عادي

بيع تأشيرات الدخول

21:55 مساء
قراءة دقيقتين
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

ليس بصحيح أن البيع كل البيع حلال دائماً، وليس بصحيح أيضاً أن كل ما يتم بالتراضي هو حلال، ألا ترى أن الخمور والخنازير تباع وفق عقود وصفقات متفق عليها من الطرفين، ومع ذلك فإن الدين يعدها حراماً، لأن الفقهاء اشترطوا لصحة البيع أن تتوافر في المبيع
شروط هي: الطهارة، وجواز الانتفاع به، وملكية العاقد له، والقدرة على تسليمه، والعلم به، وكونه مقبوضاً.
ولا يقال أيضاً إن تراضي الطرفين يبيح العقد، فلو قلنا ذلك لأبحنا الزنا وأبحنا الربا وغيرهما كثير، ولا يقال إن الكسب حلال مطلقاً، فلو قلنا ذلك فلن يبقى حرام، وحتى مهنة السارق كانت حلالاً.
إذن فإن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدّ حدوداً فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكن غير نسيان، وبناء على ذلك فإن بيع تأشيرات الدخول المعروفة اليوم (بالفيز)، هو من البيوع المحرمة من غير شك، لأنه يخالف أصلاً ما هو منصوص عليه في الدين، ألا وهو الكفالة.
والكفالة في الدين الإسلامي من عقود الإحسان التي يعملها المسلم، ويبتغي بها وجه الله تعالى، فمن أكل من وراء التأشيرات، أكل أموال الناس بالباطل، والتكسب ببيع التأشيرات عمل محرم شرعاً وقانوناً.
ومن فتاوى لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي بتاريخ 1431/8/29 من الهجرة تحت الرقم 14:
ما حكم المتاجرة بالتأشيرات؟
فأجابت اللجنة أن تأشيرات دخول العمال أو غيرهم، تشتمل على عدد من المحاذير.
1- هذا العمل يعد من عقود الكفالة والضمان في الشريعة الإسلامية، وأجمع العلماء على تحريم أخذ الأجرة على الضمان والكفالة، لأن الكفالة من عقود التبرعات التي تكون من غير عوض.
2- بيع التأشيرات من أكل أموال الناس بالباطل، لأن التأشيرة ليست مالاً متقوماً، ومن ثم لا تصح أن تكون مبيعاً.
3- فيه ظلم يقع على العامل، فهو يدفع وإن كان غير قادر عليه.
4- مخالف لقانون الدولة، والله تعالى يقول: «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، (الآية 59 من سورة النساء).
5- هذا النوع من البيوع يفتح باب الشر على المجتمع، لأنه يؤدي إلى دخول من يصلح ومن لا يصلح، فيدخل من يتَّجر في المخدرات وغيرها.
أقول: إن الدولة تعاني اليوم هذا النوع من البشر الذين استغلوا قوانين الدولة لمصالحهم الشخصية، فينبغي من المجتمع أن يقف ضد هذا النوع من الفساد، فمن تعود الكسب الحرام، باع دينه وعرضه من غير حرج.
نعم.. قد يُقال إن الكفيل يقوم بأعمال ويكون مسؤولاً أمام الدوائر الرسمية، فما يأخذه هو مقابل تحمله لبعض المسؤوليات، وهذا التبرير وإن كان صحيحاً، فإن كلمة حق أريد بها باطل، بدليل أن الدولة تقبض على أفواج من الفئات المختلفة، دخلوا الدولة فعاثوا في البلاد فساداً، إما عملوا في السرقة والاختلاس، وإما في المخدرات، وإما في أشياء منافية للأخلاق، فقامت الدولة وسفَّرتهم، وكان الأولى أن تسفِّر من أتي بهم وتركهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"