت الذي وضعت فيه الإمارات، قوانين وتشريعات لتهيئة بيئة العمل للسيدات، وتمكينهن من تأدية دورهن المهني على أكمل وجه».

تعدد الحالات

تعدد الحالات في الميدان أكد أن هناك ظاهرة، فالأمر لم يقتصر على القصة سالفة الذكر؛ بل التقينا المعلمات سارة محمد، ومها النوري، وعلياء المازن، اللاتي تضررن من قرارات إنهاء الخدمات من إدارات مدارسهن، بعد حملهن؛ إذ أكدن أن حمل المعلمة يعتبر جريمة في بعض المدارس الخاصة، والعقوبة تصل إلى حد إنهاء الخدمات.
وقالت المعلمات إن الجريمة الحقيقية تكمن في تجاوزات بعض المدارس التي تجتهد في هدر حقوق معلماتها، ولم تراع رسالتهن ولا دوروهن في بناء الأجيال، مؤكدات أن الجهات المعنية هي المسؤول الأول عن حماية المعلمات والإداريات من بطش بعض إدارات المدارس الخاصة التي لا تراعي الحقوق الحياتية لموظفاتها، لاسيما أن القانون كفل لهن حق الحمل والولادة، وحفظ لهن جميع الحقوق في الراتب والبدلات والإجازة والرضاعة.

تعهدات داخلية

وفي وقفة مع شريحة أخرى ضمت سها بركة، وسلوى خالد، وميادة حسن، أكدن أن إدارات مدارسهن أجبرتهن عند التعين، على توقيع تعهدات داخلية بعدم الحمل خلال فترة التعاقد، ومن تخالف ذلك عليها تقديم استقالتها أو ستقوم المدرسة باتخاذ اللازم وإنهاء خدماتها، موضحات أن هناك لجنة متخصصة، ترتكز مهامها على التحقق من حمل المعلمة أو الإدارية من عدمه، في حال وصلت إلى الإدارة أية معلومات حول هذا الحمل.
وطالبن بتشديد الرقابة على إدارات تلك المدارس، لاسيما أنها تخالف القانون، وتستبيح حقوق المعلمات المادية والأدبية والمعنوية، مؤكدات أهمية تفعيل دور الجهات التي تشرف على التعليم الخاص، لكبح الظاهرة التي بدأت تتمكن من مجتمع التعليم الخاص؛ إذ إنه لا يجوز تجريد المعلمة من حقوقها الحياتية التي منحها الله لها، وينبغي أن تراعي إدارات بعض المدارس المصلحة العامة التي تشمل الجميع، والتخلي عن إعلاء مصلحتها الخاصة، وجني أرباحها وتقليص نفقاتها التشغيلية فقط.

المدارس ترد

وفي مواجهة مع إدارات بعض المدارس التي لا تؤيد حمل المعلمات والإداريات خلال فترة تعاقدهن، أكد عدد من مديرات المدارس فضلن عدم ذكر أسمائهن، أن حمل المعلمة أو أي كادر آخر من الإداريات في المدرسة، تتبعه آثار سلبية تضر بمصلحة الطلبة والطالبات، لاسيما أن هناك صعوبة في الحصول على بدائل بنفس الكفاءة؛ لذا يتم التنبيه على المعلمات عند التعيين بضرورة عدم الحمل، فضلاً عن أهمية إبلاغ الإدارة عند حدوث ذلك لتستطيع تدبير الأمر وإيجاد بديل.

الأمر اختياري

وفي ردهن على سؤال حول حقوق المعلمات، أفادت المديرات بأن الأمر اختياري، وواضح منذ البداية؛ إذ يتم طرح الخيارات على المعلمات الجدد، وفق السياسة الداخلية للمدرسة التي تمنع حمل الموظفات طوال فترة عقد العمل حتى لا يضررن بمصلحة الطلبة، وقبول المعلمة يعد إقراراً منها بالالتزام بذلك. وحول شريعة التعهدات، أكدن أنها شأن داخلي ومن حق أي مدرسة تطبيقه وفق سياستها وإدارتها.
ونفت المديرات محاولتهن خرق القانون أو افتعال تجاوزات تهدر حقوق المعلمات، بهدف تقليص النفقات التشغيلية كما يدعي البعض، ولكنها المصلحة العامة التي تفرض على الجميع الالتزام باللوائح الداخلية وسياسة المدرسة التي تراعي مستقبل الطلبة والطالبات، ولم يجبن على سؤال حول مدى مواءمة سياستهن الداخلية للقوانين واللوائح المعمول بها، وضرورة أن تكون منبثقة من الضوابط العامة وليست على أهواء كل إدارة مدرسية.

إجراء غير مقبول 

وفي المقابل نفت شريحة أخرى من المدارس الخاصة، اتباعها سياسة إنهاء خدمات معلماتها وإدارياتها الحوامل؛ إذ اعتبرت سلمى عيد، وخلود فهمي، ونعيمة عبدالله، أنه إجراء لا يخرق القانون فحسب؛ بل يعد خرقاً للقيم وأخلاقيات المهن التعليمية والإنسانية، مؤكدات أن معلماتهن يحصلن على جميع حقوقهن في هذا الجانب، كما نص عليها القانون، فضلاً عن حرص إداراتهن على الاحتفاء بهن ومواليدهن الجدد، على اعتبار أن المدرسة أسرة تربوية متكاملة تجمعها مسؤوليات العمل والقيم الإنسانية أيضاً.
وفضلن عدم التعقيب على سياسات وسلوكيات بعض المدارس التي تُنهي خدمات كوادرها النسائية عند الحمل خلال فترة عقد العمل، ولكن أكدن ضرورة أن تُبنى سياسات ولوائح المدارس الداخلية على غرار اللوائح والسياسة العامة التي تحكم منظومة التعليم الخاص، مقترحات استحداث لجنة في جميع الهيئات والمجالس والدوائر المعنية بالإشراف والمتابعة لمدارس التعليم الخاصة، للنظر في تلك الحالات، مما يسهم في ضبط إيقاع الإجراءات في هذا الشأن قبل أن يصل الأمر إلى لجان التوفيق والمصالحة أو يتطور ليصل إلى القضاء.

علاقات العمل

الجهات المعنية ترى أن علاقات العمل بين المعلمين والمدارس الخاصة، تنظمها وزارة الموارد البشرية والتوطين، ولا شأن لها بتلك الأمور، في وقت منعت فيه وزارة الموارد البشرية والتوطين، إدارات المدارس كافة من إنهاء خدمات معلمة أو إيقافها عن العمل بسبب حملها، لاسيما أن القانون منح للمعلمات في التعليم الخاص، حق الحصول على إجازة أمومة، حيث تُعطى النساء بمجرد الولادة 45 يوماً، إجازة أمومة بأجر كامل، إذا أنهت سنة واحدة من الخدمة في وظيفتها الحالية، و45 يوماً، إجازة أمومة بنصف أجر إذا عملت لمدة تقل عن سنة، وتشتمل إجازة الأمومة على الوقت المستقطع قبل وبعد الولادة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"