أفخاخ الوهم والبضائع الفاسدة

01:13 صباحا
قراءة دقيقتين

إذا كان العالم قد انجرف خلف «التواصل الاجتماعي» ووسائله وشارفت حياته على التحول من التعامل المباشر بين البشر إلى علاقات وتعاملات «أونلاين»، فوصول كورونا سرّع الخطى وصارت الحياة كلها عن بُعد؛ و«الشراء أونلاين» كان البديل خصوصاً في ظل تفاقم الجائحة العام الماضي، حتى المطاعم التي أغلقت أبوابها فتحت باب «الديليفري» كمخرج مبدئي هرباً من الأزمة الاقتصادية. 
مشاهير السوشيال ميديا وجدوا لأنفسهم مصدراً للرزق بل للثراء، طالما أن العالم كله أصبح حاضراً جاهزاً للمشاهدة والمتابعة في كل وقت، والمشاهير في مختلف المجالات وجدوا لأنفسهم مكاناً أيضاً على السوشيال ميديا، والمتابعون يتلقون ويتأثرون وينبهرون، لا بأس، فالحياة الجديدة تفرض شروطها ووسائلها وتأخذنا نحو التغيير، ونمشي معها طوعاً إنما بحدود ونحن ننظر إلى أين نسير. 
المشكلة ليست في السوشيال ميديا، بل في كمّ المواد التي تعرض على الإنسان في كل لحظة وثانية، وكمّ التضليل الذي لا يترك مجالاً إلا ويرتدي زيّه ليستغل البشر. كثير من المشاهير تحولوا إلى مروجين لعلامات تجارية ولبضائع ليس بالضرورة أن تكون معروفة ولعقاقير وعلاج للشعر وللتنحيف والقوام الرشيق والبشرة والمعدة.. وكأنها حلبة تنافس والكل يحاول إقناع المتابعين بجودة المُنتَج ومفعوله السحري!
ما تحذر منه وزارة الصحة ووقاية المجتمع مهم وضروري التفاعل معه، حيث تعمد إلى توعية الناس من منتجات عشبية ومكملات غذائية يتم الترويج لها وبيعها عبر الإنترنت ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها «تسبب أضراراً كبيرة لصحة الإنسان وقد تؤدي إلى الوفاة»، وللأسف هناك من يصدق بأنها فعلاً عقاقير سليمة وصحية ونتائجها مضمونة وسريعة، تحوّل الإنسان من حال إلى حال، ومفعولها مباشر في التخسيس «بلا جراحة ولا معاناة» كما يدعون.
غسل دماغ تجاري، ليس جديداً ولا محصوراً بعالم السوشيال ميديا، وإنما خطورته اليوم والتي لم تكن موجودة قبل البيع أونلاين، أن المستهلك لا يجد مرجعاً حقيقياً يتحمل مسؤولية ما قد ينتج عن استخدام المنتَج، والوسائل المتبعة الآن في الرد على تساؤلات الناس حول أي بضاعة يتم عرضها تختصر بعبارة «لقد تم الرد عليكم على الخاص»، والرد يكون مجموعة مغريات لإتمام الصفقة؛ ولاحظ أنهم يصلون إليك حتى المنزل لتسليم المنتَج بينما يستحيل عليك الوصول إليهم أو معرفة مقر لهم وعنوان واضح في حال وقع عليك ضرر ما. 
التجارة أونلاين تيسر الأمور ومفيدة، شرط ألا يقع المرء في فخ الوهم وتجار البضائع الفاسدة والقاتلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"