عادي

وظائف المستقبل..تحقق أحلام الطلاب للوصول إلى الفضاء

01:40 صباحا
قراءة 8 دقائق
1

تحقيق: أمير السني

أكد عدد من الأكاديميين والتربويين، أن تشجيع الطلاب للولوج إلى وظائف المستقبل التي أطلقتها دولة الإمارات من بينها الفضاء وعلوم الفلك والذكاء الاصطناعي يحتاج إلى توفير عدد من المقومات التي تساعدهم لاختيار المساقات المستقبلية مشيرين إلى بداية النشء على المهارات الخلاقة وترك فضاءات حرة لهم ليبرعوا في مجالات الإبداع والاختراعات والمشاركات النشطة والتنافسية، ستسهم بدور كبير في توجههم نحو المناهج المستقبلية والولوج في مجالات الفضاء والفلك والذكاء الاصطناعي التي أطلقتها دولة الإمارات ضمن استعداداتها.

قد أطلقت دولة الإمارات العديد من مشاريع المستقبل من بينها الفضاء والذكاء الاصطناعي استعداداً للخمسين العام المقبلة من خلال سياسات متكاملة ومبادرات نوعية تهدف إلى تطوير القدرات والإمكانات لدى الجيل الجديد وتزويدهم بالوسائل والأدوات المناسبة لدخول سوق العمل المستقبلي، وفي المقابل يحتاج الجيل الحديث إلى خارطة طريق تشجعه للولوج لتلك المجالات بخطى ثابتة وواثقة والتخلي عن الأحلام التقليدية التي باتت تندثر مع تطور العالم.
ويقول التربوي عبيد علي اليماحي: «إن الطالب يحتاج إلى مجموعة من الأساليب التي تعمل على تحفيزه، من أجل الولوج إلى وظائف المستقبل ويكون مهيأ لاختيار المساقات الحديثة وذلك من خلال عدة أدوار يتبادلها المعلم والمدرسة والمناهج المتطورة ومن بين تلك الخطوات إشعار الطالب بالمسؤولية ومنحه الحرية في اختيار المساقات العلمية أو الأدبية، ومنحه المجال للنقاش فذلك يمنح الأمل من أجل النجاح. وحيث إن للمدرس التربوي دوراً أساسياً في تحقيق وإنجاز ذلك ففي حال أراد أن يكون مدرساً ناجحاً وجب عليه أن يطور أساليبه ونفسه، ومن أجل أن يجعل الطلاب أكثر إقبالاً على حب التعلم عليه أن يقوم على تحفيزهم وتشجيعهم.
وينبغي على المدرس التربوي القيام بتحديد أهداف مساعدة، يسعى مع الطلبة إلى إنجازها وتحقيقها، ففي هذا يبقى الطالب متحمساً في المحاولة من أجل تحقيقها، كما يجب خلق بيئة آمنة تمنع الخوف من نتائج الرسوب التي تؤدي إلى مشكلات في المستقبل، وعلى ذلك يجب دعم الطالب من الناحية النفسية، وجعله يؤمن بقدرته ودفعه المحاولة بعد تعرضه للفشل، وتغيير أسلوب التعلم؛ إذ ينبغي العمل على تغيير الروتين وذلك عن طريق القيام برحلات تثقيفية والعمل الجماعي، خصوصاً الطلاب الخجولين والمتعثرين، ومنحهم مكافآت بسيطة، لأنها تشجع على إتمام الأعمال، ومنحهم مجموعة من كلمات التشجيع والمدح، وإيجاد جو من المنافسة الشريفة؛ حيث إن خلق المنافسة بصورة تربوية تعد من الأساليب الإيجابية، من أجل تحقيق الأهداف المحددة من قبل؛ إذ إن الطالب في غالبية الأحيان يقدم جهداً أكبر من أجل التفوق والتميز في المنافسة، والتعرف إلى الطلاب ومناقشتهم، من أجل إعطاء الثقة بالنفس، والتأثير بشكل إيجابي في سلوكهم، ينبغي التعرف إلى الطلاب وعلى هواياتهم والأمور التي يكرهونها ويحبونها».
