جهود البحرين لمكافحة تداعيات كورونا

19:00 مساء
قراءة 3 دقائق

عدنان أحمد يوسف *

لا تزال جهود البحرين قيادة وشعباً، تتضافر من أجل مكافحة تداعيات كورونا، حيث شهدنا ومنذ بدء تفشي هذه الجائحة سلسلة من المبادرات المتماسكة التي هدفت إلى حماية الاقتصاد والمجتمع والإنسان، وقد حققت الكثير من أهدافها بفضل فاعلية هذه المبادرات التي شملت تقديم الدعم للمنشآت في مختلف القطاعات، كذلك دعم الأجور والنفقات الأخرى لدى هذه المؤسسات، وأيضاً دعم البنوك من أجل تمكينها من مواصلة تقديم التسهيلات للمقترضين من أفراد ومؤسسات، ومواصلة أداء دورها التمويلي والتنموي. ولا ننسى مبادرات دعم وتحصين المجتمع صحياً من خلال المبادرة لتقديم التطعيم مجاناً إلى كافة المواطنين والمقيمين ومواصلة الإجراءات الاحترازية وغيرها الكثير من الإجراءات.

لقد كان مصرف البحرين المركزي من أوائل البنوك المركزية في العالم الذي تصدى ووفقاً لمنهج متكامل للتداعيات المحتملة لفيروس كورونا على الصناعة المصرفية، والاقتصاد عموماً في المملكة، من خلال قيامه بإصدار سلسلة من الإجراءات والتدابير للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين والعاملين في القطاع المالي على حد سواء، كما أصدر حزمة من التدابير الرقابية والتنظيمية للتخفيف من آثار التداعيات المالية في مستهلكي الخدمات المالية المتضررين من الفيروس وكذلك المؤسسات المالية والتجار ومساعدتهم على استيعاب تلك التداعيات، بالإضافة لحماية استقرار القطاع المالي بمملكة البحرين، بما في ذلك رفع قدرة الإقراض لدى البنوك بما يعادل 3.7 مليار دينار بحريني، وذلك لإعطائها المرونة اللازمة للتعامل مع طلبات العملاء لتأجيل الأقساط أو للتمويل الإضافي خلال المرحلة المقبلة.

كما يمكن القول بكل ثقة إن جملة هذه الإجراءات والتدابير عززت من سمعة مركز البحرين المالي إقليمياً وعالمياً، لكونها تنسجم مع الخبرة المكتسبة والقيادة المتمرسة طوال العقود الخمسة الماضية لهذا المركز، والتي أدارت بحنكة الصناعة المصرفية في المملكة عبر مختلف الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي شهدها العالم طول هذه الفترة، وكان مركز البحرين المالي قادراً دوماً على تخطيها واستئناف مسيرته الناجحة.

وفيما يخص الصيرفة الإسلامية، وبالرغم من أنها لا تزال تمثل نسبة ضئيلة من الأصول المالية العالمية، إلا أنها موجودة في أكثر من 60 بلداً بأصول ناهزت تريليوني دولار وأصبحت ذات أهمية نظامية في 14 منها (15% وأكثر من الأصول المصرفية). لذلك ونظراً للتنامي السريع للصيرفة الإسلامية من حيث الحجم والتنويع، فإنها باتت تساهم مساهمة رئيسية في مكافحة جائحة كورونا من خلال الشمول المالي والتنمية المستدامة، ومن ثم بات لزاماً على السلطات الرقابية والبنوك المركزية أن تهتم بصورة أكبر بدراسة وتصميم دور الصيرفة الإسلامية في الاستقرار المالي العالمي، خاصة أنها أثبتت قدرتها على المساهمة في حماية هذا الاستقرار بصورة كبيرة.

لقد أصبحت مملكة البحرين مركزاً عالمياً في قطاع الخدمات المالية الإسلامية، والدولة المضيفة لأكبر تجمع من المؤسسات المالية الإسلامية في الشرق الأوسط. ولقد كان النمو في قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية كبيراً، حيث قفزت الموجودات الإجمالية في هذا القطاع من 1.9 مليار دولار في العام 2000 إلى32.7 مليار دولار في يوليو 2020 أي بزيادة فاقت 17 ضعفاً. كما ارتفعت حصة المصارف الإسلامية من السوق من 1.8% من مجموع الموجودات المصرفية في العام 2000 إلى 15.3% في يوليو 2020.

وقد لعبت البنوك الإسلامية في المملكة دوراً رائداً في التصدي لجائحة كورونا من خلال النهوض بمسؤولياتها تجاه الاقتصاد والمقترضين، علاوة على مبادرات المسؤوليات الاجتماعية، كما تميزت في التوسع بدعم المقترضين العملاء لديها، كذلك تقديم التسهيلات للعملاء الجدد، وواصلت دعم الأنشطة الاقتصادية كما يتضح ذلك من ميزانياتها العمومية.

خلال لقائي مؤخراً بإحدى القيادات المصرفية الإسلامية الشابة، التي أتوقع لها مستقبلاً مشرقاً في هذه الصناعة التي تحتاج بالفعل لمثل هذه القيادات، ذكر لي القيادي أن مصرفه تواصل مع هيئة الرقابة الشرعية للمصرف لأخذ موافقتها على تقديم جزء من أموال الزكاة إلى الموظفين أو المتدربين لديه الذين اضطر البنك بسبب الجائحة لتقليص وظائفهم. وقد وافقت هيئة الرقابة الشرعية للبنك بالفعل على هذا المقترح، الذي يجسد بحق مبادئ البنوك الإسلامية الملتزمة بالحفاظ على سلامة الموظف وصحته النفسية والعائلية وكونه المعول عليه في إعمار الأرض والمجتمع، وقد أثبتت البنوك الإسلامية بالفعل مسؤولياتها الأخلاقية والتنموية خلال فترة الجائحة سواء في البحرين أو على مستوى العالم الإسلامي والعالم من خلال هذه المبادرات المتميزة.

* رئيس جمعية مصارف البحرين - رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"