عادي
أساليب متنوعة في اصطياد الضحايا

التسول الإلكتروني.. سيناريو بتفاصيل مكررة وأبطال جدد

00:01 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: سومية سعد

انتشرت ظاهرة التسول الإلكتروني، مع تطور استخدام الوسائل التقنية، وزيادة أعداد المستخدمين لمواقع التواصل، وأصبح المتسولون يبتكرون طرائق جديدة، بحسابات وهمية وأرقام هواتف غير حقيقية، للوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص.

فبعد أن كانوا يتسولون من قبل، بالدعاء، لاستجداء المحسنين، وحثهم على إخراج الأموال، حيث يتزاحمون عند إشارات المرور، وداخل محطات الوقود، وفي الأماكن العامة، والمساجد، ويتخفون خلف شخصيات وأشكال مختلفة، بملابس رثة وعاهات مختلفة.

 واستخدموا أساليب جديدة وسيناريو تتكرر تفاصيله، وتتغير أبطاله كل عام، عبر رسائل ونداءات استغاثة، بداعي الفقر والمرض، وعدم وجود مأوى، وعدم وجود طعام.. ثم وصلوا إلى التكنولوجيا وامتلاك جهاز متقدم، واشتراك ب«الإنترنت». «الخليج» تحاول الكشف عن بعض قضايا التسول الإلكتروني، وكيفية استدراج الضحايا، وطرائق محاربة ألاعيب النصابين.

1

روايات ملفقة

ضبطت شرطة دبي 753 متسولاً خلال العام الماضي، منهم من استغل وسيلة للنصب، لكنه أصبح بين أيدي الشرطة، بعد تبدد خططه هباءً.

الرواية الأولى

ضبط شخص بحساب وهمي عبر «إنستجرام» منتحلاً إحدى الشخصيات الشهيرة، ويطلب مبلغاً لمساعدة أسرة فقيرة خارج الدولة، وهو حالياً خارج الدولة، وعند عودته سيرجع المال مع مكافأة مالية كبيرة.

 الراوية الثانية

ضبطت الشرطة متسولاً مسناً يدّعي الحاجة وأن أولاده تركوه، ليتضح أنه يمتلك بيوتاً وسيارات، ويتخفى بروايات ملفقة، لاستعطاف الناس عبر مواقع التواصل.

الرواية الثالثة

يضبط بعد شكاوى، عبر «واتس أب»، بعد استغلال الخيّرين وإرسال رسائل بأنه مريض، ويحتاج إلى عملية جراحية غالية الثمن. رجل عربي ضبط عبر موقع «فيس بوك» يطلب مبلغاً، مدعياً أنه، لا يتمكن من السفر بسبب وقف التنقل بسبب «كورونا»، ويطلب المساعدة من أجل السفر ورؤية أولاده.

الرواية الخامسة

آسيوي استغل وصفات طبية، بأنه مصاب بالسرطان، ويطلب التبرع من أجل العلاج، وتحويل المبلغ على إحدى شركات الصرافة. وبعد القبض عليه يتبين أن هذه الأوراق مزورة.

 الرواية السادسة

عربي يدعي عن طريق رسائل عبر مواقع التواصل، مستعطفاً أصحاب القلوب الرحيمة، بأنه لا يعمل، وهو وأطفاله في الشارع، ليسارع كثر للاتصال به لمساعدته، لكنهم يكتشفون أنهم ليسوا أطفاله.

 مواقع التواصل

تقول سحر مدني، سيدة أعمال: مع التطور التكنولوجي قرر المتسولون تغيير طرقهم، ولجأوا إلى التسول الإلكتروني، وإزعاج الناس، عبر وسائل التواصل المختلفة، للاستعطاف وسلب الأموال بطرق احتيالية. وللحدّ من هذه المشكلة المطلوب عدم التساهل معهم، وإبلاغ الجهات المختصة عن أماكنهم، وتغليظ العقوبات عليهم، للحد من الظاهرة، كونها من الظواهر غير الحضارية والخطرة على المجتمعات. كما أنها تؤثر سلباً في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.