منظومة المهارات
ويوضح الدكتور هشام عمر داود نائب مدير في مدرسة الشارقة الدولية الخاصة والمشارك في بناء أطر معايير المناهج الوطنية لدولة الإمارات خلال عمله «موجه أول» سابقاً في وزارة التربية والتعليم لفترة ثلاثة عقود، قائلاً: «عززنا مهارات القرن الحادي والعشرين المبنية على التفكير النقدي وحل المشكلات ومواجهة التحديات ودمج التكنولوجيا، كما حددنا في أطر معايير المناهج مواصفات الطالب الإماراتي في نهاية كل مرحلة تعليمية من حيث امتلاك المعرفة بمساراتها المالية والاقتصادية والبيئية والمعلوماتية والمجتمعية والإعلامية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكذلك في امتلاك المتعلم المهارة والاستقلالية والمسؤولية والتفاعل مع بيئات العمل وتطوير الذات والوعي العالمي وسمات القيادة، وغيرها من المجالات التي تؤسس لطالب مبدع مبتكر ممتلك لمهارات البحث والاكتشاف وإنتاج المعرفة».
ويضيف أن دولة الإمارات تولي اهتماماً كبيراً بعلوم المستقبل من خلال البرامج التي تعزز اهتمام الطلبة في مجال الفضاء؛ حيث تخصص وكالة الإمارات للفضاء مساحة واسعة لتنمية قدرات البحث العلمي التي تجسد مهارات القرن 21، وتعطي في هذا الإطار اهتماماً بالغاً حول تعميق الإقبال على تخصصات الهندسة بأنواعها والفيزياء والرياضيات وهندسة الطاقة المستدامة والمتجددة وعلوم البيئة والحاسوب والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال.
ويشير إلى أن وزارة التربية والتعليم، حرصت على تزويد الطلبة بالمهارات التي تمكنهم من مواكبة حركة العصر بأطيافها كافة، وتأهيلهم لخوض غمار التخصصات العلمية الدقيقة بتمكن واقتدار؛ فأوجدت أطر معايير مناهج التصميم والتكنولوجيا والتصميم الإبداعي والابتكاري، ومعايير العلوم الصحية وغيرها، وحرصت الوزارة على تضمين أطر معايير المناهج كلها على مضامين متعمقة ؛ لمسايرة التقدم العلمي، ومواكبة الركب الحضاري العالمي المتجدد وفق التوقعات العالمية الحديثة.
 حاضنات المستقبل
يوضح الدكتور عطا المنان جعفر، رئيس قسم الفيزياء وعلم الفلك، بكلية العلوم جامعة الشارقة، أن القسم قام بتطوير خمس برامج أكاديمية تعمل على تلبية احتياج سوق العمل المحلي والإقليمي، إضافة إلى خدمة الاستراتيجية الوطنية 2030 للعلوم وللفضاء، لتعمل في توجهها نحو خلق جيل من العلماء الشباب يسهمون في حل مشكلات المجتمع الحالية ويسعون إلى بناء مستقبل أفضل للبشرية قاطبة، وأن الطالب يحصل على التدريب على أحدث التقنيات الفيزيائية خلال دراسته برنامج بكالوريوس العلوم في الفيزياء التطبيقية ويشترك في إجراء البحوث العلمية في مركز بحوث المواد المتقدمة بالجامعة أو بأكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك.
وعند الحصول على الشهادة يمكن للخريج العمل بقطاعات علمية وصناعية مختلفة مثل معامل البحث الجنائي ومعامل ضبط الجودة ومراكز البحث العلمي في الطاقات البديلة والمواد المتقدمة، إضافة إلى دعم المشاريع الاستراتيجية للدولة مثل مشروع توليد الكهرباء من المفاعلات النووية وتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسة والمشروع الإماراتي للفضاء، مشيراً إلى أن البرنامج يهدف إلى تأهيل وتدريب علماء في مجال الفيزياء وعلم الفلك؛ حيث يحتوي البرنامج الأكاديمي على مساقات أساسية في علم الفيزياء والرياضيات، إضافة إلى مساقات تخصصية في الإلكترونيات وعلم المواد والإشعاع والحوسبة والفضاء والفلك.
