عادي

طوكيو.. وجوه متعددة للثقافـة والجـمـال

22:22 مساء
قراءة 5 دقائق
داخل حديقة شينجوكو جيون
اللباس الياباني التقليدي- كيمونو
طبق نيجيري-زوشي
موسم أزهار الكرز
القصر الإمبراطوري
أفق شينجوكو ممزوجاً بناطحات السحاب والطبيعة الملونة
حساء الشنكونابي

إعداد: هشام مدخنة
سواء كانت رسمية، أم شعبية، تقليدية قديمة أم فائقة التقنية والحداثة، فإن التناقضات الموجودة في طوكيو هي التي جعلت منها مدينة تحكي عنها القصص والشعوب أجمل الحكايا.

إنها مخلصة للعادات القديمة والثقافات المتأصلة، وذات فكر متطلع دوماً إلى المستقبل، وصبرها واتزانها وسط الضجة والأضواء الساطعة، إضافة إلى قدرتها المستحيلة على جعلك تشعر بالأمان والراحة، هي من أهم الأشياء التي تدعوك لزيارة طوكيو واستكشافها أكثر قليلاً من مدن العالم الأخرى.

لا يقتصر الأمر على التزام المدينة بتوفير بيئة آمنة من فيروس «كوفيد-19» للمسافرين، بل لأنها نقطة انطلاق مثالية لاستكشاف اليابان على نطاق أوسع، فهي تتميز بثقافة متغيرة ومتعددة الأوجه، ما يجعلها وجهــة سياحية جــــذابة في أي وقت. ومن المقرر أن تنشر شيئاً من سحرها المتميز وألقها التاريخي على المســرح العالمــي هذا العام مع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية.

وإليك بعض الأسباب التي تدعوك لزيارة طوكيو في عام 2021.

توفر رحلة بحرية عبر الممرات المائية الساحرة في طوكيو آفاقاً لا يراها معظم الزوار، سترى آثار قلعة إيدو القديمة، التي احترقت في عام 1873، مخبأة تحت تكوينات الطرق السريعة، ولا يزال من الممكن تصور حجم هذه القلعة الهائل من خلال الخنادق والجدران السميكة والجسور والحصون الباقية حتى الآن.

وتنعكس صورة الأبراج فائقة الحداثة التي تنبثق بين عشية وضحاها في المياه حول كل منعطف، وهي معالم دالة على كل فصول المشهد الحضري المتطور في طوكيو.

على الأرض، يمكن تقدير هذا التصميم المعماري الرائع أثناء المشي حول القصر الإمبراطوري، ويشمل المنظر الخلاب الحدائق الهادئة والمروج الملفوفة مثل سجادة خضراء نابضة بالحياة ومحاطة من جميع الجوانب بناطحات السحاب المتلألئة في أحياء «شينجوكو»، و«روبونجي»، و«مارونوتشي». إضافة إلى انتشار العديد من المتاحف المفتوحة لاستقبال الزائرين.

مشهد طعام فريد

في عصر يُعيد فيه الناس التركيز على ملذّات أبسط، يلجأ العديد من كبار الطهاة إلى الأساسيات، مع إعطاء الأولوية للمكونات من مصادر محلية بنتائج لا تقاوم. فالتركيز على التفاصيل هو المكان الذي تتفوق فيه طوكيو حقاً وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالطعام. إذ تُعد العاصمة اليابانية من أكثر الوجهات التي يفضلها عشاق الطعام في العالم، وتحمل داخلها كل ملامح المطبخ الياباني بكل توجهاته وعاداته القديمة والحديثة.

فأصبح لها مأكولاتها المميزة التي يفضلها السكان المحليون ويأتي السياح خصيصاً من أجل تذوقها.

لذلك، إذا كنت تنوي زيارة مدينة طوكيو فعليك أن تكون جسوراً، وتتذوق أطعمتها الفريدة التي قد تكون غريبة بعض الشيء، ولكنك لن تجدها في أي مكان أخر.

احرص على تناول طبق «نيجيري-زوشي»، وهو النوع الأكثر شعبية من السوشي اليوم، ويتكون من قطعة من المأكولات البحرية وُضعت على كرة صغيرة من الأرز، ويتم تقديمه في جميع مطاعم السوشي في طوكيو، وبأسعار رخيصة.

واستمتع بوجبة «تمبورا»، أحد أكثر الأطباق شهرة في اليابان، وهو مزيج من المأكولات البحرية والخضروات. إضافة إلى طبق «سوبا» الشعبي أو «شعيرية الحنطة السوداء» الذي يُقدم مع صلصة خاصة سميكة في جميع أنحاء المدينة. ويكتمل المشهد شهية مع حساء «الشنكونابي» الساخن، وهو بمثابة الغذاء الرئيسي لمصارعي السومو، لغناه بالبروتين، حيث يحتوي على الأسماك أو الدجاج مع الخضراوات الموسمية.

الطقوس والتقاليد القديمة

مع كل ما تتميز به طوكيو اليوم من مظاهر التطوّر والتقدم والحضور الطاغي لمختلف مظاهر الحياة الحديثة، فإن الثقافة الموروثة لا تزال تحافظ على ثقلها أيضاً في حياة الفرد الياباني اليومية، ولم تتحول إلى مجرد تراث للذكرى مثلما حصل في بقاع أخرى من العالم، ما يجعل هذه المدينة نموذجاً لنوع خاص من الحداثة.