الجهات المعتمدة

دعا محمد الحمادي، مدير إدارة تقنية المعلومات بجائزة القرآن الكريم، كل من يريد أن يتصدق، أن يوجه أمواله إلى الجهات المعتمدة التي تتوافر لديها الخبرة في التفرقة بين المحتاج والمتسول، عبر بعض لجان وباحثين، فليس كل من طرق الباب، وادعى الفقر فقيراً، وليس كل من تواصل معنا وبكى تعاطفنا معه، فنحن مسؤولين عن الأموال التي بين أيدينا، وكيف ننفقها، ولمن ننفقها، وتوجيهها إلى مصارفها الشرعية. والمتسولون ومن خلفهم يبتعدون عن الذهاب إلى هذه الجهات، لأنها تعتمد على آليات واضحة في البحث الاجتماعي والدراسة، والتحقق من مدى حاجة الفرد للزكاة، أو للصدقة، أو المساعدة.

 أساليب مختلفة

ويقول مانع الماجد، رجل أعمال، إن التسول الإلكتروني له أشكال وأساليب مختلفة، وتنوعها دليل على أن وراءها عقولاً مدبرة. وقد استغل المتسولون «كورونا» لاستعطاف الناس. والمطلوب من الجميع، التبرع بأموال صدقاتهم إلى الهيئات والجمعيات الخيرية، حتى يضمنوا وصولها إلى مستحقيها من الفقراء والمحتاجين، وألا يكونوا سبباً في انتشار الجرائم التي يرتكبها المتسولون تحت غطاء التسول.

ضحايا

وتقول ثريا العوضي، سيدة أعمال، ضحايا كثر وقعوا في فخ التسول الإلكتروني، وعندما تستمع إلى هؤلاء وحكاياتهم تنخدع وتسرع إلى إعطائهم المال، خاصة عندما تتعامل بعاطفتك، فكلما انكشف أسلوب وصار الناس على دراية به، يلجأون إلى أسلوب آخر، ويظهرون قدراً كبيراً من الاحترافية لإقناع الذين يستهدفونهم.

الجانب الاجتماعي

وطالبت الاختصاصية الاجتماعية نادية عاصم، بتحكيم العقل وعدم الالتفات أو الاهتمام والتفاعل وراء تلك الرسائل والمنشورات الاستعطافية، والتعامل بالعقل والمزيد من الحكمة والحذر من الوقوع في مثل هذه الخديعة، وعدم إرسال الأموال التي لا يعلم فيما ستستخدم أو لمن تصل إليهم، والتأكد من احتياجهم فعلاً للمساعدة. وطالبت بإبلاغ الجهات المسؤولة عن المتسولين المتكسبين بطرائق الاتصال المخصصة، إذ تتأكد تلك الجهات من حالة المتسول، إن كان محتاجاً، فإما أن تؤمن له عملاً شريفاً، إن كان قادراً على العمل، وإما أن تعاقبه، إن كان يتخذ التسول مهنة فيكذب على الناس.

الجانب النفسي

وحذر الاختصاصي النفسي علي عثمان، من أن يكون المتسول نصاباً، ومنهم من يستعطف الناس بتقارير مزورة لخداعهم، وخاصة ذوي القلوب الطيبة للاستيلاء على أموالهم، مثل الادعاء بالحاجة لإجراء عملية جراحية أو إكمال قسط مدرسي أو زرع كلية وغير ذلك. وهناك مواسم ينتشر فيها التسول الإلكتروني بشدة، مثل شهر رمضان والأعياد، والمناسبات الدينية المختلفة. وحذر من المظلات الوهمية التي ينسجها بعضهم، بأن يكون المدخل عاطفياً وإنسانياً لهدف غير أخلاقي.

الجانب القانوني

يقول المستشار القانوني محمد فتحي، إن فعل التسول مجرّم قانوناً، حيث يعاقب مرتكبه، تبعاً لأحكام القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2018، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف درهم، كل من ارتكب جريمة التسول. وهناك حالات تجعل العقوبة مشددة، وهي إذا كان المتسول صحيح البنية أو له مورد ظاهر للعيش، وتصنع الإصابة بجروح أو عاهات مستديمة، أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع، بقصد التأثير في الآخرين لاستدرار عطفهم.

