نحو محاربة العنصرية

01:22 صباحا
قراءة دقيقتين

بعد عامين من مذبحة كريستشيرش في نيوزيلندا التي ارتكبها برينتون تارانت أحد المتطرفين المهووسين بتفوق العرق الأبيض وأودت بحياة 51 من المصلين في مسجدين في المدينة إلى جانب عشرات الجرحى، لا يزال كتاب العنصرية مفتوحاً في كثير من دول العالم، ما دفع رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن إلى المطالبة بنقاش عالمي حول العنصرية والعمل على محاربتها في كل مكان.
 سئلت أرديرن خلال مؤتمر صحفي، بمناسبة مرور عامين على تلك المذبحة التي وقعت في 15 مارس/آذار 2019، عما إذا كانت نيوزيلندا قد أعادت ترتيب أوضاعها داخلياً، فقالت إنه «ليس من العدل القول إن نيوزيلندا لا تتحمل مسؤولية في الهجوم بما أن المهاجم جاء من أستراليا»، مشيرة إلى أن هناك طوائف في نيوزيلندا كانت تواجه «عنصرية مرعبة» قبل هذا الهجوم، حيث أظهرت لجنة تحقيق ملكية كانت تنظر في المذبحة أن الأجهزة الأمنية كانت تركز قبل الهجوم على الإرهاب القادم من الشرق. ومضت تقول إن «جميع زعماء العالم عليهم مسؤولية؛ إذ إن أصواتهم يمكن أن تصل إلى أي مكان في أي وقت»، وتابعت إنه «يتعين على دول العالم أن تأخذ ذلك في الحسبان، وبالتالي فإن العالم يحتاج إلى مثل هذه النقاشات».
 صرخة جورج فلويد في مدينة مينيابوليس الأمريكية، بعد ذلك بنحو عام، في مايو/ أيار 2020، وهو يردد «لا أستطيع أن أتنفس» بعدما وضع شرطي إحدى ركبتيه على عنقه وراح يضغط حتى فارق الحياة، لا يزال صداها يتردد في جميع أصقاع الأرض، وهناك الكثير من الأحداث المشابهة، مما يستدعي التوقف جدياً أمام مثل هذه الظواهر المرعبة، ويتطلب من الجميع وليس الحكومات فقط، العمل على محاربة كل مظاهر الإرهاب والتطرف والعنصرية، وإزالة أسبابها من الجذور لدى الدول والمجتمعات، إن كان ذلك يتعلق بالأنظمة والقوانين، وغياب العدالة الاجتماعية، أو بالفكر والثقافة المشوهة والمغلوطة لدى الكثير من الشرائح الاجتماعية.
 صحيح أن مسألة العنصرية والصراعات العرقية والإثنية قائمة وموجودة منذ الأزل، لكن ما يلفت الانتباه أن العالم لا يزال يدفع ثمناً باهظاً في العصر الحديث، فملايين البشر قتلوا في الحرب العالمية الثانية من جرّاء ظهور النازية وفي أحد أوجهها تفوق العرق الجرماني، ودفعت جنوب إفريقيا ثمناً باهظاً من دماء أبنائها على مدى سنوات طويلة للتخلص من نظام الفصل العنصري، وهناك دول أخرى في إفريقيا تخلصت أو هي في طريقها للتخلص من العنصرية كما في رواندا وغيرها. ومع ذلك تبقى مشكلة الإرهاب العابر للقارات واحدة من أسوأ ما يمكن أن يواجهه العالم، فمثل هذا الإرهاب لا يقل خطورة عن دعاة التفوق العرقي، إذ على الرغم من أنه مشبع بالعنصرية والتطرف يمكن أن يوجه ضربات عشوائية لا تفرق بين لون أو دين أو جنس، إمعاناً في القتل والترهيب، وبالتالي فإن محاربة كل هذه الظواهر العنصرية والإرهابية يجب أن تكون على رأس أولويات الدول والشعوب، لكي يصبح العالم أكثر أمناً وسلاماً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"