ضرورة السلام في سوريا

00:23 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

مضى عشرة أعوام كاملة على اندلاع الأزمة السورية التي كانت جزءاً مما سمي ب «الربيع العربي»، وخلال هذه الأعوام العشرة، لحق بهذا البلد العربي ما لحق به من قتل وتدمير وتهجير للملايين من سكانه، ما أغرقه في أتون صراعات دموية أعادته إلى عشرات بل ربما مئات السنين إلى الوراء، ناهيك عن تحول سوريا إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية، تنفذ من خلالها أجندات خارجية، آخر ما يهم أصحابها هو مصلحة الشعب السوري، واستقرار هذا البلد المؤثر في المشرق العربي وعلى الساحة العربية عامة.

 كما قادت الأحداث الرهيبة والمعارك الدموية البلاد إلى مستنقع الفقر الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ سوريا، ولكن مع الأسف، يبدو أن هناك أطرافاً إقليمية ودولية ما تزال تعمل على تغذية نار الأزمة السورية خدمة لمصالحها الضيقة، الأمر الذي يعرقل عودة سوريا إلى الحضن العربي، وعودتها إلى مقعدها في الجامعة العربية، حيث يرى الكثير من المحللين أن المطالبة بعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، يأتي كأحد وسائل حماية الأمن القومي العربي، ومواجهة التدخلات الخارجية في المنطقة، وهو ما ذهب إليه سموّ الشيخ عبد الله بن زايد أل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، الذي أكد ضرورة التعاون الإقليمي لبدء مسار عودة سوريا إلى محيطها.

وخلال مؤتمر صحفي عقده مؤخراً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في أبوظبي، أكد سموّ الشيخ عبدالله أن من الأدوار المهمة لعودة سوريا أن تعود لجامعة الدول العربية وهذا يتطلب جهدا أيضاً من الجانب السوري كما يتطلب جهداً عربياً.

 وأكد إنه «لا بد من وجود مجالات تفتح الباب للعمل المشترك مع سوريا»، مشدداً على أن بقاء «قانون قيصر» يجعل المسار في غاية الصعوبة.

 تجدر الإشارة هنا إلى أنه حتى قبل «قانون قيصر» الذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في يناير/ كانون الثاني 2020، تخضع سوريا لعقوبات تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث تم تجميد أرصدة الدولة ومئات الشركات والأفراد، الأمر الذي انعكس سلباً على حياة المواطن السوري، وعرقل أية خطط جادة لإعادة الإعمار في سوريا، حيث تمنح عقوبات «قانون قيصر»، سلطات أوسع لتجميد أرصدة أي فرد أو طرف يتعامل مع سوريا، بغض النظر عن جنسيته، كما يعاقب كل من يشترك بمشاريع البنى التحتية والطاقة في إطار إعمار في سوريا، خاصة وأن واشنطن تحظر في إطار عقوباتها المغرضة على الأمريكيين تصدير أي سلع إلى سوريا أو الاستثمار فيها، كما تحظر الصفقات التي تشمل منتجات النفط والغاز.

 أمام هذا الواقع وتردي الأوضاع المعيشية في سوريا يبدو من المهم جداً أن تتضافر الجهود العربية والدولية المخلصة منها للعمل على إعادة دمشق إلى موقعها السياسي الطبيعي، بما يؤهلها لأن يكون لها دور مباشر في تسوية الخلافات السورية الداخلية، والتي تتغذى أحياناً كثيرة من قبل أطراف إقليمية ودولية لها حساباتها الخاصة.

 ولذلك لا بدّ من أن يكون هناك تدخل واضح من الدول العربية المؤثرة من أجل إيجاد حلول سياسية للأوضاع المتأزمة هناك، بدلًا من أن تتولاها قوى أخرى خارجية.

 أخيراً.. إن المطالبات بعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية أمر لابد منه للتأسيس من أجل إعادة الإعمار في هذا البلد بعد دفع التسوية السياسية فيه إلى مساراتها الصحيحة، التي تضع مصلحة الشعب السوري نصب أعينها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"