فعلى الصعيد الديني، يعتنق نحو 52% من اليابانيين ديانة «الشنتو»، بينما تصل نسبة معتنقي «بوذية الزن» إلى قرابة 35%، وتنتشر المزارات والمعابد الشنتوية والبوذية في مختلف المقاطعات والمدن، حيث تعتبر جزءاً من المشهد البصري المألوف للمدينة اليابانية الحديثة، نظراً لما تشهده من إقبال وحضور واسعين من السكان والسياح، وبشكل خاص في مواسم الأعياد والمهرجانات.

وتنتشر بين اليابانيين اليوم، وعلى نحو واسع، «جلسات التأمل»، وتُعد من أهم الممارسات والطقوس الدينية أيضاً، حيث يجد فيها اليابانيون الراحة والسكينة في غمرة ضغوط ومتطلبات الحياة الحديثة وإيقاعها المتسارع.

فن «كنتسوجي»

إن أكثر ما يُظهر احتراماً لشيء ما هو عدم رميه بعيداً والاستغناء عنه، حتى عند كسره. وهو الأساس المنطقي وراء فن «كنتسوجي» الياباني، الذي يقوم على إصلاح الأشياء، وردم صدعها بالذهب لمنحها حياة جديدة. وتتجاوز الـ«كنتسوجي» كونها مجرد ممارسة فنية بسيطة، فهي ترمز إلى الشفاء، وإلى أن الجسم المكسور الذي يتم ترميمه يتقبّل ماضيه، ويُصبح في المقابل أكثر مرونة، وأبهى جمالاً، وأكثر قيمة، عما كان عليه قبل الصدمة. وفي ذلك إشارة إلى أن يأخذ الإنسان من هذه الفلسفة جوهرها ويتقبَّل كل انكساراته، والصعاب التي عاشها، أو يعيشها لأنها تُظهر أجمل ما فيه.

كوب من الشاي

وتظل مشاركة الشاي من أهم طقوس إظهار الاحترام للناس، وليس في حفل الشاي فقط، ولكن أيضاً في المنزل وبين الأصدقاء أو في مكان العمل. ويتم تكوين الانطباع الصحيح من خلال مشاركة كوب من الشاي عالي الجودة، وعادة ما يتم تقديمه مع قطعة حلوى ذات مذاق خاص بسكان طوكيو وأحيائها العريقة.

أحداث ثقافية وإبداعية رائعة

توجّه إلى حي «كوينجي» الذي يتنفس الفن والإبداع الثقافي والموسيقى والأزياء والرسوم المتحركة. لا يشبه «كوينجي» أي حي آخر في العاصمة اليابانية، فهو موطن لمجتمع نابض بالحياة من الموسيقيين والفنانين الذين تركوا بصمتهم مستخدمين الجدران والمباني كلوحات قماشية وجداريات عملاقة. كما أنه من بين أفضل الخيارات للاستمتاع ببعض الموسيقى اليابانية. وإذا كنت محظوظاً بما فيه الكفاية للذهاب في شهر أغسطس/ آب، فلن يفوتك مهرجان الرقص الذي يقام في هذا الشهر من كل عام.

الحرف المشهورة عالمياً

من السمات المميزة للفن الياباني المعاصر علاقته التكافلية مع تراث البلد من الحرف اليدوية المعقدة في كل شيء، من المنحوتات ونسج السلال إلى اللباس الياباني التقليدي (كيمونو)، بزخارفه الرائعة التي توارثتها الأجيال لمئات السنين. ويتجلى هذا التداخل في الجمال المرئي للأشياء التي لا حصر لها.

وفي حين أن الحرف اليدوية اليابانية مشبعة بالتقاليد، فإن تكييف هذه المهارات المتوارثة يُعد مفتاح طول العمر والشيخوخة في اليابان. وبالنسبة للجيل القادم من فناني الخزف، دمج العديد منهم تقنيات الفخار التقليدية والمحلية مع أشكال جمالية أكثر حداثة.

المدينة الخضراء

على الرغم من سمعتها الحضرية وتقدمها العمراني المذهل، فإن طوكيو في الواقع مدينة خضراء للغاية، وتنتشر الحدائق الصغيرة داخل كل حي تقريباً، فضلاً عن الأضرحة والمعابد التي لا تعد ولا تحصى، وكلها محاطة بالنباتات والأشجار. ومع حلول فصل الربيع، تتحول طوكيو وضواحيها إلى اللون الوردي ويتوافد إليها السياح من كل مكان، وينتظر سكانها تلك اللحظات بفارغ الصبر للاستمتاع بسحر أزهار الكرز المتفتحة، وقضاء أمتع الأوقات تحت ظلالها الوارفة، في تقليد يُعرف باسم «هانامي».

ومن بين المنتزهات الكبيرة والمساحات المفتوحة، تعد حدائق القصر الإمبراطوري الشرقية مكاناً فريداً للزيارة. فهي مرصعة بأشجار الكرز، وتضم مجموعة متنوعة من تصميمات الحدائق اليابانية المثيرة.

ويتوجه شباب طوكيو وعائلاتها إلى منتزه «يويوجي» أو حديقة «شينجوكو جيون». ويمكن الجمع بين حديقة متحف «طوكيو ميتروبوليتان تاين» للفنون ومشاهدة المعارض الموجودة داخل قصر قديم على طراز «الآرت ديكو».

ختاماً، هناك الكثير من العادات التقاليد التي سيلاحظها الزائر أثناء تواجده في طوكيو والتي تُضفي المعنى والهدف من وجودها. ومع ذلك، فبالنسبة للغرباء، يمكن أن يخطئوا في الإفراط في الشكليات. فاحرص على التعرف إلى آداب السلوك اليابانية في وقت مبكر من إقامتك إذا كنت قلقاً بشأن الوقوع في الخطأ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"