الجانب الديني

يقول الشيخ محمد إسماعيل، إن الشريعة الإسلامية جعلت العمل واكتساب الرزق من عمل اليد فريضة على المسلمين، فالمسلم عزيز النفس كريم الملامح.. ويحثه دينه على أن يكون عفيفاً قوياً، أما التسول فظاهرة غير مقبولة إلا في حالة الضعف الجسماني أو العاهات المقعدة عن العمل، ولكن من دون إلحاح أو استعطاف، فلا يستغلون ذلك في التسول.  امتهان التسول ضعف في اليقين يجمعون الأموال السحت والحرام، لأنها جاءت نتيجة غش وخداع. التسول حرام، فجميع الأنبياء كانوا يأكلون من عمل أيديهم.

الجانب الأمني

 حذرت شرطة دبي، من الانخداع بأساليب المتسولين الاحتيالية، سواء عند مقابلتهم على الطرق العامة، أو في وسائل التواصل، إذ يتجهون إلى استدرار عطف المواطنين والمقيمين، وبصور وأشكال متعددة يغلب عليها الكذب والاحتيال؛ مستغلين طيبة مجتمع الإمارات واندفاع الناس لعمل الخير، غير أن هذه الظاهرة تنعكس بآثارها السلبية على النواحي الأمنية، وعلى المجتمع.حملات ملاحقتهم

 وقال اللواء خليل إبراهيم المنصوري، مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي: الشرطة تسعى إلى عمل حملات ملاحقة المتسولين والقبض عليهم ومكافحة الظاهرة، وما ينطوي تحتها من عمليات نصب واحتيال، تتمثل في صور وأشكال مختلفة لأخذ أموال الناس بغير وجه حق. داعياً إلى عدم تشجيع ظاهرة التسول والإبلاغ عن أماكن وجود المتسولين بالاتصال بالرقم المجاني 800243 المخصص للإبلاغ عن أي حالة تسول، حيث تنتقل أقرب دورية أمنية إلى موقع الاتصال. وأضاف العقيد علي سالم الشامسي، مدير إدارة المتسللين في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي: تضع الشرطة خطة أمنية متكاملة لمكافحة التسول بالتعاون مع الشركاء، وتكثيف الدوريات في الأماكن المتوقع وجود المتسولين بها، والتسول يرتبط بسلوكات سلبية تهدد أمن المجتمع وحياة وممتلكات أفراده، وتسيء إلى صورة الدولة، وتشوه مظهرها الحضاري، نتيجة المخاطر التي ترتبط به، ومنها ارتكاب بعض الجرائم مثل السرقة، واستغلال أطفال ومرضى وذوي عاهات في التسول، وتحقيق مكاسب غير مشروعة. ودعا إلى عدم الاستجابة لاستجداء المتسولين، أو التعامل معهم بمشاعر الشفقة والعطف، ومساعدة أجهزة الشرطة بالإبلاغ الفوري عن أي متسول يرصده في أي مكان.ضحايا رسائل التعاطف

وحذر النقيب عبدالله الشحي، نائب مدير إدارة المباحث الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، من الوقوع ضحايا لرسائل التعاطف الإلكترونية التي يبعثها متسولون عبر وسائل التواصل، والبريد الإلكتروني وتتضمن روايات ملفقة، مطالباً بتجاهلها وعدم الانسياق وراءها أو تصديقها، والإبلاغ عنها عبر منصة ecrime المتعلقة بالجرائم الإلكترونية بسهولة، عبر العنوان الإلكتروني www.ecrime.ae 

العمل الخيري

ويقول محمد سهيل المهيري، المدير التنفيذي لجمعية دار البر، إن الدولة وفرت بيئة متكاملة للعمل الإنساني، عبر الجمعيات الخيرية التي تمد يدها للمحتاجين وذوي الدخل المحدود داخل الإمارات، والفقراء والمنكوبين في العالم. وبعضهم يلجأون إلى «التسول»، ويجعلون منه مهنة، بحثاً عن المال وتحقيق المكاسب المادية السهلة والثراء السريع، بمنأى عن قيم العمل والجد والمثابرة والاجتهاد في طلب الرزق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"