جولة غير اعتيادية

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

بدأت التحالفات الأمريكية الآسيوية تتعزز في إطار سياسة عزل «الأعداء» المشتركين، فإدارة بايدن اتخذت موقف الند من الصين وكوريا الشمالية منذ اليوم الأول لها، ورأت أن تمدد التنين الآسيوي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، يشكل خطراً داهماً على قطبيتها ومصالحها المنتشرة في أنحاء العالم، بينما تمثل بيونج يانج تهديداً عسكرياً قد يمتد إلى الأراضي الأمريكية، ودول الحلفاء المحيطة بها، كاليابان وكوريا الجنوبية اللتين يوجد فيهما ما يزيد على 20 ألف جندي أمريكي، فضلاً عن وجود عسكري بحري مستمر لحماية هاتين الدولتين.

زيارة وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين أنتوني بلينكن، ولويد أوستن، في أول جولة خارجية لهما، إلى طوكيو وسيؤول، مؤشر على جدية واشنطن في إيجاد حلول صارمة للأخطار القادمة من تلك المنطقة، فقد حملت رسالة واضحة لا تخلو من لغة الوعيد إلى كوريا الشمالية التي أطلقت مؤخراً، تهديدات نارية، عبر تجربة أربعة صواريخ باليستية سقطت في بحر اليابان قبل أسبوع من الزيارة، ثم توجيه شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، انتقادات لاذعة إلى الولايات المتحدة، تزامناً مع جولة الوزيرين في المنطقة، حيث قدمت «النصح إلى الإدارة الأمريكية الجديدة التي تجهد عبر المحيط لنشر رائحة البارود في أرضنا»، مضيفة: «إذا كنتم ترغبون في النوم مطمئنين للسنوات الأربع المقبلة، الأفضل من البداية عدم خلق عمل يجعلكم تصابون بالأرق»، حيث يصر هذا البلد «المارق»  حسب الولايات المتحدة  على رفض الحوار على الرغم من دعوات واشنطن، ليعود إلى مربع العداء.

لم تكن بيونج يانج وترسانتها النووية الهدف الأوحد من هذه الزيارة؛ إذ سعت أيضاً إلى عزل الصين وتقليم مخالبها، كما صرح بلينكن بأن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع الحلفاء من أجل نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، مضيفاً أن القيم الديمقراطية تواجه تهديداً في أماكن مثل الصين.

الجولة الأمريكية لم تكن اعتيادية؛ إذ كان وزير الدفاع الأمريكي أحد أقطابها، وهذه إشارة جلية لمستقبل العلاقات التي قد تأخذ طابعاً حاداً تجاه الصين، ومما يؤشر على ذلك تصريحات المسؤولين الأمريكيين التي تعارض «سلوك بكين المزعزع للاستقرار»، متهمينها بأنها تمثل تحديات سياسية واقتصادية وعسكرية وتكنولوجية، لكن هذا الهجوم لم يمنع بكين وواشنطن من اللقاء في ألاسكا، حيث أعلنت الصين أنها لن تقدم «أي تنازل» بشأن السيادة أثناء اللقاء.

بايدن وإدارته لا يزالان يضغطان بلا هوادة على الصين وحلفائها؛ بل ومحاصرتهما بالقرب من حدودهم، فأمريكا مستمرة في «استفزازها» في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، كما أنها تتدخل علنياً في هونج كونج، إضافة إلى الحرب التجارية المستمرة والمستعرة بين البلدين.

العالم يتجه إلى انقسام جديد بسبب التحالفات التي تعقد المرحلة الحالية، فأمريكا تحاول الآن، تعزيز تكتل يضم الحلفاء الغربيين والآسيويين يكون نداً للتكتل الصيني والكوري الشمالي والروسي؛ لذا فإن لم يتم الاحتكام إلى منطق السلم، فإن البديل لا بد أن يكون الحرب، وعندها لن يجني أحد سوى الدمار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"