هل يكفي ختم المدققين؟

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

رائد برقاوي

بما أننا نعرف أن المستهلك هو أساس الدورات الاقتصادية ومحورها في جميع أنحاء العالم، وندرك أن المستثمر هو أساس الأسواق المالية ومحورها، بغض النظر عن نوعية وطبيعة تداولاتها، فهذا يعني أننا أمام التزامات قانونية وأخلاقية واقتصادية لحماية هذا الأساس أو ذاك المحور، فبدون المستهلك أو المستثمر لا يوجد اقتصاد، ولن تكون هناك أسواق.
أمام هذه القاعدة، فإن الحكومات معنية بتشريعات وأنظمة تضمن إبقاء المستثمر فعالاً وقادراً على التعامل مع أسواق المال بشفافية، تحصن وتحفظ أمواله وتنميها، بما يعود بالفائدة عليه وعلى الأسواق، وبالتالي على الاقتصاد الكلي الذي ينمي الدول ويقوي مكانتها وتنافسيتها في العالم.
ماذا عنا في الإمارات، وتحديداً في أسواق المال؟ وهل الإجراءات والتشريعات والأنظمة كافية لجعل هذا المستثمر يشعر بالعدالة في تعاطيه مع الشركات المدرجة في الأسواق؟
واجه مستثمرونا في سنوات سابقة، وحتى الآن، الكثير من المعضلات، عندما يتعلق الأمر بتداولاتهم، ففي حين أن البنوك تخضع لتدقيق صارم على ميزانياتها من قبل المصرف المركزي الذي يتولى الرقابة على أنشطتها، فإن بقية الشركات، وهي الأكثر عدداً، لا أحد يدقق على ميزانياتها، باستثناء المدقق الخارجي الذي يُجرى تبديله في بعض الأحيان، عندما تختلف رؤيته مع رؤية مجالس الإدارات.
حان الوقت لإعادة النظر بآليات الرقابة والتدقيق على ميزانيات الشركات المساهمة العامة في الإمارات، فلا يكفي الحصول على ختم المدقق الخارجي فقط لمنح الشركة صك براءة.
لماذا لا تتابع وزارة الاقتصاد التي تُشَرِّع عمل الشركات المساهمة العامة، أو هيئة الأوراق المالية المعنية تداولات هذه الشركات، بإنشاء جهاز رقابي شامل على غرار المصرف المركزي، يُعنى بالتدقيق على الميزانيات السنوية لهذه الشركات؟
إذا كان الأمر صعباً، فلتكن البداية انتقائية، بحيث تُجرى الرقابة على الشركات الخاسرة، أو الشركات ذات الأداء الضعيف، بحيث يتولى متابعة أعمالها وميزانياتها السنوية وربع السنوية، حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بفرق عمل وطنية وأجنبية من القطاع الخاص، ذات باع طويلة في هذا المجال.
الثقة هي أساس كل شيء، وهي محرك المستهلك والمستثمر معاً، وبالتالي يجب تعزيزها وتطويرها باستمرار، ولا حاجة لنا لتعداد الشركات المساهمة التي فشلت في السنوات الماضية، وأثرت سلباً في معنويات المستثمرين، وألحقت بهم الخسائر، وأفقدت بعضهم الثقة، لأنهم كانوا يعولون على رقابة المُشَرِّع الذي منح لها الموافقات تلو الموافقات.
أسواقنا المالية تنتظر التطوير والتحديث، فالإمارات تمتلك ثاني أكبر اقتصاد عربي، وبالتالي فإن أسواقها المالية يفترض أن تكون ثاني أكبر أسواق المنطقة على أقل تقدير، أو الأولى إذا نظرنا إلى قاعدتها المالية.
التحرك السريع ضروري في هذه المرحلة، لأن أمامنا 50 عاماً جديدة ملأى بالفرص والتحديات، وقيادتنا تريد لنا أن نكون الأول والأفضل والأجدر، والاقتصاد هو أولوية يتقدم كل الأوليات، لأنه يعني القوة والرفاهية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"