تدخل غير مبرر

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

إن دعت بعض تجاوزات مجتمع التعليم الخاص، إلى القلق من آن لأخر، إلا أن احتواءها ومعالجتها أمر غاية في البساطة، إذ يرتبط ارتباطاً وثيقاً، بتوظيف «فكر متأنٍّ حكيم»، يضبط إيقاع القرارات، ويجنب جميع الأطراف حدوث الإشكاليات.
ولكن ما يعوق الفكر المتأني والقرار الحكيم، يكمن في تدخل المُلّاك في عمل القيادة المدرسية، والتحكم في مفاصل العملية التعليمية، ومع الأسف هذه المشكلة بلغت من «العمر عتيّاً»، وتسود معظم المدارس الخاصة، ولكن لماذا تعد إشكالية؟ وهل هناك مساحة لتدخلات المُلّاك؟ ومدى أثرها في المنظومة إيجابياً، أو سلبياً؟
اللوائح حسمت القضية في أولى إجاباتها، عندما منعت بشكل قاطع تدخل الملّاك في عمل الإدارات، ولكن معظم الملاك أوجدوا قنوات مبتكرة، تمكنهم من وضع أيديهم في كل كبيرة وصغيرة بالمدرسة، وابتكروا لأنفسهم مسميات وظيفية، نرى في ظاهرها نعيم الرسالة، وفي باطنها عذاب قراراتهم التي لا تعبّر عن رأي قيادة تربوية، ولا تحاكي جوانب التعليم، ولا تجيد إلا لغة المال والأعمال.
التدخل غير المبرر، أضعف دور القيادة المدرسية بشكل كبير، وأثر سلباً في قدراتها وقراراتها، وحكم تطلعاتها التطويرية، وجائحة «كورونا» شاهد عيان، إذ كشفت التواضع في إدارة الأزمة، وأفرزت ظاهرة الزحف الطلابي من المدارس الخاصة إلى «الحكومية»، وهذا مؤشر غير إيجابي، ينبغي أن ينتبه إليه الملّاك، بحثاً عن الأسباب وطرق العلاج.
ومن السلبيات الأكثر تأثيراً، تلك التي تتعلق بعدم الدقة في اختيار المعلمين، فهناك صراع دائم بين المالك والإدارة المدرسية، فكلاهما لديه مواصفات تناقض مع الآخر، فالأول يسعى لتقليص النفقات وزيادة الأرباح، والثاني يطمح إلى كوادر بخبرات وقدرات، تُعينه على تجويد المخرجات، فجاءت نتيجة الصراع محزنة، إذ أصبح لدينا كوادر تتعلم في الطلبة بدلاً من تعليمهم.
 والجهات المعنية شاهد عيان، لاسيما أنها الأكثر معاناة في هذه القضية، إذ تعمل بين نارين، فتاره تدعم الاستثمار، وتحرص على تنميته، وتذليل معوقاته، وتارة أخرى تبحث عن سبل مواءمة تجاوزات البعض، مع اللوائح التي وجدت لضبط إيقاع العملية التعليمية وجودة المخرجات.
مع الأسف، معظم الملّاك غير تربويين، ولا علاقة لهم بالتعليم، وهنا مربط الفرس، إذ إن للتعليم تشريعات ومقومات تختلف تماماً عن حسابات عالم المال والأعمال، فالاستثمار هنا في الأجيال وليس في جني الأرباح، ولا جدال في حق الملّاك في رعاية مالهم وأعمالهم، ولكن مع مراعاة خصوصية التعليم واتّباع قوانينه، وعليهم بترك التعليم للذين يدركون كيف تبنى الأجيال، وفق تقييمات شفافة ودقيقة تعكس المستوى الحقيقي للمخرجات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"