ويبين أن إعداد الطلاب لأدوار مهنية في مجال الفيزياء، مع المعرفة والمهارات اللازمة لتطوير الانضباط من وجهات النظر الأكاديمية والبحثية والعملية تمثل الأهداف الأكاديمية لبرنامج ماجستير العلوم في الفيزياء الذي يحتوي على مجموعة واسعة من موضوعات الفيزياء التي تمتد من الهياكل النانوية إلى الأبعاد الفلكية؛ حيث يعد تكامل التعليم والبحث التجريبي والنظري في صميم البرنامج مع الهدف النهائي المتمثل في إنتاج معرفة متميزة ومهارات بحثية متطورة، ويؤهل البرنامج الطلاب لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية في مجلات عمل مثل البحوث العلمية والصناعات والمختبرات الحكومية والاستشارات والبحث والتطوير والإدارة والاستثمار في الفيزياء والوظائف الأكاديمية، وإعداد الطلاب للمشاركة في بحوث مستقلة وتعاونية في سياق بيئة عمل أكاديمية أو حكومية أو تطبيقية، وخلال هذه العملية التعليمية، سيشارك الطلاب في توليد المعرفة وتحسينها، وتأليف البحوث، ونقل المعرفة والتقنية.
مدربون على العمل الميداني 
ويشير عطا المنان، إلى أن برنامج بكالوريوس العلوم في جيولوجيا البترول والفيزياء الجيولوجية والاستشعار عن بعد، يعتبر من البرامج الأكاديمية الفريدة في الدولة والمحيط الإقليمي، التي تؤهل علماء مدربين على العمل الميداني والمختبري، إضافة إلى الدراسة النظرية ليرفدوا سوق العمل في تخصصات الجيولوجيا وجيولوجيا البترول وفيزياء الجيولوجيا والاستشعار عن بعد والتي تخدم قطاعاً واسعاً من الشركات والمؤسسات العاملة في مجالات الهندسة المدنية والتعدين والبترول والبيئة والتخطيط العمراني واستكشاف الكواكب، كما أن أهمية برنامج ماجستير العلوم في الفلك وعلوم الفضاء والذي يطرح بالشراكة مع أكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، تأتي من التقدم الهائل الذي يشهده العالم في مجال استكشاف الفضاء والفلك.
وقد تم إعداد البرنامج أكاديمياً للعمل على تعزيز وتطوير المعرفة الأكاديمية والمهنية للدارسين، من خلال تزويدهم بالمعرفة الكافية لفهم العالَم الفلكي والفيزيائي وكذلك مفاهيم علوم الفضاء، وتصور الهيكل العام للكون، بجانب تزويدهم بسمات المعرفة الفلكية المتقدمة في تكنولوجيا علوم الفضاء وسُبل معالجة التحديات المستقبلية في هذا المجال، وأيضاً تزويد الدارسين بالخبرة العملية في أبحاث علوم الفضاء وتطوير المشاريع والإدارة، إضافة إلى إعداد الدارسين وتهيئتهم للانخراط في البحوث المستقلة والتعاونية القائمة بين الجامعة، والحكومة والقطاعات الصناعية.
ويوضح قائلاً: «على الرغم من الطلب الكبير على علماء نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد في دولة الإمارات، ودول مجلس التعاون الخليجي، فإننا نجد ندرة في البرامج التي تلبي سوق العمل بالخريجين في هذا المجال، لذلك عملت جامعة الشارقة على طرح برنامج ماجستير العلوم في نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، الذي سيلبي احتياجات عدد كبير من القطاعات».
مساقات تخصصية
ويؤكد الدكتور أشرف النجار، نائب عميد كلية الحوسبة والمعلوماتية في جامعة الشارقة، أن المجتمعات تسعى دائماً إلى تحقيق أهدافها التنموية والارتقاء بالأداء من أجل خدمة مجتمعاتها الداخلية والتي تستوجب مشاريع علمية تقوم على طرح المشكلات وتقديم الحلول على كافة المستويات، وهنا يأتي الدور المهم الذي تقوم به كلية الحوسبة والمعلوماتية بجامعة الشارقة لتعزيز هذه التنمية؛ حيث تطرح برامج دراسية ومساقات تخصصية في حقل الذكاء الاصطناعي لما له من دور رئيسي في منظومة التنمية وخدمة المجتمع. وإدراكاً بمدى أهمية هذا التخصص في تحقيق التقدم المنشود واستمراره في معالجة المشكلات التي تواجه المؤسسات العامة والخاصة على حد سواء.
