الابتكار ما بعد الذكاء الاصطناعي

21:40 مساء
قراءة 3 دقائق

جيرهارد هارتمان *

لم يكن عام 2020 عام الريادة الابتكارية فقط، بل والتحول السريع كذلك. لقد سرّع وباء «كوفيد-19» الكثير من التوجهات، لا سيما الاعتماد المتنامي على التقنيات الرقمية، التي شهدت إقبالاً متزايداً في السنوات الأخيرة. وقد أصبح الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة الآن جزءاً من عملنا وحياتنا بطرقٍ لم نكن نتخيّلها قط.

ووفق تقرير صادر عن «ماكينزي»، هناك زيادة سنوية نسبتها نحو 25% في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الأعمال نتيجة الوباء، ويتفق 63% من المديرين على أنه ساهم في تحقيق زيادة بالإيرادات. وعلى وجه الخصوص، ساعدت الأتمتة في مجال التمويل على تنظيم العمليات، وادخار الوقت الثمين للمهنيين الذي بات يخصص الآن لأغراض مفيدة أخرى. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي ليس التكنولوجيا الناشئة الوحيدة التي تقود الابتكار الرقمي.

وبينما يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في صياغة أي استراتيجية للتحول الرقمي، سواء كانت أتمتة بسيطة لعملية روبوتية، أو إمكانات معالجة اللغات الطبيعية، فلا يمكنها إحراز النجاح بمفردها، وتحتاج لأن تكون جزءاً من برنامج أوسع لاندماج وتكامل البيانات. وحينذاك تستطيع أقسام الرواتب والمحاسبة والموارد البشرية وإدارة علاقات العملاء أن تستفيد جماعياً من الابتكار على المستوى التشغيلي.

في العام التالي، سيحدث الابتكار الحقيقي حول الأفراد. فالحاجة الماسة إلى العمل عن بعد أبطلت الكثير من عمليات التفاعل التي كانت من المسلّمات، سواء كانت الذهاب إلى مكتب زميل لطرح سؤال أو اللقاء مع العميل وجهاً لوجه. وإن التحديات التي يفرضها العمل عن بعد تطفو تدريجياً على السطح ويعبّر عنها الموظفون في أنحاء العالم. لذلك، سيركز الاستثمار التكنولوجي على الأفراد- الموظفين، والعملاء المهمين في نجاح الشركة.

ومن أجل مواكبة عصرنا الحديث القائم على العمل عن بعد، ستظهر تقنيات جديدة تساعد العاملين على البقاء سعيدين ومتمتعين بالصحة والإنتاجية، مع تقديم تجارب أقوى للعملاء.

ويستحوذ الذكاء الاصطناعي على العناوين الرئيسية في أغلب الأحيان، لكن السحابة كانت البطلة الفعلية لعمليات الأعمال في عام الوباء. وبينما تستمر حالات الإغلاق المتقطع في المستقبل المنظور، يتضح أن الشركات ستعتمد أكثر فأكثر على التقنيات السحابية لتمكين الموظفين من العمل عن بعد، والإبقاء على قنوات العملاء مفتوحة.

على أي حال، يضم نموذج الأعمال السحابية المنفرد بعض العقبات. ويستمر غياب التكامل بين مختلف الأقسام ومنظومات البيانات في منع الشركات من بلوغ طاقاتها القصوى، كما تتأخر القرارات، بينما يتدافع الموظفون للعثور على البيانات التي يحتاجون إليها من أجل أسلوب عمل أكثر استقلالية. علاوة على ذلك، لا يزال العديد من الموظفين يكافحون للتأقلم مع بيئة العمل عن بعد، نتيجة ابتعادهم عن زملائهم، ويشعر الموظفون بالارتباك والافتقار للدعم، وليس لدى قسم الموارد البشرية مجال واسع للتدخل والمساعدة. ويظهر استطلاع رأي أجرته (Monster Poll) أن 69% من الموظفين يبلغون عن أعراض للإجهاد جراء العمل عن بعد. ومن دون وجود حلّ يلوح في الأفق، ستستمر المعنويات والإنتاجية والتعاون في التأثر بطريقة سلبية.

وتقود الأعمال الرقمية إلى تزايد مطالب العملاء، بينما يبدأ الموظفون في أرجاء العالم بفهم ما يحدث. إذ أصبح العملاء معتادين على الخدمات الرقمية بطبيعتها المريحة والفورية. فالقدرة على المنافسة في الوقت الحاضر تنحصر في توفير تجربة عميل جذابة- متخصصة وذكية وسريعة- على الرغم من غياب التفاعل الشخصي. ولأجل التميز على هذه الساحة، يتعين عليك أن تكون طموحاً في ما تقدمه للعميل من تجارب- وهذا يعني امتلاك معلومات فريدة عن العملاء.

* نائب رئيس قطاع الأعمال المتوسطة في سايج إفريقيا والشرق الأوسط

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"