إعادة التفكير في معيار الزنك

22:00 مساء
قراءة 4 دقائق

أندي هوم *
يرقى الانخفاض الحاد في مقياس رسوم مصاهر المعادن لعام 2021 إلى إعادة تقييم جماعي للديناميكيات الأساسية لسوق الزنك. فقد تم تحديد شروط المعيار السعري للزنك العام الماضي عند أعلى مستوى في 10 سنوات عند 299.75 دولاراً للطن، وسط إجماع واسع على أن سوق خام الزنك كان يتجه لفترة من فائض كبير في العرض. مما يسمح للمصاهر برفع رسومها.
ومع ذلك، لم تتحقق الزيادة المتوقعة في إنتاج المناجم مع تعرض الدول الكبرى الموردة مثل بيرو والمكسيك لعمليات إغلاق «كوفيد-19». ونتيجة لذلك، انخفضت شروط المصاهر التسعيرية لهذا العام إلى النصف تقريباً لتصل إلى 159 دولاراً للطن مع إجبارها على قبول الديناميكية المتغيرة.
علاوة على ذلك، فإن الضغط على سوق مركزات الزنك كان كبيراً أكثر من المتوقع، وهذا أحد الأسباب التي جعلته يحتفظ بالقرب من أعلى مستوياته في عامين في بورصة لندن للمعادن، على الرغم من بعض التدفقات الضخمة للمعدن إلى مستودعات البورصة.
تم التفاوض على صفقة مركزات الزنك المعيارية لهذا العام بين شركة التعدين الكندية «تيك ريسورسز» وعملاء المصهر، «كوريا زنك» و«جلينكور». وتم الإبلاغ عن الصفقة لأول مرة بواسطة شركة «فاست ماركيتس». وقالت الشركة في بيان بالبورصة إن رسوم المعالجة تمثل حوالي 30% من التكاليف النقدية لشركة «نيو سينشري» الأسترالية، مما يعني أن الخفض بنسبة 47% على أساس سنوي يوفر زيادة جوهرية في التدفق النقدي التشغيلي.
للسنة الثانية على التوالي، لا يحتوي المعيار السعري للزنك على صيغ واضحة للمشاركة في الأسعار، ربما لأنه بعد اضطرابها في عام 2020، لم يتفق أحد على الأسعار العادلة التي يمكن من خلالها حساب تحركات المعايير السابقة. ومن المحتمل أن يتبع تسعير مركزات الزنك تسعير النحاس، الذي ابتعد عن المشاركة في سباق الأسعار منذ عقد من الزمان.
علاوة على ذلك، فإن معيار هذا العام هو ثاني أدنى مستوى في أكثر من عقد. وتجدر الإشارة إلى أن أدنى معيار مرجعي في هذه الفترة كان 147 دولاراً للطن في عام 2018، وهو عام شهد ندرة في المركزات المستخرجة التي دفعت سعر الزنك في بورصة لندن للمعادن إلى أعلى مستوى خلال عشر سنوات عند 3596 دولاراً للطن.
وكان من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الأسعار هذا إلى تحفيز موجة جديدة من إمداد المناجم واستئناف عملها. وعندما اجتمعت مجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية (ILZSG) في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، توقعت بأن ينمو إنتاج منجم الزنك بنحو 5% خلال عام 2020. لكن في الواقع، انخفض الإنتاج العالمي للمعدن بنسبة 5.9% العام الماضي، وفقاً لأحدث تقييم للمجموعة.
لم يحالف الزنك الحظ وسط إغلاق العام الماضي، حيث اضطرت المناجم في جميع أنحاء العالم إلى تعليق الإنتاج أو تخفيضه مع انتشار وباء كورونا. وكان الركود في مؤشر هذا العام بمثابة انعكاس لحقيقة بسيطة، وهي تحول عام من الوفرة المتوقعة إلى أسوأ سنوات الإنتاج التي ستبقى في الذاكرة، إضافة إلى عملية التعافي البطيئة من الفيروس في بعض البلدان التي لا تزال متأثرة بإجراءات الحجر الصحي المستمرة.
ووفقاً «لفاست ماركيتس»، لا تزال المصاهر تكافح من أجل الحصول على إمدادات كافية، لا سيما في الصين، حيث تستمر رسوم المعالجة في التعثر عند 60 دولار إلى 74 دولار للطن حالياً. في حين نجح المشترون الصينيون في اجتياز مطبات أسعار «كوفيد-19» المتقلبة العام الماضي من خلال الاستفادة من موردين مثل باكستان والمملكة العربية السعودية وميانمار، وارتفعت واردات الزنك بنسبة 20%. لكن الزخم توقف حتى الآن هذا العام، حيث عادت الواردات وانخفضت بنسبة 2% خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط مقارنة بالعام الماضي.
ومع بدء استيقاظ العديد من المناجم في شمال الصين من سباتها الشتوي، من الواضح أن المصاهر المحلية هناك لا تزال تسعى جاهدة لتأمين مواد إضافية.
في الواقع، إن إنتاج الزنك المكرر في الصين في طريقه الصحيح إلى حد ما، حيث ارتفع الإنتاج الوطني بنسبة 7% على أساس سنوي في مارس/آذار، وسجلت مستودعات بورصة لندن للمعادن تدفقات داخلة عند 31,700 طن في غضون يومين فقط الأسبوع الماضي، وارتفع المخزون الرئيسي البالغ 296,525 طناً بنسبة 47% منذ بداية العام الجاري.
وبحسب مجموعة دراسة الرصاص والزنك، لا يوجد نقص في معدن الزنك المكرر. وعلى الرغم من انهيار إنتاج المناجم العام الماضي، فقد ارتفع الإنتاج المكرر العالمي بنسبة 1.2%، مع فائض في المعروض قدره 533 ألف طن من المعدن في عام 2020.
وتجدر الإشارة إلى أنه اعتباراً من نهاية فبراير/شباط كان هناك 87,400 طن من الزنك في «مخزن الظل» في بورصة لندن للمعادن، حيث يتم تخزين المعدن بدون إذن وبموجب اتفاقيات المستودعات التي تشير صراحة إلى خيار التسليم الكامل للبورصة.
إن وفرة المعدن هذه هي السبب في أن معظم المحللين، حتى أولئك الموجودين في البنوك ذات الدورة الفائقة الصعودية، لا يفضلون توقعات الزنك كثيراً. والتي لم يفضلها أحد أيضاً منذ الارتفاع الكبير في عام 2018 بسبب رد الفعل المتوقع لإمدادات المناجم.
لقد استحوذ معيار رسوم المعالجة المرتفع في العام الماضي على تلك الرواية، بالرغم من انهيار الرسوم الفورية مع بدء ظهور فيروس كورونا، لكن الخفض الجذري لمعيار رسوم هذا العام يعد بمثابة إقرار بأن المواد الخام لا تزال منكمشة وأن موجة إمداد المناجم لا تزال معلقة.
لقد تحدى سوق الزنك بإصرار توقعات الأسواق الهابطة، وكلما استغرق معروض المناجم وقتاً أطول للعودة إلى طبيعته، كلما طالت مدة هذا التحدي.

* رويترز

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"