سوريا والمعابر الحدودية

00:54 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

لا يزال الصراع حول المنافذ الحدودية السورية يحتدم بين التحالف الغربي بقيادة واشنطن من جهة، وروسيا وشركائها من جهة أخرى، مع اقتراب انتهاء فترة ولاية القرار الدولي الذي يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر منفذ وحيد هو «باب الهوى» على الحدود مع تركيا في يوليو/تموز المقبل، بعد أن تقلصت المنافذ الحدودية التي كان يتم إدخال المساعدات عبرها من أربعة عام 2014 إلى اثنين بحلول يناير/كانون الثاني 2020، ثم إلى واحد منذ يوليو/تموز العام الماضي.

 هذا العام، فُتحت معركة المعابر مبكراً، مع مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة، في محاولة لانتهاج سياسة مغايرة عن تلك التي انتهجتها إدارة ترامب السابقة، ولذلك سارع وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى مطالبة مجلس الأمن بتمديد القرار الدولي 2165 لعام 2014، وزيادة عدد المنافذ الحدودية المخصصة لإدخال المساعدات، لتشمل الحدود مع الأردن والعراق وتركيا، وذلك قبل يوم من انعقاد مؤتمر المانحين في بروكسل. لكن هذه المطالبة، كما هو متوقع، اصطدمت بالموقف الروسي الرافض، ليس فقط لزيادة عدد المعابر، بل الرافض لتمديد إدخال المساعدات عبر «باب الهوى»، انطلاقاً من أن جميع المساعدات ينبغي إدخالها عبر الأمم المتحدة في دمشق، باعتبار أن الظروف تغيرت وأن الحكومة السورية أصبحت تسيطر على معظم أراضيها. وهو الأمر الذي ترفضه الدول الغربية على وجه العموم، باعتباره يصب في خانة «شرعنة الحكومة السورية» ويدفع النازحين في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل في الشمال إلى الخضوع لرغبة دمشق.

 وللدلالة على جدية موقفها، استبقت روسيا انعقاد مجلس الأمن ومؤتمر بروكسل، بغارات جوية على معبر «باب الهوى» دمرت خلالها شاحنات كانت تنتظر نقل المساعدات إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة. حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن آلية إدخال المساعدات، أو تمديد إدخالها عن طريق المنفذ الوحيد المتبقي «باب الهوى».

 ومن الواضح أن أي محاولة أخرى ستصطدم حتماً بالفيتو الروسي، وبالتالي فقد تزايدت الدعوات في مؤتمر بروكسل الذي انعقد أواخر الشهر الماضي، إلى إيجاد حلول لهذه المعضلة قبل انتهاء ولاية القرار الدولي في يوليو المقبل. وفي هذا الصدد، كشفت وثائق مسربة، تداولتها تقارير إخبارية، أن الدول الغربية تسعى لتفعيل مقاربة «خطوة مقابل خطوة» بين واشنطن وموسكو، والتي كانت ثمرة محادثات سرية بينهما عقدت في فيينا، واختبرت حتى صيف العام الماضي، وهي تتضمن، بحسب تلك التقارير، حوافز لتخفيف عزلة دمشق والعقوبات المفروضة عليها، مقابل خطوات روسية إيجابية في مجال العملية السياسية، ودور إيران في سوريا. 

وبغض النظر عن دقة هذه التقارير من عدمها، فإن ما هو واضح حتى الآن أن معركة المعابر لا تزال محتدمة، حتى الداخلية منها، وهو ما كشفته الأيام الأخيرة، حين تم الحديث عن اتفاق تركي روسي حول فتح ثلاثة معابر إنسانية في ريفي إدلب وحلب، سرعان ما نفته أنقرة، معتبرة أن اتفاق وقف التصعيد يقضي بفتح معابر تجارية وليست إنسانية، لكنه يفسر بأنه مرتبط بالمعركة الأم حول المنافذ الحدودية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"