عادي
«تَنمُّر» يسبب العمى المؤقت.. وإرهاب الغير لترك الطريق

إضاءة البرق .. سلاح المتهورين في الطرقات

01:22 صباحا
قراءة 4 دقائق
1
1

كتب: راشد النعيمي

خلال المساء وأنت تقود سيارتك في طريقك ملتزماً بحدود السرعة المقررة في شارع مزود بإنارة تكفي لتوجهك إلى وجهتك بسلام، وبينما أنت تركز على السياقة، وإذ بأضواء تشبه البرق الخاطف تأتي من خلفك وتصيبك بالارتباك، وربما تكون ردة فعلك مميتة عبر انحراف مفاجئ أو الضغط بكامل قوتك على دواسة البنزين.. ترى ماذا حدث؟ وكيف فقدت تركيزك خلال ثوانٍ معدودة؟ ما هو السبب وما هي الوسيلة من أجله؟. 

إنها الأضواء العالية لبعض السيارات التي يوظفها البعض، ويقويها من أجل تحقيق عنصري المباغتة والمفاجأة، وبحيث تخلي له الطريق بأسرع وقت، خاصة عندما يظل ضاغطاً على جهاز التنبيه أكثر من مرة، وأنت في حيرة من أمرك، خاصة إن كان المسار المجاور لك مشغولاً بمركبة أخرى، بينما تلك المركبة المندفعة من خلفك تشتّت تفكيرك، وتكاد تؤثر على بصرك وتمييزك لما هو أمامك.. باختصار ثمة من ينحرف في استخدامه للأضواء العالية؛ ليحولها إلى وسيلة تنمر على الآخرين، ويكاد عبرها أن يتسبب في حوادث مميتة إذا ما علمنا أن ليس كل سائق يتمتع بمهارة واحترافية وقدرة في مواجهة المواقف المختلفة، التي قد تباغته على حين غرة.
مواصفات قياسية
ولفهم تفاصيل الوسيلة المستخدمة، وهي الأضواء العالية، ينبغي التفريق بين تلك الأضواء التي تأتي مع المركبة كمواصفات قياسية من المصنع والتي غالباً لا تشكل مصدر أذى للآخرين وبين الأضواء الأخرى التي دخل مجالها عالم (التزويد) والإضافات، كما يحدث مع المحركات، وحلت مكان الأساسية، بعد أن فاقتها قدرة في الكم والنوع، ونشط من يستطيع أن يطورها ويسخرها مع أدوات أخرى؛ لتكون وسيلة تنبيه تفوق الأخرى عشرات المرات، خاصة لدى أولئك الذين لا يطيقون صبراً لثوانٍ معدودة، ريثما تفسح لهم المركبات الأخرى الطريق، كما أن هناك من يستمتع باستخدامها في كل وقت كإرهاب لغيره، وتدليل على قوة سيارته، وتصميمه المستميت على ترك الطريق له وحده.
أما بيت الداء فموجود في الأسواق، وعبر محال تخصصت في زيادة الإنارة والعبث بالمصابيح الأصلية، ليزداد وهجها ويكاد يعمي العيون عبر استبدالها بتقنيات LED، وتزويدها بعدسات تضاعف قوتها، وتحول ليل سائقيها إلى نهار، وهي رغبة معروفة لدى أصحاب سيارات الدفع الرباعي لاقت من أصحاب بعض المحالّ من يستغلها بالبحث عن كل جديد وقوي يبهر الآخرين، ويقض مضاجعهم، من دون اكتراث بما يمكن أن يحدث، خاصة أن تلك الإضافات غير مرئية، ولا يمكن ملاحظاتها خلال القيام بالفحص الفني الدوري، كسائر أعمال التزويد التي تطال المحرك، وتضاعف من سرعته على جانب الأصوات الصادرة منه.
غياب الرقابة
إذاً مشكلتنا في غياب الرقابة، وصعوبة الضبط، وتوفر المعروض من كل شكل ولون في الأسواق هنا أو عبر متاجر إلكترونية، عرفت بتلك القطع وتطلبها اليوم لتجدها خلال أيام معدودة بين يديك، ومن بينها نوع يعرف باسم LED BAR، عبارة عن ضوء مستطيل قوي يتم استخدامه في المناطق الصحراوية، خاصة للدراجات، إلّا أن هناك من يخفيه في السيارة في أماكن غير ملحوظة ليجري استخدامه أيضاً مع المصابيح الأساسية، وبشكل متكرر وهستيري يسبب العمى المؤقت لكثير من السائقين الذين يعانون مشكلات في الإبصار وأمراضاً في العيون.
هل سبق وشعرت بأن الأضواء الساطعة لتلك السيارة التي ظهرت ليلاً في طريقك فجأة كانت مبهرة، لدرجة أنك لم تعد قادراً على رؤية أي شيء على الإطلاق لثوانٍ، قبل أن يتعافى نظرك، ويعتاد على الضوء الجديد؟ مع أنه لطالما لام العديد من الباحثين بعض مصنعي السيارات؛ نتيجة تصنيعهم لأضواء ساطعة وقوية، وتسويقهم لها على أنها ميزة تجارية، إلا أن الباحثين كشفوا مؤخراً أن تأثر البعض بهذه الأضواء قد يعزى كذلك إلى العمر، فكلما تقدم بك العمر، أصبحت عيناك أكثر قابلية للتعرض للعمى المؤقت، نتيجة أمور عدة، منها ضوء السيارات الساطع، ومع تطور الأضواء المستخدمة في صناعة السيارات خلال العقود الماضية، ظهرت أنواع جديدة أقوى وأكثر سطوعاً من ذي قبل.
 أضرار وحوادث 
تبعاً لباحثين في جامعة فيينا (The University of Vienna) في النمسا، فإن الضوء الساطع قد يسبب -عدا العمى المؤقت- شعوراً فعلياً بالألم في العينين، يشبه إلى حدٍّ ما الألم الناتج عن إجهاد المفاصل بشكل مفرط، ما قد يجعل المتعرض له يغلق عينيه كرد فعل من الدماغ دون تفكير، وبالتالي قد يتسبب بالكثير من حوادث السير، خاصة أنه وخلال الليل يزداد اتساع بؤبؤ العين، ليسمح بدخول المزيد من الضوء، ما يجعل تشتت الضوء عن العين أكبر في ساعات الليل، وبالتالي زيادة فرصة انعدام الرؤية عند التعرض لضوء ساطع.
لردع هذه الظاهرة نحتاج إلى رقابة مكثفة، خاصة خلال فترة الليل لكشف المتلاعبين بإنارة السيارات، وتفعيل أدوات الفحص الفني، إلى جانب تشديد العقوبة، والعمل على رفع مستوى الوعي، وتبصير الجميع بخطورة تلك الإضافات التي يعتقدون أنها عادية، لكنها في الحقيقة قد تتسبب في حوادث غير محمودة العواقب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"