الجنود الصغار

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

نبيل سالم

في الصراعات المسلحة التي تتكاثر كل يوم في أنحاء العالم، يبدو أن للأطفال حصة الأسد من الويلات والآلام التي تتركها هذه الصراعات المجنونة التي غالباً ما تفجرها أهداف اقتصادية أو سياسية أنانية، بعيدة كل البعد عن القيم والمبادئ الأخلاقية الإنسانية، حيث يُزج بالآلاف من هؤلاء الصغار في أتون الحروب التي يخوضونها من دون أن يفهموا أبعادها أو الأهداف الخفية المسببة لها، فيفقدون حيواتهم رخيصة في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فضلاً عن المخاطر من إمكانية اندراج هؤلاء الأطفال الصغار في متاهات التطرف والإرهاب، وهما آفتان يسعى العالم المتحضر إلى التخلص منهما، لما لهما من آثار مدمرة على المجتمعات كافة، وعلى هؤلاء الأطفال خاصة.

وتشير كثير من التقديرات إلى أن حوالي 5000 طفل ينزحون حديثاً بسبب الصراع في بعض الأماكن في العالم، كل يوم، وأن كثيراً من هؤلاء قد يتمكنون من الفرار من العنف مع أسرهم، ولكن عدداً متزايداً منهم أصبحوا منفصلين عن أهلهم وتم تجنيدهم في الجماعات المسلحة المدمنة على الحروب والقتل.

وترى منظمة «أنقذوا الأطفال» أن هناك ضرورة ماسة لضمان بقاء الأطفال والنساء الأكثر ضعفاً بأمان، وضمان الحماية من العنف والاستغلال، ودعم إعادة تأهيل وتعافي هؤلاء الضحايا، لا سيما أنه في ظل الحروب  وبشكل خاص الأهلية منها  ينهار النسيج الاجتماعي الواقي من حول هؤلاء الأطفال، مع تدمير المنازل واقتلاع العائلات من جذورها ونهب وتدمير المدارس والخدمات الصحية، واستنزاف المجتمعات بسبب العنف.

وتبين إحصائيات كثيرة، زيادة في عدد الأطفال الجنود، على مدى العقد الماضي، مع استمرار الصراعات في مناطق كثيرة من العالم ما بعد الحرب الباردة.

ويلفت العديد من منظمات حقوق الإنسان، النظر إلى المخاطر التي تشكلها الجماعات المسلحة على الأطفال ليس فقط على بقائهم على قيد الحياة، ولكن أيضاً لإمكانية نموهم ورفاههم على المدى الطويل، مذكرة بأن السن القانونية يجب أن تكون فوق مرحلة الطفولة التي تقدرها الأمم المتحدة بالثامنة عشرة من العمر، مطالبة بتعزيز الحلول الدائمة من خلال خلق وتعزيز قدرة الأسر والمجتمعات على خلق بيئة يمكن للأطفال الازدهار فيها.

يجب الانتباه إلى أهمية التركيز على إعمال حقوق الأطفال على أرض الواقع وفي النزاعات، وتقديم إرشادات تساعد في تأمين حياة كريمة لهم بشكل خاص، وللأسر المتضررة من الصراعات بشكل عام، والعمل على إعادة دمج الجنود الأطفال السابقين في مجتمعاتهم على أسس صحيحة

وكانت العديد من المنظمات الدولية قد نبهت في السنتين الماضيتين إلى خطورة ما تقوم به التنظيمات الإرهابية، لا سيما تنظيم «داعش» الإرهابي الذي يقوم بعمليات اختطاف بشكل روتيني للأطفال وتجنيدهم لتنفيذ عملياته، بعد تعبئتهم بأيديولوجيته المتطرفة، وما يقال في تنظيم «داعش» الإرهابي يقال أيضاً في التنظيمات الإرهابية المشابهة التي تنتشر مع الأسف في أكثر من منطقة في العالم، وتحديداً في القارة الإفريقية.

أمام هذا الواقع المؤسف يبدو أن المجتمع الدولي، بات مدعواً اليوم للتعامل بجدية أكثر مع هذه المشكلة أو الآفة الخطرة التي تهدد مستقبل الملايين من الأطفال في ظل استمرار الصراعات في العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"