ابتزاز

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

يقول الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله: «للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض، يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم»، آيات عظيمة المضمون، عميقة المفهوم والهدف؛ إذ تلخص لنا الفئات التي تستحق المساعدة أو الصدقة أو الزكاة.
ونحن على أعتاب شهر رمضان الفضيل، تتنامى ظاهرة التسول، التي تستكين معظم أشهر السنة، وتنهض وتتفاقم في المناسبات الدينية، بما فيها الشهر الفضيل والأعياد؛ إذ يجد أصحابها فرصة لاستغلال أفراد المجتمع، بحجة تعاظم الأجر، ونيل الحسنات في تلك المناسبات، وما أكثر الطيبون الذين يقعون ضحايا لتلك الفئات الضالة.
التسول، «ابتزاز» يرتدي عباءة الاستعطاف، يتخذ أشكالاً متعددة ومطورة، دائماً ما تحاكي الظروف المعيشية، فهناك من يطلب المال من أجل تعبئة سيارته بالوقود، وآخر لشراء العلاج وفق تقرير طبي «مفبرك»، ونجد من يدق أبواب المنازل لطلب المساعدة، ليطعم اليتامى، وجميعها صور يرافقها سيل من الدعوات، وسرد المواقف الدرامية، مدعومة بخطبة عصماء، تهز بلاغتها قلوب الضحايا.
والأبشع، نراه في استغلال الأطفال في عملية التسول؛ إذ إن براءتهم تعد الأكثر تأثيراً في نفوس الجميع، وهنا نجد أنفسنا نتعامل مع أناس بلا قلوب، لا قيم لهم ولا أخلاق، فعلى الجميع أن ينتبه لتلك السلوكيات، التي توظفها فئات ضالة ودخيلة لنهب الصدقات وأموال الزكاة من الشرفاء.
تجاوب أفراد المجتمع مع المتسولين، سلوك مرفوض، ولا يقل في الجرم عن ما يفعله الذين يستغلون قدوم الأيام المباركة، للتحايل على الناس، وإن كان العطاء ثقافة دينية ومجتمعية في الإمارات، علينا أن نطبقها بالشكل الصحيح، وبطرائق مشروعة لا تقبل التشكيك، وأعلم أن المتسول يسأل يومياً الآلاف من الناس، ليستولي على حقوق المحتاجين.
الحق يقال، الجهات المعنية تصل الليل بالنهار لحماية المجتمع بفئاته، في هذه الأيام المباركة، من تلك الظاهرة وآثارها السلبية، ولنعلم أن مسؤولية التصدي للتسول لا تقع على عاتق تلك الجهات منفردة؛ بل الجانب الأكبر من المسؤولية من نصيب المجتمع بأفراده، فهنا الجميع مسؤول عن مواجهة الظاهرة بمختلف صورها وأبعادها.
التعاون مع الجهات المختصة للحد والقضاء على هذه الظاهرة، ضرورة ملحة، وتكاتف المجتمع، لمناهضة التسول، واجب وطني وديني، ومسؤولية ينبغي أن يعي مضمونها الجميع، والإبلاغ عن المتسولين في أماكن تواجدهم، وسيلة فاعلة تقلص انتشارهم، ليبقى مجتمعنا آمناً سالماً مستقراً.
الجمعيات الخيرية، قنوات مشروعة، لإخراج زكاة الفطر والصدقات؛ إذ نضمن من خلالها أن الصدقات والمساعدات، تصل بالفعل إلى أصحابها المستحقين، ولا ننسى أن الأقربين أولى بالمعروف، ومبارك عليكم الشهر الفضيل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"