الفضائل التعليمية للبهيمة المعدنية

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

أليس من عجائب العصر أن يغدو الذكاء الاصطناعي خير عون للتلميذ والمعلّم والمدرسة والمناهج؟ هذه البهيمة المعدنيّة التي تعجّ بالخوارزميات، ذكاؤها أبطأ من بغلة البهاء زهير: «تخالها مدبرةً.. إن أقبلت مستعجلةْ»، لكن كثرة النوادر عن بطء تعلّمها العميق تخفي مستقبلاً عجيباً.
يحتاج الروبوت ونظامه الرقمي إلى مئة ألف صورة مختلفة للقط لكي يتعرف إلى هذا الحيوان، بينما الآدميّ ابن الثانية تكفيه صورتان للهرّ، ليعرفه إذا رآه، حتى ولو رسمه بيكاسو.
القضيّة التي تثير القلق لدى الكثير من العلماء هي أن القدرات الحسابية للبهيمة المعدنية ستتجاوز قدرات الدماغ البشري بما لا يقاس. لكن، لا خوف على المعلمين والأساتذة، فمكانهم محفوظ، ومكانتهم سيقوم لها الروبوت يوفيّها التبجيل، بل إن الاصطناعي سيسدي إليهم خدمات جمّة، كتصحيح التمارين، جمع المعلومات اللازمة لإعداد الدروس، تقويم أدائهم وأداء طلابهم، إضافة إلى العامل النفسي، فالدارس يشعر بالارتياح أكثر عندما تختبره الآلة، وحين يسألها، فللمعلم رهبة.
سيكون تطوّر الذكاء الاصطناعي في التعليم سريعاً، فكل دول العالم ساعية إلى دعم أنظمة التعليم بهذه التقانات، والمكتشفات التطويرية ستصبح عالمية. أهمّ من ذلك أن القطاع الخاص دخل الميدان بقوّة تنافسية هائلة، فالأسواق عالمية والروافد الاقتصادية بلا حدود. قل وداعاً للكتب التقليدية، فالآن زمن الكتب الذكيّة والمحتوى الذكيّ التعليمي، مع الملخصات الذكية والنماذج الذكيّة للاختبارات والتقويم، ويجد المعلمون فيضاً من تصميم المناهج الرقمية صورة وصوتاً.
أحد الإنجازات الكبيرة يتمثل في دقّة تحديد مستوى كل دارس، نقط قوته وضعفه، وتعيين ما يلزمه من مساعدات وتوجيه. نعمة نزلت على الأسرة والمدرسة. أمّا عن دخول الواقعي الافتراضيّ فهذه متعة أخرى.
صار الطالب يستطيع أن يشارك في الأحداث تفاعلياً، زيارة الجامعات، المكتبات، المتاحف، أروع المعالم وحتى المشي على سطح القمر، والسفر إلى المجرّات. أضف إلى ذلك تقنية الواقع المعزّز، التي ستسمح لطالب الطب بإجراء العمليات الجراحيّة وتشريح جسم الإنسان، وكأنه في الواقع. إذا ظل ذهن الشاب متيّماً بالسيارة الذاتية القيادة، فإن المستوى الخامس، الذاتي تماماً، بعيد، فقد ضحكوا من ذقنها في الطريق مراراً، في كل مرّة يظهر شخص يرتدي قميصاً عليه علامة «قف»، فتتوقف احتراماً للقانون!
 لزوم ما يلزم: النتيجة الكوميدية: المشكلة هي أن الذكاء الاصطناعي حين يصير فائق الذكاء، سيكتشف أن الذكاء البشري مصطنع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"