تصعيد أمريكي روسي

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

أعاد تقرير للاستخبارات الأمريكية رفعت عنه السرية مؤخراً، حول ما يقال عن «تدخل» روسي لصالح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في وقت لا تزال تُتَهم موسكو بأنها وراء إسقاط المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، العلاقات الروسية - الأمريكية إلى أسوأ مما كانت عليه الحال إبان «الحرب الباردة».

 تقرير الاستخبارات الأمريكية يتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه سمح لعملائه بالتعاون مع مسؤولين في إدارة ترامب بحملة لتشويه سمعة المرشح الرئاسي جو بايدن وحزبه الديمقراطي خلال الانتخابات، عبر الترويج لروايات منسوجة، بحسب استنتاج الاستخبارات الأمريكية، وهو ما كان كافياً لتصعيد جديد في العلاقات المتوترة أصلاً بين الجانبين على خلفية العديد من القضايا الخلافية على المستويين الثنائي والدولي. 

وقد كان لافتاً وصف جو بايدن، في معرض رده على سؤال صحفي، لنظيره الروسي بوتين ب «القاتل»، وتحذيره له بأنه سيدفع ثمن أعماله، وقيام الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات جديدة على روسيا، الأمر الذي أثار غضب موسكو ودفعها لاستدعاء سفيرها في واشنطن. واللافت هنا أنه حتى في أسوأ مراحل الحرب الباردة ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي لم يحدث أن تعرض زعماء المعسكرين في الشرق والغرب لتجريح شخصي أو توجيه اتهامات شخصية لبعضهما البعض.

 ومع ذلك، لا يمكن للتصعيد الأمريكي الروسي القائم حالياً، أن يصل إلى حد المواجهة العسكرية، لأن الجانبين يدركان أنهما يمتلكان القدرة على تدمير بعضهما البعض، وبالتالي فإن مثل هذه المواجهة الثنائية ممنوعة قطعاً، وإن كانت تداعيات مثل هذا التصعيد قد تظهر في مواجهات عبر دول ثالثة، ربما مثل أوكرانيا أو سوريا وغيرهما ضمن شروط محسوبة بمنتهى الدقة، وهو ما يظهر في رد فعل بوتين غير الانفعالي، عندما تمنى الصحة لنظيره الأمريكي، واقترح عليه حواراً علنياً مفتوحاً، فيما سارع بايدن إلى الرد بأنه سيلتقي بوتين يوماً أو في مرحلة ما. 

 ببساطة، يمكن الاستنتاج أن الخلافات ستظل تدار على قاعدة «التصعيد من أجل خفض التصعيد»، وعلى هامش هذه القاعدة يمكن أن نرى ضغوطات تمارس على الحلفاء مثل الضغوط الأمريكية على الأوروبيين لوقف أو إلغاء مشروع السيل الشمالي، ما قد يوجه ضربة شديدة القسوة لموسكو، في حال حدوثه، وهو ما لا يبدو أنه قد يتحقق بالنظر إلى المصالح الأوروبية، كما أن أي تحرك لأوكرانيا مدعوم غربياً لاستعادة إقليمي دونيتسك ولوجانسك قد يستدرج رداً غير محسوب من جانب موسكو. 

أمر آخر قد يكون حاسماً على صعيد العلاقات الدولية، ويتعلق بكيفية إدارة واشنطن لمعركة اقتصادية وجيو سياسية مع الصين وروسيا، في الوقت نفسه، وما إذا كان ذلك سيدفع إلى قيام تحالف صيني روسي في مواجهة أمريكا، ظلت إدارة ترامب تسعى إلى منع قيامه عبر الاستمالة الدائمة لموسكو. فهل ينجح بايدن في الحفاظ على هذه المعادلة أم يضطر إلى مواجهة منافسة شرسة قادمة من الشرق ترجح التقارير هيمنتها على الساحة الدولية خلال العقود القادمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"