ويضيف أن اللجان العلمية الخاصة بالبرامج الدراسية واستناداً إلى معايير ومنهجيات علمية، وضعت إطاراً عاماً يشتمل على تعزيز البرامج الأكاديمية بمواضيع الذكاء الاصطناعي المختلفة والتي من شأنها المساعدة على تخريج كوادر نوعية مؤهلة ومستعدة للولوج إلى سوق العمل بما يتسق والنشاط الملحوظ في الدولة، في مجال الذكاء الاصطناعي.
تنوع الفرص
ويوضح الدكتور جلال حاتم مدير جامعة أم القيوين، أن التطور التكنولوجي والمشاريع المستقبلية التي طرحتها القيادة الرشيدة؛ يستلزم من النظام التعليمي، مواكبة هذه الاستراتيجية، وأن يكون متماشياً مع التطورات المتسارعة والمتطلبات الجديدة؛ حيث إن بناء الكوادر البشرية يستلزم تغيير أساليب تعليم الطلبة، وإعدادهم للمستقبل؛ من خلال تطوير مناهج التعليم العالي؛ لتحقيق أهداف متطلبات سوق العمل، مشيراً إلى إن جامعة أم القيوين ومنذ إنشائها قبل ثمانية أعوام تعمل على تطوير المنظومة التعليمية؛ من خلال التركيز على استخدام التقنيات الحديثة في التعليم؛ لتكون مناهج رقمية، كما تقوم بتطبيق أنظمة متطورة في اعتماد البرامج الأكاديمية، وإطلاق برامج جديدة، إضافة إلى تطوير وتحديث البرامج الحالية؛ لتعكس المسارات المستقبلية لدولة الإمارات على مستوى القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وفق نظام تعليمي متطور؛ يعزز فرص الإبداع، والابتكار واستشراف المستقبل، من خلال التخصصات المتنوعة والبرامج الأكاديمية التي تؤهل الطلبة للانضمام لوظائف المستقبل، وذلك من خلال كلياتها الأربع التي ضمت عشرة تخصصات أكاديمية شملت الاتصال الجماهيري باللغة العربية الذي يضم الإعلام الجديد، والصحافة المطبوعة والإلكترونية، والعلاقات العامة.ويوضح أن الجامعة تسعى دائماً إلى توفير أعضاء هيئة تدريس مؤهلين وباحثين متميزين والدعم المستمر لتوجهاتها البحثية، وتحفيز أنشطتها المبتكرة والأبحاث المتعددة التخصصات، وتطوير الابتكار البحثي كجزء لا يتجزأ من المنهج، وعقد شراكات عدة تعمل عليها مع المؤسسات الفاعلة في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتعمل على إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة للعديد من التحديات، التي تواجه دولة الإمارات ودول المنطقة والعالم، وذلك لتزويد الطلبة بالمهارات الفنية والعملية؛ ولدفع عجلة الاقتصاد في القطاعين الحكومي والخاص، وتخريج أجيال من المتخصصين والمحترفين في القطاعات الحيوية؛ ليكونوا ركيزة رئيسية في بناء اقتصاد معرفي.
 أسواق العمل المستقبلية
ويدعو عبد الوهاب وصفي الخبير في الموارد البشرية إلى ربط مؤسسات التعليم العالي مع أسواق العمل المستقبلية، باعتبار مؤسسات التعليم هي المورد الرئيسي للخريجين المدربين والمؤهلين للعمل في أسواق العمل وقيادتها وتطويرها، ويتوجب على مؤسسات التعليم العالي إعادة النظر في خططها وبرامجها التدريسية، لأن السوق العمل متجدد ومتطور فمنظومة الأعمال سابقاً تختلف عن منظومة الأعمال في وقتنا الحالي وستختلف عن منظومة الأعمال في المستقبل، كما يتوجب أن تسعى الجامعات لأن يكون تأثيرها على السوق تأثير إيجابي وهذا التأثير الإيجابي يجب أن يكون مبنياً على منهجية علمية تسعى إلى دراسة احتياج السوق الحالي ومن ثم تعديل وتطوير البرامج الأكاديمية ومن الممكن أن يكون التطوير بإلغاء التخصصات الجامدة وابتكار تخصصات حيوية قادرة على أن تتمشى مع التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"