رسائل أخرى من مي زيادة

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

حين ترد سيرة ميّ زيادة،  فإن من بين أبرز ما يتبادر إلى الأذهان مراسلاتها المتبادلة مع جبران خليل جبران، وما أحاط من فضول بهذه المراسلات بين رجل وامرأة لم يلتقيا أبداً، فرغم أن الاثنين من لبنان، ولكن الأقدار حملت جبران إلى المهجر الأمريكي، فيما استقرت ميّ زيادة الجزء الأطول من عمرها في القاهرة، التي ارتبطت سيرتها بها، كاسم معروف في الوسط الثقافي في المدينة، وصاحبة صالون أدبي، لعله الأشهر، يومها.
ولكن ميّ لم تراسل جبران وحده، وإنما راسلت أصدقاء آخرين لها من الوسط الأدبي، من الجنسين، ورغم اختلاف طبيعة رسائلها هذه عن الرسائل المتبادلة بينها وجبران، إلا أنها تسلط الضوء على جوانب ثرية في حياتها ومواقفها من الحياة والأدب، وكذلك حول العلاقة المعقدة بين المرأة والرجل، كما نجد ذلك في مراسلاتها مع الأديبة «باحثة البادية»، وهو الاسم الأدبي المستعار للكاتبة المصرية المعروفة وداعية حقوق المرأة مَلَك حفني.
يأخذنا إلى هذه الرسائل كتاب صغير باسم «رسائل ميّ» جمعه وقدّم له الأديب اللبناني جميل جبر، وأصدرته «دار الرافدين» في بيروت وبغداد، حوى، بالإضافة إلى بعض مراسلات ميّ مع «باحثة البادية»، رسائل أخرى، متفاوتة الحجم، إلى أسماء أخرى مهمة في دنيا الأدب في عصرها، بينهم لطفي السيد، جوزف زيادة، وأمين الريحاني، الذي وضع قبل رحيله كتاباً صغيراً، يمكن وصفه بالاعتذاري من ميّ، عما اعتبره خذلاناً منه لها، في لحظة مرضها، أسماه «قصتي مع ميّ».
تستوقفنا أيضاً نحو ثلاث أو أربع رسائل من ميّ إلى يعقوب صروف (1852 – 1927) الذي أصدر، في بيروت، مع الأديب فارس نمر مجلة «المقتطف» ذائعة الصيت عام 1878، قبل أن ينقلها، بعد تسع سنوات، إلى القاهرة، حيث ظل يديرها حتى وفاته، وتتضمن هذه الرسائل آراء مهمة للكاتبة حول دور الصحافة في نشر الثقافة، وتأملات حول ما يمكن أن نصفه ب«المسألة النسوية» ونظرة الرجل للمرأة.
حوى كتاب «رسائل ميّ» مراسلات مع آخرين غير هؤلاء، فضلاً عن بعض رسائلها إلى جبران نفسه، كما أن هناك رسائل لأشخاص لم نتعرف على أسمائهم، ربما لأن ميّ شاءت ذلك، فأومات إليهم بصفات من قبيل: «الغريب»، «الفتاة المصرية»، «صديقة»، «فتاة رفيقة»، أو بالأحرف الأولى من أسمائهم، فنجد رسالة موجهة إلى «ص. ر»، وهي امرأة تعرفها، كما يشي سياق الرسالة.
كتبت ميّ إلى جبران في إحدى الرسائل التي حواها الكتاب ما مفاده: «أخاف الحب لأنه لن يأتيني بكل ما أنتظره منه».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"