رمضان والإعلام

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ عقود لم تتغير طريقة تعامل وسائل الإعلام باختلاف أشكالها ومسمياتها ومجالاتها في بلادنا العربية مع شهر رمضان، فهي تراوح بين المسابقات والفوازير والمسلسلات والبرامج الدينية التي ترد على أسئلة الصائمين، لا تختلف في شكلها ولا مضمونها على الرغم من مرور السنوات، وكأن هذا الشهر الكريم لا يجيء إلا لنعاقب بهذا الكم الهائل من التسطيح.
المتابع لما يعرض أو يسمع أو يطبع أو حتى يستحدث لا يخرج عن ذلك المحور، وكأن كل الجهات الإعلامية أفلست في الخروج من قمقمها والتفكير خارج الصندوق كما يقال، فتقدم لنا ما يتناسب وهذا الشهر الكريم.
لا أقول يجب إلغاء المسلسلات أو المسابقات، لكن التنوع فيما يغذي الروح والعقل والقلب شيء مطلوب وبما يتفق مع مكانة الشهر ومغزاه، ولو عدنا لما يعرض على شاشات فضائياتنا فلن نجد إلا اليسير؛ بل اليسير جداً الذي له قيمته الفنية وهدفه الاجتماعي والذي يسهم في تطور الوعي والفكر والإنسانية.
للأسف فجل المسلسلات تسيء أكثر مما تسهم في نشر الوعي أو المعرفة، هي صراخ في صراخ دون محتوى أو مفهوم مجرد سيناريو مهلهل يتم إخراجه كيفما كان لمعرفة كل المنتجين حاجة القنوات لملء ساعات البث اليومية، هذا عكس الماضي البعيد الذي كنا نشاهد فيه مسلسلات تاريخية واجتماعية ذات مضمون راق وقيمة فنية عالية.
حتى الشركات التي تحاول أن تسهم في الترحيب برمضان والترويج لنفسها، لم تقدم شيئاً مفيداً مع استثناء إحدى شركات الاتصالات في الخليج التي قدمت برنامجاً يعرض على شاشة قناة التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي بعنوان «كفو» وهو فعلاً برنامج مميز؛ حيث يتم في كل حلقة تكريم وتقدير شخصية أسهمت في خدمة المجتمع والوطن والناس بعطائها ونكرانها لذاتها وبذلها اللا محدود، ذلك بإخراج مبتكر وسيناريو يجعلك تقول «الدنيا بخير» وانتو «كفو».
متى يا ترى ستخرج وسائل إعلامنا من هذا الضعف المستمر ولسنوات طوال، متى ستكون هناك قيمة لما تقدمه يتناسب مع قيمة الأشياء والمناسبات، لماذا يتم تحويل شهر مثل شهر رمضان المبارك بروحانيته وقيمه وقيمته الإنسانية لمجرد شهر للمسابقات والمسلسلات والترفيه والتفاهات بمستوى أكثر ما يقال عنه إنه ضعيف جداً؟ هل تعجز أن تفعل شيئاً ذو قيمة يخدم المجتمع وينير العقول ويطور المحتوى الإعلامي بشكل هادف يشكل إضافة نوعية للعمل الإعلامي برمته؟
للأمانة هناك برامج يجب التنويه بها لقيمتها ومضمونها وثرائها مثل «بصمات» الذي يقدمه الأديب عوض بن حاسوم الدرمكي و«شدو الحروف» الذي يقدمه الأديب د.عبدالعزيز المسلم و «الراوي» الذي يقدمه الأديب جمال بن حويرب وبرنامج «سين» الذي يقدمه المبدع أحمد الشقيري، لكن هل تكفي برامج تعد على أصابع اليد الواحدة لنقدم لأجهزتنا الإعلامية الشكر.
هذا العام افتقدت شخصياً المسابقة الشعرية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وافتقدت أيضاً مقالات الأديب عبدالغفار حسين التي كان ينشرها تحت عنوان «كشاكيل الملونة».
رمضان له قيمته فمتى نعي تلك القيمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"